الداخلية تجاوزت إشارة الدستور بإبعاد الوافدين! حرمت الأجنبي من الحصول على المحاكمة العادلة... وخالفت مبدأ المساواة
تعمل وزارة الداخلية على إصدار تشريع يقرر إبعاد الأجنبي الذي يتجاوز الإشارة الحمراء من البلاد، من دون أن يحال إلى القضاء، الأمر الذي يدعو إلى طرح جملة من التساؤلات، أولاها هل يجوز إلغاء سلطة القضاء وحرمان الأفراد - مـواطنين ومقيمين - من الحق في الحصول على محاكمة عادلة؟ وثانيا، هل يبعد الأجنبي في حال مخالفته قانون المرور من دون محاكمة ويخضع المواطن للمحاكمة في حال مخالفته؟... أليس في ذلك مخالفة لمبدأ المساواة الذي نص على السواسية في تطبيق القانون، وهل يضير وزارة الداخلية عرض المخالفين أمام القضاء... والحل الوحيد هو إبعادهم؟
لا يمكن تفسير خطوة وزارة الداخلية سوى ان الغاية من وراء إصدارها ذلك القانون هي غاية أمنية، لكن هل لتلك الغاية أن تلغي الدستور والمبادئ التي قررها من الحصول على المحاكمة العادلة والمساوة في الحقوق.يقول أمين سر جمعية المحامين الكويتية الحميدي السبيعي إن قرار وزارة الداخلية بإبعاد الأجنبي المتجاوز للإشارة الحمراء من دون تقديمه إلى القضاء، يؤكد وقوع وزارة الداخلية في مخالفة دستورية واضحة. دستورويضيف : إذا كان لوزارة الداخلية سلطة الإبعاد الإداري فعليها عدم التوسع في استخدامها، فضلا عن عدم التعسف، ويتعين أن تبقى هذه السلطة في يد القضاء منفردا، بعيدا عن شبهات الواسطة والمحسوبية التي تكون وراء بعض أسباب الإبعاد الإداري. ويبين السبيعي أن إبعاد الأجنبي من دون محاكمة سيعمل على تشويه سمعة الكويت خارجيا، ولا يوجد مبرر من عدم إحالة كل مخالف سواء لقانون المرور أو قانون آخر إلى القضاء ليكون القرار للسلطة القضائية، لافتا إلى أن الدستور اكد على أحقية كل من يقطن في هذا البلد على محاكمة عادلة - مواطنين ومقيمين - وقرار الداخلية يحرم الاجنبي من التمتع بالمحاكمة العادلة ويميز المواطن عنه في الحصول على محاكمة عادلة، ويشعر الأجنبي بفقد الطمأنينة والأمان والاستقرار. في حين يقول المحامي أسامة بهبهاني إن قرارات وزارة الداخلية بإبعاد الأجانب لتجاوزهم الإشارة الحمراء من دون إخضاعهم لمحاكمة أمام القضاء، اعتداء على الصلاحيات التي منحها الدستور ومن بعدها القوانين للسلطة القضائية بأحقيتها بإبعاد الأجنبي عن البلاد متى قررت إدانته. ويضيف: هذا التوجه الأمني يخالف مبادئ حقوق الإنسان العالمية وأيضا غيرها من المبادئ التي حظيت بتوقيع الكويت عليها، كما أن هذا التوجه الأمني يحرم الأجانب من الحصول على محاكمة عادلة، فكل متهم بريء وليس كل متهم مدان، بحسب وجهة نظر وزارة الداخلية بقرارها الإبعاد من دون تمكين أي متهم من الحصول على محاكمة عادلة. قرار ويوضح أن هذا القرار غريب على دولة مثل الكويت لديها مؤسسات قانونية وقضائية يشهد لها البعيد قبل القريب، وإذا استمرت الوزارة في هذا النهج، فلن يبقى هناك أي أجنبي في البلاد لأن تجاوز الإشارة الحمراء سيكون مدخلا جيدا للسلطة العامة بإمكان التوسع في استعمال الإبعاد الإداري من دون إخضاع الأجنبي إلى محاكمة عادلة امام القضاء. ويختم قائلا: يجب ألا تكون وزارة الداخلية في قرارها الخصم في تقديم ذلك الأجنبي متهما، والحكم في إصدار قرار بإبعاده فورا عن البلاد، الامر الذي يؤكد عدم حيادية الحكم الذي اصدرته، لأنه لم يصدر من القضاء الذي عهد إليه الدستور سلطات التحقيق والاتهام مع كل مشتبه بتورطه في قضية ما، وثانيا محاكمة كل متهم محاكمة عادلة حسبما ينص الدستور، مع ضرورة التأكيد على النص الدستور الذي يؤكد أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته وأن الأصل في الإنسان البراءة، داعيا وزارة الداخلية إلى مراجعة القرار الصادر منها لأنه مخالف للدستور والقوانين والاتفاقيات التي صدقت عليها الكويت.ضمانفي حين يقول المحامي مبارك الصويلح أن على وزارة الداخلية إعادة النظر في قرار إبعاد الأجانب لأنه يتعارض مع مبادئ حقوق الإنسان ونصوص الدستور، التي أكدت على ضمان توفير محاكمة عادلة لكل متهم.ويوضح قائلا: يجب أن يكون الإبعاد الإداري في محله، وألا تتجاوز الإدارة السلطة الممنوحة لها، ويتعين التأكيد على أن أمر الإبعاد يجب أن يكون بيد القضاء لا بيد السلطة التنفيذية.وأضاف: إذا كان مبرر الوزارة هو الحفاظ على الأمن العام والمصلحة العامة، فإن إبعاد الإجنبي من دون محاكمة يتعارض مع الأمن العام لأن أسرة هذا الأجنبي المبعد سوف تتعرض للتشرد وربما يضطر أبناؤه إلى السرقة، لأن معيلهم صدر قرار بإبعاده وكان بالإمكان تدارك ذلك بعرضه على القضاء.بدونولفت إلى أن قرار وزارة الداخلية بإبعاد الأجانب يعني إبعاد غير محددي الجنسية، والسؤال الذي نطرحه على المسؤولين إلى أين ستبعدون البدون أم إن القرار لن يطبق عليهم؟ مضيفا أن كل دول العالم تعاني من مشاكل مرورية، لكنها لم تضع في حلولها إبعاد من هم على أراضيها ومن دون محاكمة عادلة.وطالب المسؤولين في وزارة الداخلية بإعادة النظر في القرار وإحالة أي مخالف إلى القضاء، على أن يقرر الأخير العقوبة المناسبة له، وحينها إذا ما انتهى القضاء إلى سجن الأجنبي سيقرر إبعاده لا وزارة الداخلية ويتعين احترام حكم القضاء بعد تمتع ذلك الأجنبي بمحاكمة عادلة.