شيكامارا و الفقيرة والغنية و شكرية و جايدا...محاولات طريفة تحمل نواةً لأفلام أفضل!
يعتبر «شيكامارا» (إخراج أيمن مكرم وبطولة مي عز الدين) من الأفلام الخفيفة المخصصة للتسلية فحسب وهي محدودة القيمة بحيث نكاد لا نذكرها بعد مشاهدتها ولا نتقدم بها لنيل جائزة في مهرجان ولا نقارنها بأفلام فنية متعمقة ولا نطالبها بالتعمق.وجدت هذه النوعية دائمًا، في كل بلاد العالم، بل هي الأغزر إنتاجًا في كل مكان والأكثر تحقيقًا للنجاح بمعنى تحقيق الأرباح، بغض النظر عن القيمة الفنية، ولا يوجد ضرر منها أبدًا في رأينا، شريطة توفر أمرين على الخصوص:
أوليات أو ألف باء المستوى الحرفي السينمائي، فلا نجد بدائية وتعثرًا ، أو تلعثمًا، في حرفية الإخراج مثلما رأينا في كثير من النتاجات.عدم الوقوع في الابتذال والتدني إلى حد الإسفاف أو الاستخفاف. لا يعني تقديم فيلم خفيف أبدًا أن يكون مستخفًا بعقول المتلقين، ولا يعني تقديم فيلم ظريف مطلقًا «الاستظراف» تعويضًا عن عدم القدرة على الفكاهة والطرافة!للإنصاف لا يخلو فيلم «شيكامارا» من «الحد الأدنى» من المقدرة الحرفية لمخرجه ومن تأكيد لموهبة بطلته وتتخلله لحظات ومواقف ممتعة. لكن فيه كذلك الكثير من الاضطراب وتذبذب المستوى، فقد أفلت الإيقاع من مخرجه، سواء كان المسؤول عن ذلك رؤية الإخراج، أو المونتاج، أو كتابة السيناريو (سامح سر الختم، محمد نبوي، وليد سيف).يضعنا فيلم «شيكامارا» منذ بداياته أمام موقف طريف بطبيعته، هو تشابه امرأتين إلى حد يبدو متطابقًا، لكنهما ليستا توأمًا كما نعهد في أفلام من هذا النوع. وتؤدي الدورين باجتهاد واضح مي عز الدين: الدور الاول هو لـ «شكرية» الفقيرة المحملة بالهموم، يقع على كاهلها وحدها إعالة أسرتها من عملها كسائقة عربة ميكروباص. ويعتبر عمل امرأة في هذه المهنة جزءاً من الطرافة المبتغاة للفيلم بسبب ندرته. فهي أم لطفلين وزوجها (ماجد الكدواني) لا يعمل بإرادته، بتعبير أدق يحيا «عالة» عليها، فهو يمضي وقته لهواً أو سكراً وكلّما ضاقت به الضائقة وتشاجرا تذكّرها صاحبتها بالمثل القديم «ظلّ راجل ولا ظّل حيطة»! المرأة الثانية تدعى جايدا، وهي فتاة رقيقة، عكس حدة «شكرية»، ثرية ويختلط كثير من كلامها بمفردات أجنبية، لا تعمل وتحيا حياتها لهوًا، وإن كان عمها (لطفي لبيب) ينهب ميراثها في المصنع وغيره وهي غافلة عن هذا الواقع.في مشهدٍ مبكر في الفيلم تدعو شكرية، فيما تقود الميكروباص، الله أن يمنحها القدرة على تحمل همومها. في المشهد التالي نرى جايدا وهي تقود سيارتها الفارهة، تدعو الله أن تجرب شيئًا من معاناة الآخرين، وتقول «يا رب نفسي أشيل اللي اسمه إيه ده... الهم!».في هذه اللحظة بالتمام تصطدم العربتان وينتهي اللقاء الأول الصاخب بينهما في قسم الشرطة وسط دهشة بالغة لكلتيهما ولمن يراهما معًا نظرًا إلى التشابه العجيب بينهما. وهنا تطلق جايدا فكرة أن يعيش كل منهما حياة الأخرى، فيستبدلان كل شيء ابتداء من الأزياء إلى الشخصية والحياة في بيت الأخرى، من باب التغيير والتجربة، على أن تمنح شكرية لقاء ذلك مائة ألف جنيه!ترفض شكرية في البداية هذا الجنون، إلا أنها تقبل العرض تحت وطأة ظروفها. وتدور بقية أحداث الفيلم حتى نهايته حول المواقف النابعة من هذا الاقتراح.نجح الفيلم «أحياناً» في أن يكون طريفًا وفي أحيان أخرى كان الفشل حليفه، مع الأسف. جاء الفيلم متواضع المستوى على الإجمال، مع أنه وضع يده على «تيمة»، أو نواة، كان يمكن أن تحقق له الكثير، لولا أن الهدف الوحيد للفيلم هو التسلية أولاً وأخيرًا.على أية حال أثبتت مي عز الدين في «شيكامارا» قدرتها على تحمل مسؤولية بطولة فيلم، وهو أمر نادر بالنسبة الى ممثلات جيل الشباب في السينما المصرية اليوم. ما شجع مي على خوض هذه المغامرة هو بلا شك الأرباح التي حققها فيلمها السابق «أيظن». العجيب أن «شيكامارا» رغم أنه يبدو أنضج «نسبيًا» من «أيظن» لم يحقق النتيجة نفسها!لا يستطيع أحد أن يتوقع نجاحًا مؤكدًا أو يصل إلى حد التيقن من شيء!