الربعي غادر وسط محبيه ورفاقه مكللاً بالمحبة والتقدير الخرافي: كان عضواً فعَّالاً ومستنيراً في مجلس الأمة رئيس الوزراء: سيبقى خالداً في قلوب كل الكويتيين
ربما وقف قلبه عن النبض، لكن ذكراه مستمرة في قلوب محبيه، الذين تقاطروا باكراً إلى مقبرة الصليبخات لإلقاء تحية الوداع الأخير على الراحل الدكتور أحمد الربعي، فلا تزال أربعائياته راسخة في أذهان الجميع، وفلسفته الفريدة تتحدث عن شخصيته المميزة، بشهادة الجموع التي حضرت أمس تشييع أبو قتيبة، التي لن يأفل نجمها بعد رحيل روحها، لتبقى نبراسا مضيئا للحرية والديموقراطية.
غادر الربعي وسط محبيه وأصدقائه، الذين اكتظت بهم مقبرة الصليبخات، من الساسة ورجال الاقتصاد والشيوخ والوزراء، تقدمهم رئيس مجلس الأمة جاسم الخرافي، ورئيس الوزراء الشيخ ناصر المحمد، إضافة إلى كبار الشخصيات ورجالات الدولة والمواطنين والمقيمين. نعى رئيس مجلس الأمة جاسم الخرافي النائب السابق د. أحمد الربعي الذي انتقل الى جوار ربه مساء أمس الأول، واصفا إياه بـ«المفكر الذي مارس دوره الوطني والإنساني لخدمة أمته وبلده من مختلف المناصب التي تبوأها أثناء حياته».وقال الخرافي إن الكويت «فقدت أحد أبنائها البررة وهو الأخ والزميل والصديق النائب السابق د. أحمد الربعي يرحمه الله، الذي انتقل إلى جوار ربه بعد عمر بذل فيه الغالي والنفيس لوطنه، وكان معطاءً في كل مكان تبوأه» مشيرا الى أن الربعي «خدم الكويت من كل موقع ومكان، وأضاف أن الفقيد «كان استاذا جامعياً له مكانته الكبيرة وعطاؤه الجزيل، أنار لطلابه طريق العلم ومسالكه، كما كان وزيرا للتربية والتعليم العالي في دولة الكويت، وكانت له بصماته الواضحة في تطوير التعليم، إضافة إلى أنه كان عضوا فعالاً ومستنيرا في مجلس الأمة لثلاثة فصول تشريعية».وامتدح الخرافي الدور الوطني الذي لعبه الربعي رحمه الله، وممارسته السياسية التي اتسمت بالنضج والعقلانية، كما أنه حمل هموم الكويت من فوق المنابر الاعلامية يدافع عن قضاياها باخلاص وتفان لا يكل ولا يمل، ديدنه في هذا حب الكويت والدفاع عنها، وبرحيله فقدت الكويت زميلاً عزيزا وأخاً فاضلا ومفكرا كبيرا كان أحد رجالات الفكر والعلم المشهود لهم بالكفاءة والخبرة.وتقدم الخرافي «إلى الشعب الكويتي وأسرة الفقيد الكريم بخالص العزاء والمواساة، سائلا المولى العلي القدير أن يتغمده بواسع رحمته ويدخله فسيح جناته، وأن يلهم أهله وذويه وجميع محبيه الصبر والسلوان».سيبقى خالداًواعتبر رئيس الوزراء الشيخ ناصر المحمد أن الكويت «فقدت بوفاة الدكتور أحمد الربعي أحد رجالاتها الاوفياء لوطنهم ولعروبتهم»، وقال إن «القلب يحزن والعين تدمع لفقدان هذا الصديق القديم، الذي جاهد في سبيل الكويت ونصرة قضاياها».وكان الشيخ ناصر المحمد يتحدث بعد حضوره مراسم التشييع والدفن في مقبرة الصليبخات، حيث ووري الربعي الى مثواه الاخير، وكان لافتا تأثره الشديد، وقال إن الكويت «كانت الشغل الشاغل لهذ الرجل العظيم، الذي خدم بلاده بنجاح في أكثر من ميدان»، مشيرا الى أن الربعي «رغم رحيله عن هذه الحياة الى جوار ربه، سيبقى خالدا في قلوب كل الكويتيين»، متمنيا «أن يلهم الله أهله الصبر السلوان، وأن يكونوا مثالا يحتذى بوطنيته وعروبته وقوميته». صولات وجولاتوأكد وزير الاسكان ووزير الدولة لشؤون مجلس الامة عبدالواحد العوضي أن الكويت «خسرت رجلا نادرا في عملته بفقدان الدكتور احمد الربعي، الذي صال وجال في ميادين الحياة المختلفة من سياسة واقتصاد وفن وصحافة، من أجل الدفاع عن قضايا الكويت والعمل الدؤوب لرفعة وطنه». وقال العوضي إن الربعي «استطاع ان يجسد العمل الوطني في أبهى صوره، من خلال التزامه بالدستور والعمل من منطلق الديموقراطية»، لافتا الى انه بتبوؤه مناصب سياسية واكاديمية عديدة استطاع ان يحدث نقلة نوعية في المسار السياسي والديموقراطي، لاسيما في دفاعه عن قضايا الكويت، والتصدي لكل الممارسات التي كانت تود النيل من الكويت، خصوصا إبان الغزو العراقي، مؤكدا أن «الشعب الكويتي سيتذكر بكل اعتزاز هذا الرجل العظيم، الذي كان نبراسا للوطنية والقومية العربية وقدوة حسنة يحتذى بها». إنجازات وطنيةوقال النائب جمال العمر إن «رحيل الربعي كان مفاجأة، لان الجميع كانوا ينتظرون عودته سالما الى أرض الوطن، للمشاركة في مسيرة البلاد السياسية وتنميتها، لكن قضاء الله وقدره كان أسرع»، مشيرا الى أن الكويت «ستحتفظ بذكرى هذا الرجل العطرة، الذي سخر جهده ووقته وعلمه لصالح الكويت والكويتيين»، وأضاف أن الفقيد «سطر انجازات وطنية على صعيد العمل السياسي والديموقراطي عجز عنها الكثيرون، ويجب الاستفادة من تاريخ هذه الشخصية، التي وإن ذهبت فإن آثارها الايجابية ستظل خالدة ونتعلم منها الى أبد الابدين».تأصيل للتنويرولم يستطع رئيس غرفة التجارة والصناعة علي الغانم اخفاء حزنه الشديد على فقدان الربعي، وكان واضحا تأثره العميق، وقال إن «الكلمات تعجز والتعابير تجف عند الحديث عن فقيد الكويت، الذي ساهم في ارساء قواعد الديموقراطية والحرية الوطنية المسؤولة»، مشيرا الى أن الربعي «كان ناجحا في عمله ولم يتوان في رفعة بلده، وكان موسوعة وتاريخا يمشي على قدمين، واضعا الكويت في قلبه أينما ذهب وحيثما سار»، وأضاف الغانم أن الربعي «الى جانب عمله في المجالات السياسية والثقافية والاعلامية، كان حريصا على التواصل مع أهل الكويت، واستطاع ان يؤصل فكرا نيرا للشباب الكويتي، سيكون له الاثر الايجابي في صناعة كويت المستقبل». مفكر عظيمواعتبر النائب علي الراشد أن الكويت «خسرت فارسا من فرسان الحرية والديموقراطية برحيل الدكتور أحمد الربعي، الرجل الذي امضى حياته في ترسية قواعد الاصلاح السياسي في البلاد، من مختلف المناصب والمواقع التي شغلها طوال رحلة حياته».واضاف الراشد انه «بفقدان شخصية بحجم الربعي خسرت الكويت رجلا عظيما، جاهد بفكره ورأيه من أجل تعزيز الديموقراطية في البلاد، وساهم بشكل كبير في حمل راية الاصلاح كنائب في البرلمان ووزير في الحكومة، ولم يتوقف عند هذا المكان، بل حمل لواء الفكر ككاتب ومفكر وسياسي»، وزاد بأسى «رحمك الله يا د. أحمد لقد كنت محبا لبلدك، وعملت مخلصا لرفعتها».رجل التفاؤلمستشار سمو أمير البلاد د. يوسف الابراهيم بدا متأثرا كثيرا، وقال بصوت متهدج «فقدنا رجلا كبيرا جدا بمكانته، عزيزا على قلوبنا جميعا، أحب الكويت فأحبته واعطاها فأعطته»، واضاف أن «مشاعر الحزن لا تكفينا اليوم لتشييع رجل بقامة د. أحمد الربعي الأخ والصديق والزميل»، وزاد الابراهيم بتأثر شديد «نودع اليوم رجل التفاؤل والعطاء، ونتمنى من العلي القدير أن يلهم أسرته ويلهمنا جميعا الصبر والسلون». كفاح وقدوةواعرب وزير الاعلام الاسبق الدكتور انس الرشيد عن بالغ اسفه لرحيل الربعي، وأكد أن «كل كلمات التعازي لن توفي هذا الرجل العظيم حقه»، وقال إن «الكويت بفقدانها هذا الرجل خسرت واحدا من أهم رجالات الديموقراطية ومنابر الحرية، الذي لم يدخر جهدا في الدفاع عن قضايا وطنه والذود عنها، وكانت له مواقف مشرفة سطرها في حب الكويت». واوضح الرشيد أن «النهج القويم الذي اتبعه الربعي في المجالات السياسية والاكاديمية والتعليمية والثقافية كان لها الاثر الايجابي في نهضة البلاد، خصوصا في ما يتعلق بالتعليم والعمل السياسي، من خلال اثرائه الساحة السياسية بعمله النيابي عضوا في مجلس الأمة، ووزيرا للتربية والتعليم العالي»، وزاد «زاملته على مدى عدة سنوات، وكان خير رفيق واستاذا ومعلما، استفدت منه كثيرا كما هي الحال في استفادة الكثير من نهجه، وأدعو الشباب الى أن يتخذوا من شخصية وكفاح الربعي قدوة وأن يحذوا حذوه».منافس شريفوأكد النائب السابق علي الخلف أن الكويت فقدت برحيل الدكتور أحمد الربعي «رجلا كبيرا وجليلا، خدم بلاده من مواقع متعددة»، مستشهدا بنزاهة الفقيد في الانتخابات التي خاضاها سويا، وقال «كنا نتنافس في نفس الدائرة الانتخابية، ولم أجد منه الا كل خير، كان منافسا شريفا صادقا ومحبا للكويت، وللدكتور أحمد مكانة كبيرة في نفوسنا حتى بعد رحيله، وإن رحل جسده فستبق روحه بيننا، كما سيبقى فكره منارة للاجيال القادمة».العقل المستنيروقال النائب مشاري العنجري الذي زامل الربعي في العمل النيابي والوزاري سنوات عدة «هذا هو قدر الله وحكمته» وأضاف «ان الكويت اليوم وهي تودع أبا قتيبة الوداع الأخير تذرف الدمع على صاحب القلب الكبير، والعقل المستنير بالحجة والتأثير، وستبقى ذكراك إن شاء الله خالدة عند الكبير والصغير، ورحمك الله يا أبا قتيبة، وأسكنك فسيح جناته إنه عليم قدير».أثر عظيموأبَّنت وزيرة التربية وزيرة التعليم العالي نورية الصبيح الفقيد الراحل د. أحمد الربعي وزير التربية وزير التعليم العالي السابق، الذي وافته المنية مساء أمس الأول، ونيابة عن أسرتي وزارة التربية ووزارة التعليم العالي، وقالت إنه كان «للفقيد المرحوم الربعي دور كبير أثناء توليه دفة المسؤولية في وزارتي التربية والتعليم العالي، إذ تم تطبيق الكثير من المشاريع التربوية التي كان لها عظيم الأثر في رقي وتقدم الحركة التعليمية في الكويت، سائلين المولى عز وجل أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته».مشاهداتدموع الإبراهيم والديين كان واضحا التأثر الكبير على الدكتور يوسف الابراهيم وأحمد الديين بفقدان رفيق الدرب الربعي، ولم يفارق الحزن والدموع هيئتهما منذ وطأت قدماهما المقبرة، لدرجة عدم قدرتهما على الكلام عن الفقيد، نظرا الى انهما ظلا يبكيان طوال الوقت. حضور كثيف امتلأت مقبرة الصليبخات بجموع المعزين من الوزراء والنواب والشخصيات المهمة في الدولة، الذين تقاطروا من أجل تقديم العزاء بفقيد الكويت ووداعه الاخير. عزاء للجميع حرص الشيخ ناصر المحمد على تقديم العزاء لكل أهل المتوفين في المقبرة من الجنائز التي حضرت في الوقت نفسه، إلى جانب جنازة الربعي، ولاقت بادرة الرئيس استحسان ذوي المتوفين. حضور إعلامي كبير حضرت وسائل الاعلام المرئية والمسموعة العربية والاجنبية، لتغطية تشييع الربعي، ورصد انطباعات المعزين بفقيدهم، فضلا عن الحديث عن مآثره وانجازاته.