نائبة متدربة في مجلس الأمة!

نشر في 22-04-2008
آخر تحديث 22-04-2008 | 00:00
 حمد نايف العنزي * هل وجود المرأة «ضروري» في مجلس 2008؟

لو وجهت هذا السؤال لعشرة رجال، لقال لك ثمانية منهم على الأقل وبشيء من الحدة: «طبعا غير ضروري، لا لهذا المجلس ولا لأي مجلس مقبل»، «مال المرأة ومال السياسة؟»، «المرأة مكانها البيت تهتم بزوجها وتربي أولادها، أما السياسة فقد خلقت للرجال»، و«الرجال وحدهم من يفهم السياسة ويعرف دهاليزها»، «بلا نائبة بلا مجلس بلا بطيخ»!

ربما كان هذا ما يعتقده أكثر الرجال في الكويت، فمن الواضح أنه ليس هناك قناعة «رجالية» بقدرة المرأة على التمثيل البرلماني. حسناً، فما بال النساء وهن اللاتي يفوق عددهن كناخبات أعداد الرجال، لا ينتصرن لأخواتهن المرشحات في الانتخابات البرلمانية؟!

أسباب عديده وغريبة أحياناً، ربما لأنهن غير مقتنعات بجدية مشاركة المرأة في العمل السياسي، أو ربما لأن كثيرا منهن يجهل الدور الحقيقي لنائب مجلس الأمة: «أليس ذاك الذي يخلص معاملاتنا ويتوسط لنا، إذن فالأفضل أن يكون رجلاً ليتعامل معه الرجال، فهم أدرى بمثل هذه الأمور»!

أو لعل بعض الغيرة والحسد تلعب دورها في الأمر: «أهذه التي تريد أن تصبح نائبة، مالت عليها وعلى مَن ينتخبها»!

في انتخابات 2006 خاضت المرأة أول تجربة انتخابية «مأساوية»، وكانت النتائج مخيبة للغاية، فقد تذيل أكثرهن المراتب الأخيرة بجدارة، ولم يكن في الأمر مفاجأة، فقد كان أمراً متوقعاً من مجتمع لم يعتد بعد على المشاركة السياسية للمرأة.

وفي الانتخابات الحالية لا تبدو المؤشرات في مصلحتها أبداً، وعلى الأرجح فإن المشهد الختامي لن يتغير كثيراً، والمقاعد الأخيرة محجوزة سلفاً لأغلبية العناصر النسائية، لأن أغلب المرشحات الحاليات يفتقد للكاريزما السياسية والاجتماعية، وليس لأكثرهن تاريخ نضالي في القضايا النسائية أو الاجتماعية، وهو أمر مهم في تصوري للمرأة الأولى التي ستدخل البرلمان، تخيلوا معي لو أن اسما ناصعاً كـ«أوراد جابر الأحمد» طُرح كمرشحة لمجلس الأمة، مع ما عرف عنها من مناصرة لقضية البدون، وعملها الدؤوب من أجل نيلهم لحقوقهم منذ سنوات من دون كلل أو ملل. رأيي في ذلك، أن فرصتها لحصد الأصوات ستكون كبيرة، من جانب النساء على الأقل!

من الواضح أن المرأة في صراعها الانتخابي الحالي تحارب على جبهات عدة، ولوحدها من دون دعم من أحد، فالقبيلة ترفض مشاركتها، بل تعتبره «عاراً» يُتبرأ منه أحياناً، وقد تم استبعادها من الفرعيات بكل أريحية ودون اعتراض من أحد حتى من النساء أنفسهن، والتيارات الإسلامية تعتبر نيابة مجلس الأمة «ولاية عامة»، وهو أمر يناقض الشرع من وجهة نظرها، إلا أن رفضها لها كمرشحة لا يمنع من «تملقها» كناخبة، وبقية الكتل والتجمعات ترفض التحالف معها لأنها تشكل ورقة خاسرة بالنسبة لها، ويستثنى من ذلك التحالف الوطني الديموقراطي الذي ضم الدكتورة أسيل العوضي كأحد ممثليه في الانتخابات المقبلة!

* والحل ؟!

هناك حلان: الأول، «التحالف النسائي» أي تحالف مرشحتين أو أكثر بالدائرة نفسها، وهو أمر جيد لكنه لن يغير من الأمر كثيراً، بالطبع سيزيد من عدد الأصوات، لكنه لن يؤدي إلى العدد المطلوب للنجاح على الأرجح!

الحل الثاني، هو «الكوتا» الذي سيواجه باعتراضات رجالية عاصفة، لأنه سيكون على حساب أولئك المرشحين للفوز، وستكون مشكلة استقطاع المقاعد من الدوائر مشكلة عويصة، لأن بعض الدوائر تشتكي أصلاً من الإجحاف في عدد مقاعدها مقارنة بكثافتها السكانية!

ورأيي الشخصي هو أن يتم عمل كوتا «مشروطة» يتم من خلالها منح خمسة مقاعد إضافية فوق الخمسين مقعداً المقررة للمجلس، لشخصيات نسائية بارزة ومشهود بكفاءتهن، يحق لهن القيام بعمل النواب التشريعي والرقابي، من دون أن يكون لهن حق التصويت على القوانين لتجنب انحيازهن إلى الحكومة، ولأن وجودهن لم يأت بالآلية الانتخابية، أي أن تكون بمنزلة نائبة بصفة «متدربة»، وبذلك يتاح لهن إثبات وجودهن من خلال نشاطهن التشريعي والرقابي بالدورة الحالية، وتكون فرصة لتقييم أدائهن من قبل الناخبين والناخبات، لعل القناعات تتغير في الانتخابات المقبلة عام 2012، هذا ما لم يحدث تأزيم آخر، ويُحل المجلس قبل ذلك بكثير!

back to top