مرض مسلم... وموت الضمير!

نشر في 24-07-2007
آخر تحديث 24-07-2007 | 00:00
 سعد العجمي

لأنه مدافع شرس عن الدستور، استهدفوه، وكونه مقاتلاً ومدافعاً عنيداً عن المال العام والمكتسبات الشعبية، حاولوا التشكيك في ذمته، ولم يدركوا أنه لو كان هناك مستمسك على هذا الرجل، لكان غيرهم، وهم الأقوى والأكبر نفوذاً، قد سبقوهم إليه، لإسكاته.

حتى وهو على فراش المرض لم يسلم من نفث سمومهم، شككوا في مرضه وقالوا إنه ادعى المرض لأسباب ليس لها وجود إلا في عقولهم السقيمة... تناقلت وكالات الأنباء والفضائيات خبر دخوله المستشفى، وزاره رئيس المجلس ورئيس الحكومة، في وقت كانوا هم يمارسون في أعمدتهم وزواياهم تقطيع ما تبقى من أوصال أمانة الكلمة وشرف المهنة.

أعتقد أن الصور التي نشرتها صحف الأمس عن تزاحم أهل الكويت للاطمئنان عليه قد ألجمتهم، وكشفت مدى ما يتمتع به من حب وعشق في قلوب الكويتيين، هناك وجدت عند زيارتي له، الحضر قبل البدو، الشيعة قبل السنة، أبناء الضاحية والشويخ قبل أبناء الجليب، وجدت الكويت التي أريدها، كويت الماضي وأهلها، لا الكويت التي يسعون إلى تشكيلها وفق مبدأ الفئوية والقبلية، الذي يحقق أهدافهم ويختصر طريق أحلامهم للاستحواذ والانفراد بمقدرات البلاد.

قد يتفق مع نهجه وأسلوبه كثيرون، وقد يختلف عليه مثلهم، لكن مسلم البراك كان ومازال، وسيبقى، واحداً من أشهر رموز العمل البرلماني في تاريخ الحياة السياسية الكويتية. ولأنه مدافع شرس عن الدستور، استهدفوه، وكونه مقاتلاً ومدافعاً عنيداً عن المال العام والمكتسبات الشعبية، حاولوا التشكيك في ذمته، ولم يدركوا أنه لو كان هناك مستمسك على هذا الرجل، لكان غيرهم، وهم الأقوى والأكبر نفوذاً، قد سبقوهم إليه، لإسكاته وإخراسه، على اعتبار أن البراك كان شوكة في خاصرة كثير من الحكومات المتعاقبة.

مازلت أتذكر ذلك الموقف، وكأنه حدث بالأمس، وقتها كان البراك وعلي الراشد يتحدثان في ندوة «شهيرة» أقيمت في منطقة بيان، بعد أسبوع من تجاوز وزير المالية الأسبق محمود النوري لجلسة حجب الثقة عنه، حينها وقف ذلك المواطن أمام الجميع، وقال بلهجته الأصيلة الخالصة «يا مسلم أنا ريال عمري 65 سنة، وأمي للحين عايشة وكل يوم تدعي لك، ولما عرفت أني ياي لك بهالندوه، قالت لي سلم على أبو حمود وقوله: انشهد أن أمك يابت ريال». ترى ما الذي جعل تلك الكويتية المسنة تحرص على إيصال هذه الرسالة لنائب ليس في دائرتها، ولا تربطه بها علاقة لا من بعيد ولا من قريب. إنه إحساس المواطنة ومفهوم الانتماء الحقيقي الصادق، الذي لا يحسه «بعضهم»، بل إنهم يحاولون قتله ووأده، لأنه إحساس يزعجهم.

عموماً، ليستمع «ضمير الأمة» و«صوت الشعب» الى نصيحة سمو رئيس مجلس الوزراء ويرتاح قليلاً، ليعود أقوى مما كان، كما هي حال المحاربين بعد كل استراحة، لأن البراك في نظرنا لم يمرض، فمَن مرض هم «أعداء الشعب»، أما ضمير بعض «كُتاب الأمة» فإنه قد مات.

back to top