هل يفعلها جورج بوش؟

نشر في 07-03-2008
آخر تحديث 07-03-2008 | 00:00
 د. مأمون فندي كل المؤشرات في المنطقة، من تحركات حاملات طائرات إلى الضغط السياسي الدولي وقرارات مجلس الأمن، تشير إلى حتمية المواجهة بين أميركا وإيران، كما أن المعادلة الأميركية الداخلية قد تحتم هذه المواجهة إن كان الجمهوريون يريدون الاحتفاظ بالبيت الابيض. السؤال الكبير اليوم هو: هل يفعلها جورج بوش قبل أن يغادر البيت الأبيض؟

هناك مجموعة ظروف موضوعية داخل إيران تحكم السلوك الإيراني، وكذلك ظروف إقليمية تحكم سلوك دول الجوار، وظروف عالمية كان آخرها قرار مجلس الأمن بفرض عقوبات على إيران، كما أن هناك ظروف الانتخابات الأميركية التي تحكم سلوك واشنطن.

المؤشر الأول هو، قرار مجلس الأمن الذي انتهت فيه (المباراة) بـ 14/ صفر لمصلحة أميركا ضد إيران. حتى الروس، أصدقاء إيران، صوتوا لمصلحة واشنطن. كلنا يتذكر قراراً آخر لمجلس الأمن كانت نتيجته 14/ صفر أيضاً، وهو القرار الذي سبق الحرب على نظام صدام عام 2003.

ربما لا تكون المواجهة بين أميركا وإيران مباشرة، السيناريو الذي سينفذ قد يشبه إلى حد كبير عملية اغتيال عماد مغنية في سورية. لقد تم الاغتيال ولم يُعرف حتى الآن مَن الذي قام بالعملية، هل هي إسرائيل أم أن الأميركيين استخدموا العراقيين في سورية لتنفيذ هذه العملية؟ الفكرة هنا هي أن تحدث ضربة لكل المفاعلات النووية في إيران وكذلك مواقع التحكم والقيادة الخاصة بالحرس الثوري الإيراني، من دون أن نعرف مَن قام بالضربة: إسرائيل أم أميركا؟

موضوع إيران أصبح اليوم وسواساً بالنسبة لإدارة الرئيس الأميركي جورج بوش، وبالنسبة للحزب الجمهوري عموماً. هناك ثلاث مدارس تتصارع في واشنطن حول كيفية التعامل مع إيران ما بعد التخصيب. المدرسة الأولى هي مدرسة قانونية بحتة، تتعامل مع إيران من خلال مدى التزامها باتفاقيات عدم انتشار الأسلحة (NPT)، وهذه المدرسة تنقسم إلى رأيين يتمحوران حول تفسير مسألة التخصيب، فهناك مَن يرى أن من حق إيران أن تخصب طالما لم يصل الأمر إلى التسلح، وهناك مَن يرى في التخصيب إخلالاً بالتزامات إيران بالمعاهدة ولذا يجب على المجتمع الدولي أن يتحرك، وهذه المدرسة ما زالت نشيطة وهي التي أوصلت إلى قرار العقوبات ضد إيران في مجلس الأمن.

أما المدرسة الثانية في التفكير الأميركي، فهي المدرسة الواقعية التي ترى أن التخصيب في حد ذاته هو أمر طبيعي، وأن معظم الدول سيسعى إلى ذلك طالما أن لديها إحساسا بالتهديد من دول الجوار، وأن إيران ترى بأنها ليست أقل من جارتيها؛ الهند وباكستان. هذا الإحساس بالتهديد يجعل الدول كلها تقريباً تسعى إلى السلاح النووي كخيار، وإذا ما نظرنا إلى حالتي الهند وباكستان سنجد أن باكستان قامت باختبارها النووي بعد شهر فقط من الاختبار الهندي، فإذا ما قالت باكستان إن قنبلتها هي رد على قنبلة الهند، فهذا بالتأكيد ليس صحيحاً، لأنه ليس من الممكن لباكستان أن تنتج قنبلة في شهر! المؤكد هو أن كلا من إيران وباكستان كانتا تسعيان للتسلح النووي منذ زمن وذلك نتيجة لإحساسهما بالتهديد. هذا الوضع مفهوم بالنسبة للمدرسة الواقعية، التي تضع مخاوف إيران موضع الاعتبار، وتؤمن هذه المدرسة بالردع كسياسة للتعامل مع إيران أو مع غيرها.

المدرسة الثالثة في التفكير الأميركي، وهي المسيطرة، هي المدرسة التي تنظر إلى السلاح النووي من منظور قيمي، بمعنى أن السلاح النووي مع إسرائيل أو مع الهند هو أمر مقبول لأنها دول ديموقراطية ولن تستخدم هذا السلاح بشكل عشوائي غير مسؤول، لكن السلاح ذاته مع باكستان أو إيران سيكون أمراً مقلقاً، لأنهما دولتان غير ديموقراطيتين، وربما لأنهما أيضاً- وهذا لا يقال صراحة- دولتان إسلاميتان.

السياسة الناتجة عن هذا المنظور هي تبني خيار ضرب المفاعلات النووية الإيرانية على الأقل من الجو، إن لم تكن هناك قوات كافية للمواجهة مع إيران. على المستوى الإقليمي هناك قلق كبير من إيران النووية، قلق على المستوى الإيديولوجي وكذلك قلق على مستوى التهديد الجيوسياسي المباشر.

الدول الخليجية تحس بالتهديد الإيراني، وفي أحسن الاحوال ترى أن هذا التصعيد الإيراني يدفعها للدخول تحت حماية مظلة أمنية ذات فاتورة عالية سياسياً ومالياً. بعض هذه الدول ترى أن موضوع تخلي إيران عن مشروعها النووي أساس لأمن الخليج.

الأميركيون اليوم يعملون داخل إيران وهم في انتظار خطأ واحد من الإيرانيين قد يكون مبرراً لحرب. كان الأميركيون يتوقعون ردة فعل إيرانية على اغتيال مغنية، ولكنها لم تحدث حتى الآن... إن حدثت فستكون الحرب على الأبواب. الحرب ضرورة لحزب جورج بوش وجون ماكين، فهي الحل الأسرع لاحتفاظه بالبيت الأبيض، لأن الأميركيين لن يسلموا أمرهم لأوباما أو كلينتون في وقت يكون فيه أمن أميركا موضع تهديد.

* مدير برنامج الشرق الأوسط في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية-IISS

back to top