بعيداً عن شيوخ الحسبة!!

نشر في 15-02-2008
آخر تحديث 15-02-2008 | 00:00
 بسام عبدالرحمن العسعوسي

إن المرشح لمنصب رئيس ديوان المحاسبة يجب أن يكون أولاً نظيف اليد حسن السلوك والسمعة، وثانياً يجب أن يكون حسبما أظن شخصية تتمتع باحترام وتقدير جميع الأطراف والفئات، ولا يقل عن أقرانه ممن تبوأوا هذا المنصب.

لانزال نؤمن ونعتقد أن ديوان المحاسبة هو أحد الحصون والقلاع العتيدة التي لم تلوث أو تطلْها يد الفساد والعبث، بل لا أبالغ إنْ قلت إنّ الديوان يعد وبحق رمزاً للطهارة والعفاف، وأعلم تماماً أن رموز وأذناب الفساد يحاولون جاهدين دخول هذا المكان والانقضاض عليه بأي وسيلة كانت، وكلما لاحت الفرصة.

إن ما يثير الإعجاب يا إخوة ويولّد الشعور بالاعتزاز والفخر أن هناك رجالاً قد «صدقوا ما عاهدوا الله عليه» من أمثال السيد براك المرزوق والمرحوم الأستاذ فارس الوقيان، فأولئك الرجال قاتلوا قتالاً مريراً في سبيل بقاء هذا الحصن بعيداً عن الأمزجة والأهواء السياسية، وقد نالهم ما نالهم من ضرر وتشويه طال سمعتهم وذممهم.

إن سبب هذه المقدمة البسيطة أن هناك «طبخة» كبيرة ومعركة عظيمة تدور رحاها في الظلام الدامس وخلف الكواليس، وهناك أطراف في السلطة وخارجها تسعى جاهدة إلى تعيين رئيس للديوان يكون محسوباً عليها بعد انتهاء فترة عمل السيد المرزوق، والتي شارفت على الانتهاء... بل إن هناك هذياناً فعلياً وأسئلة كثيرة في هذا المضمار يتم تداولها باطراد وشغف بين فئات كبيرة في المجتمع، كلها تدور في فلك: من الرئيس القادم للديوان؟ ولأي جهة يتبع؟ وهل هو حكومي أم مستقل؟ وهل هو «إخونجي» أم «سلفي»؟ وهل رئيس البرلمان لديه اسم معين يرغب في تعيينه أم لا؟! وهل رئيس الوزراء لديه هو الآخر أحد يتمنى أن يكون في هذا الموقع؟ وهل سيتفق الرئيسان على تلك الشخصية أم لا؟!

مهما يكن الأمر فإن من يرشح لهذا المنصب يجب أن يكون أولاً نظيف اليد حسن السلوك والسمعة، وثانياً يجب أن يكون حسبما أظن شخصية تتمتع باحترام وتقدير جميع الأطراف والفئات، ولا يقل عن أقرانه ممن تبوءوا هذا المنصب... لأنه باختيار شخصية مرموقة ومحترمة لديوان المحاسبة سيوقف اندفاع ورغبة قوى الفساد والتآمر وكبح جماحها، فمهما بلغت هذه القوى واستخدمت من وسائل وألاعيب فإنها ستتحطم فعلاً على صخرة وصلابة رئيس الديوان ونظافة يده.

قصارى القول إن «التنبؤات» كثيرة وبورصة الأسماء في تزايد مستمر والأسماء التي سمعناها عديدة والرغبات جامحة في الانقضاض على هذا الصرح العظيم، ففي اعتقادي أن هذا المكان يكاد يكون الجهة الوحيدة الشريفة العفيفة في هذا البلد... فيا جماعة إنه بقليل من التدقيق وبكثير من الحكمة والتعقل، وببساطة شديدة وهدوء تام، وعلى جميع الحكماء والعقلاء وعلى «دولة» جاسم الخرافي شخصياً عبء بقاء هذا الصرح بعيداً عن الصراعات والتجاذبات السياسية، لأن من أفدح الأمور هولاً في قضايا السياسة أن تشوّه الأسماء والأماكن، ويتم اختيارها وفقاً للأمزجة والغايات... أما عن أمنيتي فإنني أتمنى أن يكون هذا المنصب بعيداً عن شيوخ الحسبة... فلا نريد أن نسير شرقاً وغرباً بل إن كل ما نريده هو السير إلى الأمام.

back to top