إنهاء المأساة في دارفور

نشر في 09-09-2007
آخر تحديث 09-09-2007 | 00:00
 بروجيكت سنديكيت يتعين على الدول المتقدمة اقتصادياً بصورة خاصة أن تتحمل مسؤوليتها العالمية وأن تسارع إلى مساعدة دارفور في تحقيق آمالها في استعادة النشاط والازدهار.

إن الظروف الحرجة التي مازالت تفرض نفسها في دارفور تكبد أهلها قدراً هائلاً من المعاناة، وكل من طرفي النزاع -الحكومة السودانية والقوات المتحالفة معها من جانب، والجماعات المعارضة في دارفور من جانب آخر- لابد أن يدركا أنه لم يعد من الممكن ولا الجائز أن يقع المدنيون ضحايا للصراع السياسي بينهما.

إن موافقة الحكومة السودانية على نشر القوات المشتركة التابعة لمهمة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي، التي تهدف إلى الحفاظ على السلام في المنطقة، تشكل تطوراً محموداً بكل المقاييس، إلا أن الصلاحيات التي ينبغي لهذه المهمة أن تتمتع بها لابد أن تكون قوية إلى الحد الذي يسمح لها بتوفير الحماية الكاملة للسكان المدنيين. فضلاً عن ذلك فإن تحقيق هذه الغاية البالغة الأهمية بصورة حاسمة لن يتسنى إلا من خلال التمويل الجيد، وتوفير العدد الكافي من الجنود لهذه المهمة، وتزويدها بالإمكانات والصلاحيات الممكنة كافة، ويتعين علينا في هذا السياق أن نسجل إعجابنا وتقديرنا للدول والمؤسسات الدولية كلها التي تعهدت بتقديم مساعدات مالية إضافية بهدف المساعدة في تأمين النجاح لهذه المهمة، وبصورة خاصة فرنسا، وإسبانيا، والمفوضية الأوروبية.

من الأهمية بمكان أن تؤكد الجهات الدولية الفاعلة لحكومة السودان أن مهمة الأمم المتحدة/الاتحاد الأفريقي لن تسعى إلى تغيير النظام الحاكم في الدولة أو توسيع نطاق صلاحياتها إلى ما يتجاوز مهمات حفظ السلام، وفي الوقت نفسه، يتعين على الحكومة السودانية أن تدرك تمام الإدراك أن المجتمع الدولي لن يستمر في تقديم الدعم لها إلا بالتزامها بتعهداتها السابقة والتعاون مع المهمة والمساعدة في الإعداد للمهمة ونشر القوات.

على الجانب الآخر، كانت الجهود الأخيرة التي بذلها بعض زعماء القوى المعارضة في دارفور للتغلب على الانقسامات، وإعادة توحيد وتنظيم صفوف حركتهم، موضع ترحيب. وإنه لمن الضروري بشكل أساسي أن تتوصل الجماعات المعارضة الرئيسة في دارفور إلى اتفاق حول أهدافها المشتركة ومواقفها القابلة للتفاوض، وآنذاك فقط سوف يستحق هؤلاء الشركاء تقدير واحترام المجتمع الدولي والحكومة السودانية. ويتعين على أطراف النزاع كافة أن تدرك أنها لن تجد في النهاية أي سبيل إلى إنهاء النزاع بينها إلا من خلال التوصل إلى اتفاق سلام منصف وعادل وقابل للاستمرار في الحياة بدعم من الأطراف المعنية بالسلام جميعها، ولابد أن يشكل هدف عودة النازحين الداخليين وتقديم الرعاية الواجبة لهم عنصراً أساسياً في أي اتفاق سلام يتم التوصل إليه.

من الأهمية بمكان أيضاً، أن يستمر كل من يقدر ويحترم مسؤولياته، وبصورة خاصة الساسة والصحافيون، في التركيز على قضية دارفور، ذلك أن الضيم والأذى اللذين يتعرض لهما الملايين من الضحايا واللاجئين في كل يوم الآن لا يقلان حدة عن أي وقت مضى، على الرغم من الإجهاد الناجم عن الصراع الطويل، كما قد يتصور بعضهم.

الآن، وبعد أن توافرت احتمالات فرض الاستقرار في الأشهر المقبلة، حان الوقت للشروع في الإعداد لزيادة حجم المساعدات الدولية الخاصة بإعادة التعمير والتنمية، إلى جانب المساعدات الإنسانية، ويتعين على الدول المتقدمة اقتصادياً بصورة خاصة أن تتحمل مسؤوليتها العالمية وأن تسارع إلى مساعدة دارفور في تحقيق آمالها في استعادة النشاط والازدهار، وهذه المساعدات الإضافية لابد أن تنشأ عن تمديد أو إعادة تركيز برامج التعاون الوطنية في مجال التنمية، هذا فضلاً عن ضرورة استكشاف الترتيبات الدولية القادرة على ضمان الاستغلال الأمثل لسبل التعاون المشتركة.

الحقيقة أن الأمم المتحدة تضطلع حالياً بدور لا غنى عنه في تيسير وفك تعقيدات العلاقات بين المجتمع الدولي والجهات الفاعلة المحلية في دارفور، إلا أنها تحتاج إلى كل دعم ممكن في هذا السياق، ويتعين على الصين بصورة خاصة أن تستخدم نفوذها في السودان لمساعدة صناع القرار في البلاد على التوصل إلى تسوية سلمية حاسمة ونهائية لهذا الصراع.

فضلاً عن ذلك، ولأن الوضع في دارفور يعكس صعوبات أعرض نطاقاً في العالم، فقد بات لزاماً على المجتمع الدولي أن ينظر إلى ما هو أبعد من الظروف المباشرة للصراع وأن يعمل على بذل المزيد من الجهد في التعامل مع التهديدات التي لعبت دوراً أساسياً في الوصول إلى الكارثة، مثل تغير المناخ والتدهور البيئي. والحقيقة أن المعدلات التي تزحف بها الصحراء على المناطق الخضراء من المرجح أن تؤدي إلى تضاؤل إنتاج المحاصيل الزراعية والتدهور الحاد في الإمدادات المتاحة من المياه في المناطق المجاورة، الأمر الذي قد يؤدي إلى نشوب المزيد من الصراعات ونزوح المزيد من الناس.

إن العديد من المناطق في أنحاء العالم تعيش الظروف نفسها الآن، وعلى هذا فقد بات من الضروري أن ندرك الطبيعة العالمية لهذه المشكلة وأن نتعامل معها في المناطق التي أصبح التدهور البيئي فيها يشكل سبباً في تدهور حياة الناس على نحو خطير، ولابد أن يكون الهدف في المستقبل أن نسارع إلى بذل جهود الوقاية كلما لاحت مثل هذه الظروف المدمرة في الأفق.

فاسلاف هافيل «رئيس دولة التشيك سابقاً»، الأمير حسن بن طلال، أندريه غلوكسمان، فارتان غريغوريان، مايك مور، ميشيل نوفاك، ماري روبنسون، يوهي ساساكاوا، كاريل شوارزنبيرغ، جورج سوروس، ديسموند مبيلو توتو، ريتشارد فان ويتساكر.

بروجيكت سنديكيت» بالاتفاق مع «الجريدة»

back to top