تقرير إخباري برنامج عمل الحكومة في مهب الريح من دون إعادة تبويبه وربطه بجدول زمني توزيع أبواب البرنامج على اختصاصات اللجان البرلمانية للمتابعة خطوة عملية وضرورية
عادت قضية برنامج عمل الحكومة لتحتل الجدل السياسي مرة أخرى بعد الانتقادات اللاذعة التي وجهت للبرنامج في الجلسة الأخيرة لمجلس الأمة، والصفات التي وصفت بها مادة وخطط البرنامج بأنها «إنشائية» و«أضغاث أحلام» لن تجد لها سبيلا الى التطبيق، ومشكلة برنامج عمل الحكومه وآلية تطبيقه ومدى التزام الوزراء وأجهزة الدولة به هي مشكلة مستمرة أكدت وجودها التجارب التي مرت بها البلاد مع كل فصل تشريعي جديد وتشكيل حكومة، وهي ـ كما يرى سياسيون ومهتمون بالشأن السياسي من كافة التخصصات ـ معضلة تتعلق بسلبيات النظام الديموقراطي الكويتي وعيوبه البنيوية المتعلقة بآلية عمل السلطات وطريقة تشكيلها.
لعبة تسجيل النقاطوفي ضوء تعسّر أو استحالة إدخال تعديلات جذرية على طريقة تشكيل الحكومة وتماهيها مع نظام الأغلبية والأقلية في البرلمان في الوقت الحالي والمستقبل القريب، فإن البلد بحاجة إلى ابتكار وتبني حلول عملية وسريعة حتى لا تضيع في جدل عقيم واستغلال سياسي في دوامة التنازع النيابي ـ الحكومي ولعبة تسجيل النقاط المتبادلة بينهما، فمحصلة التجربة جلية بأن أيا من البرامج المتواترة للسلطة التنفيذية لم تحقق أهدافها طوال العقود الثلاثة الماضية ومسؤولية ذلك محل لتبادل الاتهام بين الحكومة ومجلس الأمة، دون أن يستفيد البلد أو يحدد المسؤول الفعلي وان كانت الحكومة هي المعنية بتنفيذ برنامجها ولكنها تحدد أسبابا أحيانا وجيهة بمشاركة النواب في تلك المسؤولية وتعطيل برامج عملها. آلية جديدةولو وضعنا الجدل وحديث الاتهامات المتبادلة المستمر جانبا، وبحثنا عن حلول عاجلة في ظل غياب الحلول الرئيسية والجذرية ، فإن الاتفاق على آلية جديدة هي واجب ومهمة ضرورية والتي سبق أن طرحت في مجلس الأمة 1996 بربط برنامج الحكومة ببرنامج زمني ومراحل تنفيذية تقدم خلال كل مرحلة منها تقارير عما أنجز وما تعطل انجازه وأسباب ذلك التعطيل والجهة المسؤولة عنها، ورغم تكليف لجنة برلمانية في تلك الفترة بمتابعة برنامج الحكومة إلا أن المهمة لم تكتمل ولم تنجز في حينها وانتهت بحل المجلس في مايو من عام 1999.برنامج زمنيإن إعادة إحياء اقتراح ربط برنامج عمل الحكومة ببرنامج زمني للتنفيذ، واعادة تبويب البرنامج لكي يتم توزيعه على اختصاصات اللجان البرلمانية وفقا لاختصاصاتها، وتكليفها بمتابعة تنفيذ برنامج عمل الحكومة وفقا لتلك الاختصاصات وتقديم تقارير دورية بهذا الشأن ستكون الوسيلة الأنجع، وعندها يمكن للجميع هنا أن يطلع على مصداقية السلطتين ومدى التزامهما حقا بتحقيق انجاز للبلد في هذه المرحلة التي يسودها اللغط وتستعر فيها المطالب وتتعدد أيضا فيها الرؤى لمستقبل الكويت دون أن تكون هناك مبادرة وطنية يتجمع الكويتيون حولها، ودون ذلك ستضيع الثلاث سنوات المتبقية من الفصل التشريعي الحالي ومن عمر الحكومة المفترض في الجدل والمطالب وصراع الأولويات وتبادل الاتهامات عمّن يعطل الإنجاز في البلد دون طائل.