ماذا تعني سيطرة الإخوان على فلسطين؟ 2 من 2

نشر في 08-02-2008
آخر تحديث 08-02-2008 | 00:00
 د. مأمون فندي

نجاح الإخوان المسلمين في فلسطين ممثلين بحركة «حماس»، وتجرؤ هذه الحركة على انتهاك المحرمات في السياسة مثل ما حدث بين مصر وغزة، يعني «خربطة» إقليمية، وتسرب هذا الوضع إلى الداخل المصري يجعل الأمر أشد خطورة. فمصر تشهد اليوم معركة شرسة بين الحزب الوطني الحاكم وجماعة الإخوان المسلمين المحظورة، والمؤشرات الأساسية لنتائج هذه المعركة تسير لمصلحة الإخوان. لقد كان واضحاً في التداعيات الملتهبة التي أعقبت تصريح وزير الثقافة المصري فاروق حسني حول الحجاب، أن الإخوان داخل الحزب الوطني ربما أكثر من الإخوان داخل الجماعة المحظورة، وأن الإخوان اخترقوا كل أجهزة الدولة في مصر، وربما كانت الصحافة المصرية خير دليل على هذا الاختراق، ففي الصحف الحكومية المصرية تكون الصفحة الأولى والأخيرة للحزب الحاكم، بينما تبقى العشرون صفحة داخل كل صحيفة للإخوان، يجول ويصول فيها كتابهم ومنظّروهم ومروّجوهم. إن من يقرأ الصحافة المصرية اليوم لن تفوته ملاحظة أن مصر تعيش في حقبة الإخوان المسلمين.

في مصر، كما قال لي أحد أعضاء الحزب الوطني، «هناك حزب واحد، هو الإخوان المسلمون». الإخوان، وعلى مدى أكثر من ثلاثين عاما، قد تمكّنوا من الداخل المصري بشوارعه ومؤسساته وصحافته، ولم يبق يفصل بينهم وبين السلطة سوى القضايا الخارجية، وأولها قضية فلسطين. فإذا ما نجح الإخوان المسلمون في فلسطين، فسوف يضعون إخوان مصر على قمة الهرم السياسي المصري، وسوف نرى إسماعيل هنية يأتي إلى مصر قاصداً مكتب الإخوان المسلمين فرع القاهرة، بدلاً من لقائه مسؤولي الدولة المصرية، كما سنسمعه «هنية» يدافع من غزة عن إخوان مصر، مضفياً عليهم شرعية القضية الفلسطينية التي لا تقبل المساس في الذهنية العربية.

وإن اقتصر الأمر على هنية لكان هيّناً، فنبيل شعث نفسه، ذهب إلى القاهرة ليتفاهم مع المرشد العام للإخوان المسلمين في مصر، إذن، جماعة السلطة الفلسطينية يدركون أن خصومهم في «حماس» يدينون بالولاء لجماعة الإخوان المسلمين الأم في مصر، وأن ما يفصله الإخوان في القاهرة يلبسه الحمساويون في غزة.

إن احتلال الإخوان المسلمين لفلسطين «الرمز» لن يحرر فلسطين «الأرض»، قبل أن يخضع الإخوان العالم العربي كله للسيطرة الإخوانية، فأولوية الإخوان هي القضاء على العدو القريب «الدول العربية القائمة» لإعداد العدة لمواجهة العدو البعيد «إسرائيل».

ربما لهذا السبب، مهد إسحاق رابين في عام 1989 لظهور جماعة «حماس» بغرض إزاحة منظمة التحرير الفلسطينية بعيداً عن حلبة الصراع. إسرائيل أصبحت اليوم تعارض «حماس» لعلمها أن ذلك سيجعل من «حماس» معبودة الجماهير العربية، كل من تعاديه إسرائيل يصبح بطلاً في العالم العربي، وهي ليست غافلة عن هذه السيكولوجية العربية. تلك هي رؤية إسرائيل بعيدة المدى، كي تمنح نفسها ربما مهلة خمسين عاماً أخرى قبل أن يفرغ الإخوان من «تحرير» الدول العربية، ليلتفتوا بعد ذلك إلى تحرير فلسطين، وربما تصفية القضية الفلسطينية برمتها.

* مدير برنامج الشرق الأوسط في المعهد الدولي  للدراسات الاستراتيجية-IISS

back to top