عبث

نشر في 29-02-2008
آخر تحديث 29-02-2008 | 00:00
 بسام عبدالرحمن العسعوسي

ليس لنا إلا أن نتساءل بحسرة وألم: لماذا أصبح بعض أبناء وطني يريد الثراء على حساب الدولة؟! ولماذا تفشت ظاهرة «خذ ما اتخذ»!! بل لماذا يريد بعضهم «اغتصاب» الدولة في وضح النهار... وأخشى ما أخشاه أن يظهر لنا في قادم الأيام مَن يريد توزيع الثروة وبيع الدولة مطالبا بنصيبه… للرحيل!!

في بضع سنين استولت مجموعة من المواطنين على أراضي الدولة في ظل غياب الدولة واستهتار الحكومة، فأقاموا الخيام وشيدوا الدواوين ودعوا الأحباب والأصحاب ومارسوا العادات والتقاليد من دون مراعاة للنظام والقانون، لدرجة أصبح معها لكل مواطن «ديوان عامر» والكل يريد أن يصبح كريماً، وحاتماً طائياً، ووجيه قوم، وشيخ عرب... فكان لهم ما أرادوا.

وعندما أفاقت الحكومة من سباتها العميق وصحت من حلمها الطويل ووقفت متبرمة تنادي بتطبيق القانون على الكبير والصغير، والوزراء والنواب والوجهاء والأعيان فاحتدم النقاش وثرثرت الألسن، وفاضت الأحاديث وأقيمت الندوات وانشق الصف إلى فريقين؛ الأول، مع الحكومة ينادي بتطبيق القانون وإرجاع الحق لأصحابه وعودة الأراضي المسلوبة إلى الدولة. والثاني، أخذ يرقص وينط ويقفز معتقداً أن له حقاً مكتسباً بدلاً من اعترافه بذنبه عما اقترفت وجنت يداه!

نعم، أنا في صف الفريق الأول ولا أستطيع إلا أني أتعجب من الفريق الثاني... فلماذا يطلبون الوجاهة والزعامة والفخامة من «كيس الدولة»؟ فيا سادة يا أحبة: إن مَن يريد إقامة الولائم والعزائم والدعوة للحفلات والاستقبالات وعزيمة الخلان والعربان, فليدعهم إلى منزله الخاص وليس عبر استباحة أراضي وأملاك الدولة... وفي النهاية «اللي ما عندوش ما يلزموش»... كما يقول المثل المصري!!

لذلك دعونا يا أعزائي الكرام نغمض أعيننا ونسبح في بحر من الخيال لدقيقة واحدة لنتخيل ماذا سيكون عليه شكل الدولة ومنظر البلد وأمام كل منزل «شبره من الكيربي» تسمى «ديوان»؟!

هنا ليس لنا إلا أن نتساءل بحسرة وألم: لماذا أصبح بعض أبناء وطني يريد الثراء على حساب الدولة؟! ولماذا تفشت ظاهرة «خذ ما اتخذ»!! بل لماذا يريد بعضهم «اغتصاب» الدولة في وضح النهار.. من زيادة رواتب إلى اسقاط قروض إلى استيلاء على الأراضي؟ وأخشى ما أخشاه أن يظهر لنا في قادم الأيام مَن يريد توزيع الثروة وبيع الدولة مطالبا بنصيبه… للرحيل!!

على العموم الحكومة الآن أمام مفترق طرق واختبار حقيقى، وهي الآن بين المطرقة والسندان وأنظار وأبصار الناس شاخصة متطلعة نحو صاحب المعالى رئيسها, هل يخضع للضغط ويتراجع؟ أم يستمر ولا يبالي بصراخهم وعويلهم؟

فكنا ولا نزال نراهن على قدرة هذا الرجل على إعادة الاعتبار للدولة والقانون, وعلى أي حال لنا سؤال هنا يا سمو الرئيس: إذا لم يطبق القانون الآن.. فمتى إذن سيطبق؟

back to top