العوضي لـ الجريدة: غياب سياسة وطنية من أهم المعوقات التي تواجه البحث العلمي في الكويت معهد الأبحاث يسعى إلى نقل وتطوير التكنولوجيا وتطبيقها
غياب سياسة وطنية للبحث العلمي... وتوفير الموارد المالية لعمل البحث العلمي... والتمويل... مسائل حيوية يعانيها البحث العلمي في الكويت.
قال المدير العام لمعهد الكويت للأبحاث العلمية بالوكالة د. نادر العوضي إن إقرار سياسة وطنية للبحث العلمي سيدفع بنشاط البحث العلمي إلى آفاق أكثر رحابة ويحقق لبرامج التنمية الوطنية انجازات أكثر، وسيؤدي إلى تعميق العمل العلمي وإثرائه. وأوضح العوضي في حديثه الخاص لـ «الجريدة» أن المعهد يسعى إلى نقل وتطوير التكنولوجيا وتطبيقها، مشيرا إلى أن التركيز سيكون بشكل أكبر على تكنولوجيا المعلومات والنظم المتكاملة باعتبارها أسرع الصناعات تطورا في العالم الآن، كما سيتم التركيز أيضا على مشروعات الطاقة البديلة والتكنولوجيا الحيوية في مختلف مجالاتها وسيكون هناك اهتماما كبيرا بتكنولوجيا النانو التي تعتبر تكنولوجيا المستقبل. وفيما يلي التفاصيل: • برأيكم... هل تهتم الدولة بالبحث العلمي من ناحية التمويل وتشجيع المؤسسات البحثية وتطويرها؟ - تبذل الدولة قصارى جهدها للنهوض بالبحث العلمي وتخصيص ميزانية مناسبة له في ظل ظروف الميزانية العامة للدولة وبالقدر الذي يسمح بالوفاء بمتطلبات المجتمع الأخرى، وتقوم الدولة بجهود كبيرة لتطوير النشاط البحثي في البلاد ودعمه، ولكن على القطاع الخاص أيضا مسؤولية في هذا الاتجاه، وفي تقديري فإن قضية التمويل يجب ألا تظل في إطار الحكومات فقط بل تتطلب مساهمة القطاع الخاص، وعلينا أن نفكر في خلق آلية لتطوير دور القطاع الخاص ومساهمته في هذا المجال وربطه بشكل ديناميكي بنشاط البحث العلمي، وآلية تبادلية تتيح للقطاع الخاص الاستفادة من نتائج البحث العلمي والمساهمة في تمويله، كما أن هناك دورا كبيرا ينتظر القطاع الخاص في هذا المجال إذا أراد النهوض والتطور. وإذا ما أراد هذا القطاع أن يطور منتجاته لتكون قادرة على المنافسة في ظل اقتصادات السوق المفتوح، فلابد له من الاعتماد على البحث العلمي واحتضانه وإحاطته بالرعاية المطلوبة. وعلى أي حال، التمويل الحالي لنشاط البحث العلمي ومشاريعه لا يلبي الاحتياجات الحقيقية ولا يحقق الطموحات المستقبلية، فرغم التمايز النسبي لدولة الكويت مقارنة مع بعض دول العالم الثالث، فإن نسبة الصرف على البحث العلمي في الكويت لم تتجاوز %3 من الدخل القومي، وهذا لا يكفي لإنشاء منظومة إبداعية للبحث العلمي. وأود أن أشير هنا إلى أن تمويل نشاط البحث العلمي وعملياته هي قضية مهمة ليس في الكويت وحدها ولكن في كل الدول العربية، وتكشف التقارير والدراسات عن تدني المخصصات المالية للإنفاق على البحث العلمي في الدول العربية إلى أقل من نصف في المئة من الدخل القومي، وهي نسبة لا تقارن بنظيراتها في البلدان الأوروبية المتقدمة ولا حتى بتلك الدول الآخذة في النمو مثل دول شرق وجنوب شرق آسيا. معوقات البحث العلمي • ما أبرز السلبيات التي يعاني منها البحث العلمي في الكويت؟ - كما ذكرت لك فإن قضية توفير الموارد المالية لعمل البحث العلمي تعتبر مسألة حيوية، وبالإضافة إلى قضية التمويل تأتي مشكلة تطبيق النتائج البحثية والاستفادة منها في تطوير الإنتاج وتحقيق التنمية للقطاعات كافة وهي واحدة من أكبر المشاكل التي تواجه مجتمعاتنا العربية، وبالنسبة لنا في معهد الأبحاث فقد عملنا على معالجة هاتين المشكلتين بتجربة رائدة وهي تطبيق الأبحاث التعاقدية، حيث اهتم المعهد بهذا الجانب لتوفير بعض من تكلفة الأبحاث، وضمان تطبيق جانب كبير من نتائج أبحاثه، فبدأ بالتعاون مع مؤسسات الإنتاج بإجراء أبحاث مشتركة تستفيد منها هذه المؤسسات. كما أن غياب سياسة وطنية للبحث العلمي تمثل واحدة من أهم المعوقات التي تواجه البحث العلمي في الكويت، فضلا عن تطبيق سياسة الإحلال بشكل لا يستوعب متطلبات العمل البحثي، خصوصا أن البحث العلمي ليس من الوظائف النمطية وبالتالي ينبغي أن ننظر إليه نظرة مغايرة للمؤسسات الخدمية والإنتاجية. وليس من شك أن إقرار سياسة وطنية للبحث العلمي سيدفع بنشاط البحث العلمي إلى آفاق أكثر رحابة ويحقق لبرامج التنمية الوطنية انجازات أكثر، وسيؤدي إلى تعميق العمل العلمي وإثرائه. • ما مستوى دولة الكويت في هذا المجال بالمقارنة مع دول منطقة الشرق الأوسط؟ - الكويت تحتل مكانة مميزة في نشاط البحث العلمي بين دول الشرق الأوسط، ويوجد بها عدد من المؤسسات التي تمارس البحث العلمي. ويعتبر معهد الكويت للأبحاث العلمية الجهة الرئيسية التي تتولى البحث العلمي التطبيقي في دولة الكويت، وهو من أوائل المؤسسات الوطنية، حيث تأسس عام 1967، وقد اكتسب المعهد خلال هذا التاريخ الطويل خبرة عميقة بالعملية التنموية في الكويت وبالمشكلات التي تواجه القطاعات الوطنية، وقد احتل المعهد، وفقا لتقارير دولية صادرة عن منظمة الأمم المتحدة، المرتبة الخامسة من بين خمسين معهدا علميا في دول العالم الثالث، وفي تقرير وضعته اليونسكو منذ عدة أعوام أشارت فيه إلى أن الأسلوب الذي اتبعته دولة الكويت من خلال معهد الكويت للأبحاث العلمية يعد الأمثل لتسيير أعمال البحث العلمي. • ما الجهات التي تستفيد من الأبحاث التي يقوم بها المعهد؟ - هناك العديد من الجهات التي تتعاون مع المعهد من اجل تحقيق الفائدة المرجوة في برامج التنمية، منها الحكومية والخاصة، إذ يتجاوز عددها الستون مؤسسة، ومن أهمها قطاع البترول والبتروكيماويات والطاقة وقطاع المياه وقطاع البيئة والزراعة، وتعتبر وزارات النفط والكهرباء والماء والأشغال العامة والصحة والهيئة العامة لشؤون الزراعة والثروة السمكية والهيئة العامة للبيئة وبلدية الكويت على رأس الهيئات التي تستفيد من أبحاث المعهد ودراساته العلمية. مستقبل البحث العلمي في الكويت • ما رؤيتكم تجاه مستقبل البحث العلمي في الكويت؟ - يسعى المعهد الى تحديد ووضع أسس التوجهات المستقبلية للسياسة العلمية والتكنولوجية في الكويت، ولقد ركز المعهد في الماضي على إنشاء قواعد معلومات شاملة في المجالات والتخصصات التي تتضمنها برامجه، ولقد نجح في ذلك وأصبح يمتلك قاعدة معلوماتية جيدة يمكن الاستفادة منها على كافة المستويات وفي مختلف المجالات. وحاليا يركز المعهد على التبني التكنولوجي للنتائج البحثية، ويسعى إلى نقل وتطوير التكنولوجيا وتطبيقها، وسيتم التركيز أكثر على تكنولوجيا المعلومات والنظم المتكاملة باعتبارها أسرع الصناعات تطورا في العالم الآن. كما يشمل التركيز أيضا مشروعات الطاقة البديلة والتكنولوجيا الحيوية في مختلف مجالاتها وخصوصا المجالات التي تهتم بزراعة الأنسجة والهندسة الوراثية والزراعة المائية، وسيكون هناك اهتماما كبيرا بتكنولوجيا النانو التي تعتبر تكنولوجيا المستقبل، حيث يعمل المعهد، في إطار تطوير نشاطه وإعادة رسم توجهاته المستقبلية، على صياغة برنامج بحثي يقود إلى توطين هذه التكنولوجيا واستثمارها من أجل التقدم الصناعي والاقتصادي والاجتماعي. علما بأن العديد من المصادر المطلعة تقدر تزايد عائدات منتجات تكنولوجيا النانو من نحو 13 مليار دولار في عام 2004 إلى 508 مليارات دولار عام 2010.