جاذبية سري في فانتازيا من الحياة صراعات الشارع المصري وهمومه
تدهشك الفنانة التشكيلية المصرية جاذبية سري بأسلوبها الراقي في رصد العلاقات الإنسانية والحياتية للناس والمجتمع في معرضها رقم 70، ضمن سلسلة معارضها الخاصة في قاعة الزمالك للفنون في القاهرة. مهمومة دائماً بالبشر دونما رتابة أو تكرار يمكن أن تلمحهم متسربين رغما عنها في أعمالها.
تعتبر جاذبية سري من أشهر الأسماء في تاريخ الفن المصري الحديث وإحدى الفنانات القديرات اللواتي ينتمين إلى الجيل الثاني بعد الرواد، إذ بدأت تجربتها الفنية منذ منتصف أربعينات القرن الماضي. على الرغم من بلوغها الخامسة والثمانين إلا أنها ما زالت تدهش محبيها ومتابعي فنها بالتحولات الفنية المتمردة من عام إلى آخر.تقول عن معرضها: «إنه استمرار لتوجهاتي واهتمامي بالناس والأشخاص وبالحالة العامة التي يعيشها الشارع المصري راهنا». تضيف: «كل ما أفعله هو التأمل، ثم اجترار هذه التأملات وترجمتها إلى ألوان وخطوط ومساحات، لذلك سميت المعرض «فانتازيا من الحياة» لأن الأعمال المعروضة هي من وحي الحياة والصراعات المحتدمة بين الناس». تقدم جاذبية في هذا المعرض حوالى ثلاثين لوحة بتقنية الأكريليك والزيت تتميز بتقاطعات وتداخلات لونية شفافة من دون إغفال الضوء الذي بدا منعكسا على درجات اللون الزاهية والساخنة من خلال مساحات صغيرة أضفت على اللوحات دفئاً. ربما تحاول التأكيد هنا أو هناك على بعض العناصر ما أكسب الأعمال بعض الحركة، بفعل هذا العناق بين الخطوط على مساحة اللوحة وتداخلها بعفوية وطلاقة ومن دون تكلف أو حسابات مسبقة, نابضة بسخونة الحركة وشفافية اللون.نضارةفي معظم اللوحات تتدفق الأشكال وتتداخل بحيوية على السطح، في وحدات فنية لاهثة أحيانا ومضطربة أحيانا أخرى. كذلك يؤدي الخط دورا حاسما في تحديد ماهية الأشكال وتميزها..بينما يسترخي إلى أسفل اللوحة بهدف إعطاء انطباع مباغت بالعمق، يُبرز في الوقت نفسه بتعرجاته وتموجاته نضارة الفرشاة وعفويتها، ويضفي على اللوحة طاقات متعددة ورنيناً خاصاً يشبه رنين الأقواس الموسيقية. تبلغ مغامرة جاذبية ذروتها في مقدرتها على إثارة حوار مشع بين اللون والخط، فكلاهما يؤكد حضور الآخر ويحتويه من دون أن يتوارى اللون في الخلفية كغلالة ضوء ولا يستمد قوته من نسيج الخامة الصبغية بعجائنها المختلفة وإنما من قدرته على الحوار وخلق أعماق ومسارات غير متوقعة ما يجعل مفردات جاذبية اللونية، بصفائها ودكانتها، مسكونة دائما بشهوة المرح وشقاوة محببة تسيل بطفولة على لوحاتها, حيث نوافذ النور وحواجز تعترضه، لكنه اعتراض راقص ولعوب مسكون بفانتازيا ناعمة، تؤكد أن الأشكال تتوالد وتتصارع وتتحاور ليس عبر صورتها المستوحاة من نسيج الألوان والخطوط في اللوحات فحسب وإنما من حقيقتها في الواقع والحياة.نبذة* مواليد عام 1925* تخرجت في كلية الفنون الجميلة في القاهرة عام 1949* عملت أستاذة لفن التصوير في جامعة حلوان والجامعة الأميركية في القاهرة.* نالت جوائز عالمية ومحلية كثيرة.* اختارها متحف المتروبولتان في نيوريوك ضمن عشرة فنانين من العالم الإسلامي وخصَّص موقعا لأعمالهم في المتحف.