أوراق من حياة نجمة الأحزان 2 شريهان تحكي طفولتها الضائعة: والدي أدخلني المحكمة وأنا في التاسعة

نشر في 13-02-2008 | 00:00
آخر تحديث 13-02-2008 | 00:00

شريهان... طفلة كبرت قبل الأوان... ضاعت منها طفولتها في ظروف غامضة.

تخبّطت في مشاعر كثيرة... دمعة ... ابتسامة... فرح... وأحلام... اختفى النهار وهبط الليل ... ليل طويل تخوض شريهان في ظلمته معركتها الخاصة لاسترداد طفولة ضائعة وأيام سعادة لم ترها يوماً.

لأنها تتنفس عناداً قرّرت، مع سبق الإصرار والتصميم، العودة إلى طفولتها بعدما علمتها الدنيا قيمة تلك الطفولة.

قررت تعويض الأوكسيجين الذي فقدته برحيل والدتها وفقدت معه دفء العالم كلّه وحبه وحنانه.

فقدت الحضن الذي ترتمي فيه والعقل الذي تعتمد عليه والقلب الذي ترتوي منه. كانت والدتها الحصن الأخير في حياتها الذي يساعدها على الوقوف أمام القسوة والانكسار والمرارة.

قسوة الظروف أجبرتها، وهي لا تزال طفلة على الوقوف في أروقة المحاكم لتثبت نسبها وكيانها لأبٍ تنكر لها، وانكسار قلب عرف طعم الحزن مبكراً ومرارة شعور بأن الظلم يحاصرها ويمحو معاني الاستقرار في داخلها.

وبرحيل والدتها قررت أن تكون أماً وتمنح ما فقدته وتعطي ما حرمت منه وتقدم ما سحبته منها الأيام.

تحكي شريهان: «لم أعش طفولتي ولم أعرف طعم اللعب ولا الأصدقاء ولا أعياد الميلاد، لذلك أحب الأطفال وأفضل مشاركتهم في حفلاتهم واللهو معهم، أشعر بينهم أني عدت طفلة خالية من المسؤولية أو أهرب من ماض أو مستقبل أفكر فيه. تمنيت لو يربت أحدهم على كتفي، يأخذني في حضنه، يمنحني جرعة حب أفتقدها وأبحث عنها على الدوام».

ثم تعترف: «دعني أقول لك اني أخطأت كثيراً عندما سبقت عمري. لم أوفر طريقة لأبدو أكبر سناً، وضعت الماكياج على وجهي وانتعلت الكعب العالي في سن مبكرة. لا أدري لماذا؟ هل كان عطشاً إلى الشهرة والنجومية والأضواء؟ أم رغبة في إثبات الذات والشخصية؟ أم إحساس فطري دفعني إلى التسلّح بالنضج مبكراً لأواجه المفاجآت التي تحملها إليّ الأيام؟».

«لا أعلم!» تجيب شريهان متحسرة: «كلّ ما أعلمه هو أنّ طفولتي ما زالت تطفو على سطح حياتي حتى بعدما كبرت وأشتدّ عودي».

كبرياء

حين تتحدث عن نفسها تخرج الكلمات من بين شفتيها كأنها في حالة إعياء شديد، يتألم صوتها بكبرياء ويتنهد بحسرة وينفعل بسرعة ويتذكر ببطء. «أشعر أنني أكثر البشر عذاباً في هذه الدنيا. منذ التاسعة وأنا مشغولة بقضايا المحاكم ومشاكل القانون والإجراءات والمستندات والشهود».

وتضيف: «كنت أقف وأنا أرتعش أمام القاضي وهو يسألني: هل تذكرين شكل أبيك؟ صفيه لي ... فأجيبه: «لا أعرف شكل أبي!».

تتابع بحزنٍ: «أنكرني والدي أحمد عبد الفتاح الشلقامي الذي تزوج من أمي زواجاً عرفياً كي لا يدخل ابنه من زوجته الأولى الجيش ويعفى من أداء الخدمة العسكرية. دمّرني ليحمي ابنه. قتلني لإنقاذه. ضيّع عمري للاحتفاظ به الى جواره. على مدى 13 عاماً ظلت علامات الاستفهام تطارد اسمي».

صلابة فريدة

تردف: «فجأة أصبحت بلا عائلة أو أب. مزقت شهادة ميلادي اختفت ضحكاتي وبتُّ أكره طفولتي» تقول شريهان بأسف: «أصعب نضال أن يحارب الإنسان لإثبات نسبه وكيانه. زوّدتني هذه الحادثة المخيفة بقوة الشخصية والصلابة وصار لي كيان مميز، لكنه لم يمنعني من الوقوع في الأخطاء».

تكمل بعينين مغمضتين: «كلّ طفل له مثل أعلى: أب، أم، عم أو أخ أكبر وأنا فقدت كلّ هؤلاء. لم أجد من يوجّهني ويساعدني على حلّ مشاكلي ويحميني من نزواتي وينصحني. اعتمدت على نفسي في خطواتي كلّها وأفكاري وقراراتي».

عن والدتها: «لا تتصوّر مدى تأثير أمي عليّ. علمتني حبّ كل ما هو جميل وراق في الحياة.تعبت كثيراً من أجلي ووهبتني حياتها كلها، موفّرة عليّ متاعب كثيرة في الفن، عندما انتجت لي أول أفلامي «الخبز المرّ» أرادت أن تحميني من «المرمطة» وتمنحني الفرصة لأثبت نفسي، كانت أمنيتها أن أكون أفضل نجمة في العالم فأنفقت المبالغ الهائلة لتعليمي وتدريبي».

صدمة غياب

صُدمت شريهان بموت أخيها عمر خورشيد الذي شكل غيابه محوراً مفصلياً في حياتها تقول في ذلك: «كانت صدمة موت أخي عمر خورشيد الذي وافته المنية بشكل مأساويّ صدمة عمري. لم يكن مجرّد شقيق بل واحة تغمرني رعايةً واهتماماً وتشجيعاً، وتملأ قلبي تفاؤلاً في أيام الشدة. لم يفارقني يوماًً. ما زلت أحتفظ في خزانة ملابسي بآخر قميص كان يلبسه قبل وفاته!».

قبل أن تنجب شريهان ابنتها لولو كانت في حياتها ابنة أخرى. إنها شريهان الصغيرة ابنة جيهان خورشيد شقيقتها من والدتها. أعطتها شريهان اسمها وحنانها ورعايتها. عاشت معها الأمومة التي حرمت منها والطفولة التي فقدتها.

أعلنت شريهان أنها مسؤولة عن «شيري» الصغيرة، عن تعليمها وتوجيهها، عن توفير السعادة لها وإضافة البهجة إلى عمرها.

قال لي آنذاك المعلق الرياضي الشهير فايز الزمر (زوج جيهان ووالد شيري) إن شيري هي ابنة شريهان ولا تتخيل مدى حبهما لبعضهما لدرجة أنني لا أرى ابنتي أو أجلس معها مثلما تجلس مع شريهان.

قالت لي شريهان آنذاك أيضاً: «ربما كان من بين أسباب خلافي مع زوجي السابق علال عدم قدرته على التعامل مع تلك الطفلة. أقضي أسعد لحظات حياتي بين الأطفال وما زلت أحلم باليوم الذي أجد فيه طفلاً يناديني «يا ماما».

back to top