وجهة نظر : السوق المشتركة ومنظومة التشريعات الخليجية

نشر في 23-12-2007
آخر تحديث 23-12-2007 | 00:00
 د. عباس المجرن قضيت جزءاً من اجازة عيد الاضحى في بيروت، حيث التقيت عددا من الاصدقاء الذين لم أرهم منذ سنوات، وكان من بينهم مسؤول خليجي سابق تولى مواقع مهمة وقيادية في مجلس التعاون، وكانت له اسهامات كثيرة في دعم التعاون بين دول المنظومة الخليجية، ولاسيما في المجال الاقتصادي. في هذا اللقاء سألته عن الانجاز التاريخي لقمة دول المجلس في الدوحة والمتمثل في إعلان انطلاقة السوق الخليجية المشتركة بدءاً من مطلع العام المقبل 2008. ولقد فوجئت بنبرة الأسى في رده، إذ أعرب عن تخوفه من ان تمضي الشهور والسنوات قبل ان نلمس على ارض الواقع هذا الانجاز، وواصل حديثه بالتطرق الى تجربته المريرة في المجلس في الحقبة الماضية والعقبات التي اعترضت مسيرته.

وفي الحقيقة فإن إعلان قمة الدوحة قيام السوق الخليجية المشتركة يمثل تحديا كبيرا لكل الدول الاعضاء في المجلس، اذ يتطلب تحقيق السوق المشتركة تعديلا في عشرات القوانين والقرارات واللوائح المنظمة للاجراءات في كل دولة من هذه الدول، كما يستدعي تحقيق ذلك تنازل بعض دول المجلس عن بعض المكاسب الآنية.

ولا شك ان أي تأخير في تعديل الأنظمة والاجراءات المحلية بما يتناغم مع متطلبات السوق المشتركة او أي تغليب للمصالح الآنية الضيقة في اقتصاد وطني معين على حساب المنافع المرتقبة على المستوى الاقليمي من شأنه ان يعطل التوجه نحو السوق المشتركة.

واعتقد ان عملية مراجعة القوانين والانظمة والقرارات المرتبطة بالشأن الاقتصادي في دول المجلس يجب ان توكل الى جهاز فني متخصص ينشأ في الامانة العامة للمجلس تكون مهمته تحديد التعديلات النمطية المطلوبة في منظومة التشريعات والقوانين الخاصة بكل دولة، ثم متابعة ورصد التنفيذ الفعلي لهذه التعديلات على ان يتم تحديد مواعيد زمنية لانجاز عملية إزالة العقبات او القيود التي تعترض سبيل الوصول الى قيام السوق المشتركة.

ان حجم المنافع والعوائد الاقتصادية والاجتماعية التي تنتج عن قيام السوق الخليجية المشتركة يستحق القيام بمثل هذا الجهد القياسي على مستوى توحيد الانظمة والمعايير الاقتصادية لدول المجلس، كما يستحق ما قد يبدو للبعض بأنه تنازل عن جزء من السيادة التشريعية في الاقتصاد الوطني.

back to top