الأسماء الغريبة... خطأ الآباء يدفع ثمنه الأبناء

نشر في 22-11-2007 | 00:00
آخر تحديث 22-11-2007 | 00:00

جهلان، خيشة، تفيدة، عزرائيل، العفش... كلها نماذج لأسماء غريبة يطلقها بعض الأهل على أبنائهم في المجتمع المصري وفي المجتمعات العربية كافة. لكِ أو لك أن تختار لنفسك اسماً من بين تلك المذكورة سابقاً وتتصور كيف سيكون شعورك. من المؤكد أنه جحيم لا يطاق وأزمة دائمة تسبب الأذى.

قيل إن لكل أمرئ من اسمه نصيباً فإذا صح هذا التعبير ما هو نصيب من كان اسمه «حيطة» أو «بخيتة» أو «عزرائيل» وغيرها من الأسماء الغريبة والشاذة التي يطلقها الآباء على أبنائهم وتلتصق بهم طوال العمر. قد تكون محلاً سخرية أحياناً واستغراب وتحقير أحياناً أخرى. ربما يكون التخلف والجهل هما السبب لكن يبقى الاسم الغريب في كل الأحوال عبئاً على صاحبه، فيصبر عليه إلى أن تحين الفرصة لتبديله وقد يحتاج الأمر إجراءات طويلة ومعقدة. وشهدت الآونة الأخيرة ظاهرة باتت واضحة في المحاكم المصرية وهي طلبات ودعاوى خاصة بتغيير الأسماء الغريبة والشاذة التي تعرض أصحابها عادة إلى مواقف طريفة وسخيفة.

البيئة والجغرافيا

حول تفسير علم الاجتماع لظاهرة الأسماء الغريبة والظروف المرتبطة بها ومبرراتها تقول أستاذة علم الاجتماع في جامعة القاهرة أميمة عبد الحميد: «إن الأسماء والألقاب كثيراً ما تحمل دلالات معينة تبعاً للموقف الجغرافي والبيئي. وتختلف أسماء أبناء قرى الصعيد مثلا عن أبناء البادية، فأسماء ناعسة وجميلة ودلال تحمل معاني الجمال في الريف بينما سلمى وسالم وعواد أسماء بدوية. وقد يكون الخوف من الحسد وراء تسمية خيشة أو أبو دقة أو محروس أو درويش. في المقابل يسمي بعض الناس أبناءهم بأسماء أولياء الله الصالحين وآل البيت تيمناً بهم مثل أسماء محمد وأحمد وحسن وحسين وأم كلثوم وزينب.

وتشير عبدالحميد إلى أن أسماء الأبناء تعبر غالباً عن اهتمامات الآباء، فالمهتمون بالشؤون الدينية تكون أسماء أولادهم مستوحاة من الدين بينما المهتمون بالتاريخ يسمون أحمس وزوسر وأوزوريس وكليوباترا والمهتمون بالطبيعة يسمون داليا وياسمين وشيرين وفلة ونيفين، أما المحامون فيسمّون براءة وقضية وحكمت. كذلك قد تشكل مناسبة معينة حافزاً إلى تسمية الأبناء تيمناً بها فنجد أباً يسمي أولاده عبد الناصر أو القذافي أو الأسد أو فيصل أو النميري أو الصباح أو عبد الله أو طلال أو السادات، كما يسمي البعض أبناءهم وفق أسماء لاعبي الكرة البارزين مثل الخطيب وحسن شحاتة وفاروق جعفر وميدو وحسام حسن وبركات وأبو تريكة أو مارادونا أو رونالدو أو رونالدينو وغيرهم».

وتشير د. عبدالحميد إلى أن موضوع الأسماء الغريبة كان ينتشر في السابق أكثر من الآن نتيجة تخلف المجتمع وضعف الثقافة ونتيجة الاعتقاد السائد أن الأسماء الغريبة يمكن أن تحمي الأبناء من الموت خصوصاً أن نسبة الوفيات كانت تسجل ارتفاعاً متزايداً، فتكون النتيجة عبئاً على الأبناء الذين يعانون طوال حياتهم من الكآبة ويضطرون إلى محاولة تغييرها حين يكبرون.

تأثير العلاقة الزوجية

من ناحيتها تقول رئيسة قسم الاجتماع في جامعة عين شمس سامية الساعاتي: «يعتبر الإسم أول صفة اجتماعية مميزة للطفل تؤثر في حياته وشخصيته. قد يحمل الاسم آثاراً سلبية ناتجة عن سوء العلاقة بين الزوجين أو عن سيطرة أحدهما على الآخر وفرض التسمية التي يرتئيها هو مناسبة بغض النظر عن رغبة الشريك، أو على العكس قد يعكس اختيار اسم المولود مدى الحب بينهما».

وتوضح د. السعاتي أن معظم الآباء لا يفطنون إلى خطورة أن الشعور ببشاعة الإسم وبرفضه قد يدفع الشخص إلى الانعزال عن المجتمع وإلى الخوف من عدم قبوله من الآخرين لا سيما في حالات التقدم إلى وظيفة معينة.

وجهة نظر القانون

كيف يتعامل القانون مع طلب البعض تغيير أسمائهم الشاذة وما مدى إمكانية تحقيق ذلك ومشروعيته؟ يجيب مصدر مسؤول في مصلحة الأحوال المدنية رفض ذكر اسمه: «الاسم في القانون حق لصيق بشخصية صاحبه لا يشترط فيه سوى أن يتفق مع النظام العام والآداب. إن تغيير الاسم ليس بالأمر المستحيل لكنه يحتاج إلى بعض الوقت والإجراءات التي تضمن عدم إهدار حق الدولة أو الأهل، لا سيما أن القليلين يلجأون إلى تغيير الاسم بغرض التهرب من الخدمة العسكرية أو الخدمة العامة أو الاستئثار بميراث أو حرمان إخوة منه أو حالات إشهار الإفلاس، الأمر الذي يستلزم الكشف الجنائي أو السياسي عن صاحب الاسم قبل التغيير. ويوضح الشخص نفسه أن التقدم بطلب لتغيير الاسم يحق لصاحبه فحسب، بمعنى أن لا يجوز لشخص، حتى لو كان يحمل توكيلاً، أن يغير اسم زوجته أو والده أو شقيقه. ويضيف المصدر: «إن قاعدة اختيار الأسماء في اللغة العربية تفيد بأن الأسماء لا تعلل لكن قد تكون لها ارتباطات دينية وثقافية وبيئية وإقليمية وتاريخية ومعان ودلالات معينة, مشيراً إلى أن النساء والأطفال يتمتعون بالنصيب الأكبر من تغيير الأسماء.

back to top