غراس نفائس قلوب طيبة وأنا بعد وياكم... حاضرين!

نشر في 23-06-2007 | 00:00
آخر تحديث 23-06-2007 | 00:00
استخدام اللهجة المحلية في الحملات الإعلانية، حقق حضورا لافتا، وسجل نجاحات في توطيد العلاقة بين المعلن والمتلقي، وكان له أثر واضح في تمكين عدد من المؤسسات من إيصال رسائل مفيدة إلى المواطنين، شملت جوانب عدة، وربما أنجزت مهمات عجز عنها القانون... أحيانا.

«وانا بعد وياكم»...!

لابد أن الكثيرين يتذكرونها، ربما تكون الجملة الأكثر قراءة من بين جمل كل الحملات الاعلامية، اشتهرت بصورة منقطعة النظير، حضرت طويلا في الذاكرة الكويتية، راجت في كثير من أحاديث الناس، حتى في بعض الطرائف الشعبية والمصطلحات السياسية، وحققت قفزة نوعية في الاعلام الموجه، عبر استخدام اللهجة العامية، وهو الشعار الذي دشن به المشروع التوعوي الوطني للوقاية من المخدرات (غراس) بمشاركة الشخصيات العامة القريبة من المجتمع من سياسين ورياضين وفنانين.

تلا ذلك حملات غير قليلة، استخدمت الاسلوب نفسه، كحملة «قلوب طيبة» لبنك الدم، ومشروع «نفائس» الصادر عن وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، وهو أحد محاور برنامج المشروع القيمي لتعزيز القيم والعبادات، حتى بات استخدام «العامية» نموذجا في معظم الاعلانات الموجهة الى الجمهور، ولغة جديدة في الاعلام الرسمي والخاص.

حملات غير تقليدية

المدير التنفيذي للمشروع التوعوي الوطني للوقاية من المخدرات (غراس) علي الهاجري، قال إن مشروع غراس «حقق خطوات كبيرة وفعالة في مجال التوعية بأخطار المخدرات على المستوى الوطني، وغطى كل شرائح المجتمع في الكويت، عبر مشاركات «غراس» الدائمة والمستمرة في كل الفعاليات والمعارض والندوات والمؤتمرات المحلية والإقليمية والعالمية، للتواصل مع كل المستجدات وتبادل الخبرات بين مشروع «غراس» والفعاليات الأخرى المختصة في هذا المجال، حتى أن بعض الدول طلبت الاستفادة من استراتيجية غراس».

الهاجري أوضح أن «فكرة استخدام العبارات العامية في مشروع «غراس» جاءت انطلاقاً من الرؤية الأساسية التي تبناها المشروع، وهو القيام بحملات اعلامية غير تقليدية، تبنى رسالتها من خلال تعزيز القيمة الايجابية لاحداث تغيير السلوك السلبي في المجتمع، من خلال لغة بسيطة وسهلة ومقبولة، وعلى هذا الأساس رأينا أن في استخدام العبارات العامية البساطة والمرونة، وايصال رسالتنا التي نريدها بشكل يلفت الانتباه، ويسهل على المستقبل تذكرها وترديدها، وهذا ما تحقق بالفعل، فكان لرسائل مشروع «غراس» تفاعل وقبول كبيران في المجتمع، خصوصاً مع شريحة الشباب التي تلقت الرسائل بإيجابية غير مسبوقة في الكويت».

شعارات

مدير إدارة الإعلام الديني في وزارة الأوقاف ومديرالمشروع القيمي لتعزيز العبادات «نفائس» أحمد راشد القراوي، قال إن «اللهجة العامية تعتبر جزءًا مهما من مكونات ثقافة المجتمع وهويته، وتبقى دائماً صلة الوصل الأقرب إلى أبناء المجتمع أو المنطقة، لهذا اختارت إدارة الإعلام الديني كلمات وعبارات من اللهجة المحلية عند صياغة شعارات حملاتها الإعلامية القيمية، ساعد استخدامها في توصيل الرسالة الإعلامية إلى الجمهور المستهدف في سهولة ويسر».

الاستاذ في قسم الاعلام في جامعة الكويت الدكتور خالد القحص لاحظ أن وزارة الداخلية من خلال مشروع «غراس» ووزارة الأوقاف من خلال حملات «نفائس» كان «لهما قصب السبق في هذا المجال، والتي بدأت في مرحلة مبكرة، وأصبحت تجربة إعلامية تستحق الدراسة والرصد والتوثيق».

الدكتور القحص أشاد بحملة «نفائس» واعتبرها «جهدا إعلاميا طيبا ومحمودا، كان لها دور إيجابي طيب في توعية الجمهور بأهمية الصلاة وحب الوالدين والتعاون وغيرها من القيم التي أثارتها الحملة»، لكنه لاحظ أن «إدارة الإعلام الديني في وزارة الاوقاف بدأت تكرر نفسها في تلك الحملات، ربما يؤثر ذلك بشكل سلبي على فاعلية الحملة الإعلامية لجهة الأسلوب والمضمون، فالحملات الخمس لمشروع «نفائس» تكاد تكون متشابهة في الأساليب والوسائل الإعلامية المستخدمة في توصيل رسالة الحملة»، وانتقد «أساليب الحملة لأنها لا تزال كما هي، بذات الأسلوب الإخراجي لإعلانات التلفزيون والإذاعة، والإعلانات في الطرق، والباصات والمطبوعات بأنواعها، أو في اتباع أسلوب زيارة المدارس باستخدام الوسائل نفسها وطريقة العرض».

جاذبية

وزاد «إن الشريحة المستهدفة بشكل خاص من حملات مشروع نفائس هي الشباب المراهق من الجنسين، الذين تتراوح أعمارهم بين سن 14 و18 عاما، و هذه الشريحة بطبيعتها ينتابها الملل بسرعة وتحب التغيير كثيراً، وبالتالي يصعب التعامل معها من الناحية الإعلامية، خصوصا اننا نتكلم هنا عن حملة إعلامية قيمية، وهي من أصعب الحملات الإعلامية تنفيذاً، لأنها تتحدث عن تعزيز أو محاربة قيمة لدى الجمهور، وبالتالي تحتاج إلى أسلوب مبهر وجذاب حتى تكون مؤثرة».

ويقول الدكتور القحص إن «بعض الناس، وأنا منهم، لم يتقبل كثيراً حملة «حاضرين يا كويت» لأنها اتبعت ذات الأساليب المستخدمة حالياً من دون أن تبدع في مجال التنفيذ والإخراج الإعلامي، في حين كانت حملة بنك الدم «قلوب طيبة» بسيطة، لكنها مبتكرة وجذابة، وبالتالي نجحت وحققت أهدافها، وإن كانت طبيعة حملة «قلوب طيبة» تختلف عن طبيعة حملة «صلاتي نورت حياتي» لكنني أتحدث هنا عن الجانب الابتكاري والإبداعي في تنفيذ الحملة».

واعتبر الحملات القيمية من «أصعب الحملات الإعلامية، لأنها لا تعالج أو تتناول شيئاً واضحاً وملموساً، بل نتكلم عن قيمة تؤدي إلى سلوك، وبالتالي قد يصعب قياسها بشكل علمي دقيق، ونعتمد فقط على إجابات المبحوثين وعلى ذاكرتهم في قياس مدى تأثير الحملات الإعلامية».

شخصية الفرد

يعتقد الدكتور القحص أن «أغلب الحملات الإعلامية التي تم تنفيذها لوزارة الأوقاف كان لها تأثير جيد، لكنه ليس قويا ومستمرا، بل لعل أكثر هدف تحققه تلك الحملات القيمية هو التوعية، أعني به أن أفراد الجمهور يعلمون ويدركون أهمية الصلاة وأهمية طاعة الوالدين، لكن ليس بالضرورة أنهم سيتغيرون بشكل واضح وملموس من خلال تلك الحملات».

وقال «لا أريد أن أقسو على تلك الحملات، بل وجودها ضروري، لكن يجب ألا نتوقع إحداث تغيير جذري وقوي وفعال في سلوك الأفراد من خلال تلك الحملات الإعلامية القيمية فقط، لا بد من توافر عوامل أخرى لها دور في تشكيل شخصية الفرد، ومنها الأسرة والمدرسة والثقافة والمجتمع».

70 % من الكويتيين لا يصلون

أظهرت نتائج استبيان عن الحملات الإعلامية التي قامت بها إدارة الاعلام الديني في وزارة الاوقاف بعنوان «صلاتي... نورت حياتي» أن الأغلبية الساحقة من الكويتيين، نحو 70 % من الشباب الكويتي غير ملتزمين جدياً بالصلاة مقابل 49 % من الشابات.

وبينت الدراسة أن أهم أسباب عدم التزام الشباب بالعبادات هو «الانشغال بأشياء ترفيهية: تلفزيون، انترنت، تسوق، وغيرها من أمور أخرى، ونشأة لم يكن فيها توجيه صحيح لنواحي العبادات، حيث ان معرفتهم الدينية محدودة، وأغلب الشباب يتبعون الموضة ويحرصون عليها...!

الحملات القيمية

الحملات القيمية بشكل عام تدعو إلى تكريس قيمة إيجابية وتعزيزها أو أنها تحارب قيمة سلبية وتقاومها، وهذه من الأمور التي يحتاج إليها كل مجتمع لأن الحياة المعاصرة بطبيعتها المادية وعلاقاتها المعقدة والمتشابكة، تخلق بيئة مناسبة لضمور قيمة إيجابية وظهور قيمة سلبية، ومن هنا يأتي دور الحملات الإعلامية القيمية، وفي المجتمعات المتقدمة، تحظى بأهمية خاصة الحملات الإعلامية القيمية أو حملات التوعية المجتمعية، لما لهذه الحملات من تأثير بالغ في تعزيز القيم أو توعية أفراد الجمهور بقضايا المجتمع.

تهكم وسياسة

بعد النجاح الذى لاقته بعض الحملات الدعائية، تحولت بعض العبارات الى مجال للتندر، خصوصا عبارة «وأنا بعد وياكم»

وأخيرا «من حبنا لها بنوفر لها» و «هده خله يتحدى» واستخدمت بصور مختلفة في النكات، والتهكم على السياسات وفي العلاقات الشخصية.

النادل الايراني

نادل في مطعم ايراني كتب على واجهة مطعم في شارع الصحافة في الشويخ هذه العبارة «وانا بعد وياكم...بس شالسالفة»؟ سئل لماذا كتب التعليق، فأجاب: أقرأ هذه العبارة في كل مكان في الكويت، أوافق على الانضمام إليكم، وانا بعد وياكم، لكن الى أين؟

مترجم كويتي

الجاليات العربية في الكويت تحتاج الى «مترجم» كويتي، لفهم معنى بعض العبارات المستخدمة في الحملات الدعائية، لأن بعض المفردات المأخوذة من اللهجة الكويتية غير مفهومة لدى الكثير من الجنسيات العربية، ويبدو أن الحملات موجهة للكويتيين فحسب.

تقليد أعمى

تحولت حملات «غراس» إلى درس اعلاني، ولجأت كثير من الشركات سواء الحكومية أو الخاصة إلى تقليد أسلوبها، وتجسيد فكرة الاعلان بوضع صورة شخص ما مع عبارات باللهجة المحلية، لكنه كان تقليدا سيئا، وأتى بنتائج عكسية، لأن الشريحة المستهدفة ترسخت في أذهانها أن هذه الاعلانات تابعة إلى «غراس» بسبب صعوبة تمييزها عن الاعلانات الأخرى.

back to top