خذ وخل: أصوات متعددة لوطن واحد 1-2

نشر في 15-10-2007
آخر تحديث 15-10-2007 | 00:00
 سليمان الفهد

لاحظت أن الصحف الجديدة تحفل بحضور نجوم الصحافة المخضرمين على صفحاتها، ولا تعبأ كثيراً باحتضان الشباب الصحفي المتسم بالقدرة والكفاءة، والرغبة في التطور والإتقان.

* حين صدرت الصحف اليومية الجديدة، كنت خارج البلاد، ولم تكن قد وصلت بعد إلى القاهرة وبيروت، ليتاح لي الاطلاع عليها، لكني فرحت جداً بصدورها، لظني أن إيقاع الحياة الصحفي في شارع الصحافة قد يتغير ويتطور نحو الأنفع الأرفع، كما نطمح ونتمنى! ذلك أن الصحف اليومية القديمة والوليدة ما هي إلا أصوات متعددة لوطن واحد.

والعبد لله يؤمن بشدة بأن حق الاتصال بات من حقوق الإنسان الأساسية، وصار غياب هذا الحق المشروع يشكل عيباً ونقصاً في نسيج الديموقراطية ومحتواها في أي بلد... إن كان ثمة ديموقراطية حقيقية تدب في حياته اليومية سلوكاً وفعلاً وممارسة!

من هنا تجد أن رخصة الحصول على إصدار أي وسيلة اتصال كانت في متناول المواطنين كافة في الدول ذات الديموقراطية العريقة!

والمؤسف جداً هو اضطرار العديد من ناشري الصحف العربية إلى اللجوء إلى البلاد الأوروبية للحصول على حق الاتصال. وأي صحفي يسعده صدور صحيفة جديدة في بلده، لاعتقاده أنها ستثري فضاء الاتصال بالاخبار والمعلومات والآراء، إضافة إلى أنها ستضخ فيه دماءً جديدة ريانة بالعافية الإبداعية المرجوة، وقد تفضي -كذلك- إلى تطوير الصناعة الصحفية في سائر مناحيها.

* فخريجو كلية الإعلام المبدعون الواعدون سيجدون في الصحف الجديدة مجالاً رحباً يحتضن الصحافيين الواعدين منهم، ولو كنت أحد ناشري هذه الصحف لبادرت تواً بتعقب طلاب السنة الأخيرة، توسلاً لمعرفة الصحافي الذي يتأبط بشارة الوعد والأمل والطموح.

ولا أجادل في أن العديد منهم (من الجنسين) يستأهلون الانضمام إلى بلاط صاحبة الجلالة مباشرة، بمنأي عن الواسطة وغيرها من مثالب هذا الاختيار التي يعرفها الجميع!

في أحايين كثيرة: اقرأ رسائل لقراء أحسبها تضاهي، إن لم تبز، مقالات العديد من مقالات كتاب الزوايا والتكايا، بمن فيهم العبد لله نفسه! الأمر الذي يشي بأن بلادنا حبلى بالمبدعين الواعدين الذين يبحثون عن احتضان سريع، كي لا يطول مخاض ولادتهم، أو لا يحدث البتة... ولو بعملية قيصرية!.

وقد لاحظت أن الصحف الجديدة تحفل بحضور نجوم الصحافة المخضرمين على صفحاتها، ولا تعبأ كثيراً باحتضان الشباب الصحفي المتسم بالقدرة والكفاءة، والرغبة في التطور والإتقان، بتقادم الخبرة والمران. صحيح أن التسابق على حضور الكتاب «الشياب» المخضرمين من حظنا، وقد يفضي إلى زيادة «أسهمنا» في بورصة شارع الصحافة، لكن سعادتنا تكتمل، حين تقترن بالاحتفاء بالصحفيين الشباب من خريجي كلية الاعلام... وغيرها! فليس بالضرورة أن يكون الصحافي الواعد من خريجي الكلية..! فثم العديد من نجوم الصحافة في الأقطار العربية لم يتعلموا الصحافة قط، كما أن مهنهم السابقة، واختصاصاتهم بعيدة كل البعد عن مهنة الصحافة ومجالها... ومع ذلك صاروا كواكب ونجوما لامعة في فضاء الاتصال بأنواعه كافة.

منذ أيام قرأت مقالة آسرة، شدتني من السطور الأولى، وحرضتني على أن أقرأها باحتشاد كامل!

والكاتبة لابنة أخي «نوال فؤاد ملاحين» ولعلها تكتب مقالة للمرة الأولى، فضلا عن أن تخصصها الجامعي لا يمت إلى الأدب ولا إلى الصحافة بصلة! ومع ذلك كله؛ فقد كانت مقالتها بليغة، وشفافة، وشديدة الصدق لكونها «طالعة من جوه» القلب، ومصوغة بمداد من الدموع والدماء، ومسطرة على ورق ينضح بحزن المعوزين، ويصرح لآلامهم العديدة، ويستصرخ القلوب الرحيمة لنجدتهم ومساعدتهم، وشعرت وأنا أتأمل مقالتها أني أشاهد فيلماً سينمائياً وثائقياً صور للقارئ الحياة اليومية لقاطني «مخيم برج البراجنة» المسكون بكل أوجاع الحياة ومكابدتها! والرسم بالكلمات لا يقل شأناً ولا تأثيراً عن الصورة المتحركة.

وأشك أن أحداً بادر بالاتصال بها للكتابة في إحدى الصحف والمجلات، أقول ذلك لأنهم اتخذوا الموقف السلبي ذاته، مع زميلتها الكاتبة الصحفية الواعدة «علا حسني منصور» التي أزعم أنها ولدت كاتبة من أول مقالة نشرت لها، وهي لمن لا يعرفها كريمة الزميلة الأديبة «ليلى العثمان»... وقد تكون شهادتي في الاثنتين مجروحة، لكن الذي يعزيني في هذا السياق يكمن في أن إبداعهما في صياغة المقالة الصحفية، هو الذي يشهد لهن ويزكيهن!

*وما دمنا في معرض التمني و«فانتازيا» التفاؤل؛ فإني آمل أن ينصف الزملاء الصحفيون المنعوتون بـ«البدون» لأن العديد من الناشرين يكدونهم ليل ونهار، كما عمال التراحيل في مصر المحروسة، ومن ثم يمنحونهم المقسوم الشهري الذي لا يثمن جهدهم وإبداعهم بمكافأة وأجر عادلين! فمن نافل القول إن هؤلاء الزملاء المظلومين، تضطرهم ظروفهم القسرية التي نخبرها جميعنا! وأحسب، بل أجزم، أن الكيل بمكيالين في هذا الصدد يشين بلاط صاحبة الجلالة ويدينها... رغم حصانتها المتشحة بعباءة مرقعة.

back to top