طرابلس تفرج عن الممرضات والطبيب البلغار بعد التطبيع مع الاتحاد الأوروبي جدل في شأن التعويضات المالية... وساركوزي في ليبيا اليوم
أفرجت ليبيا عن المتهمين الستة في «قضية الإيدز»، مؤكدة أنها حققت كل ما طلبته، خصوصا مصالح المصابين. لكن الأهم كان الإعلان عن توقيع اتفاق لتطبيع العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وطرابلس، الأمر الذي قد تظهر تفاصيله خلال الفترة المقبلة.
بعد سنوات من المحاكمة في قضية أحدثت جدلا واسعا، أفرجت طرابلس أمس عن الممرضات الخمس والطبيب البلغار المتهمين بنقل فيروس فقدان المناعة المكتسبة (الايدز) الى مئات الاطفال في ليبيا، في خطوة تزامنت مع إعلانها توقيع اتفاق تعاون مع الاتحاد الاوروبي.ووصل المفرج عنهم الى صوفيا صباح أمس، قبل أن يصدر الرئيس البلغاري غورغي برفانوف عفوا عن الممرضات، على ما افاد وزير الخارجية ايفايلو كالفين.وفي طرابلس، أعلن وزير الخارجية الليبي عبد الرحمن شلقم أمس، أن ليبيا أعادت الممرضات البلغاريات الخمس والطبيب الفلسطيني إلى بلغاريا بعد التوقيع على اتفاق تعاون مع الاتحاد الأوروبي.وأفاد شلقم، للصحافيين، أن ليبيا والاتحاد الأوروبي «وقعا اتفاق تعاون لتطوير وتوسيع التعاون بينهما، والذي يتضمن تعاونا كاملا وشراكة».وأوضح الوزير الليبي أن الاتفاق «يتضمن دعما ومساعدة من الاتحاد الأوروبي لعلاج الأطفال المصابين بالفيروس في مستشفيات أوروبية طول حياتهم».ويتضمن الاتفاق أيضا تطوير مستشفى بنغازي ومستشفى هواري ومركز طبي في بنغازي، وهي ثاني أكبر مدن ليبيا، والتي شهدت أول ظهور لحالات الإصابة في التسعينيات من القرن الماضي.وقال شلقم ان الاتحاد الأوروبي عرض أيضا مساعدة ليبيا في مجالات التعليم والآثار والتعامل مع الهجرة غير المشروعة، مضيفا أن الجانبين سيدعمان شبكة على الحدود الليبية الغربية وفي الصحراء ستحمي الحدود من هذه الهجرة.كما اعلن وزير الخارجية الليبي ان الاتحاد الاوروبي وفرنسا «غطيا كل المبلغ» الذي قدمه صندوق بنغازي لمساعدة عائلات الاطفال الليبيين المصابين بالايدز.وجاء تصريح شلقم هذا ردا على ما اكده الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، في باريس أمس، بأنه «لم تدفع أوروبا ولا فرنسا أي مبلغ مالي لليبيا» لقاء الافراج عن الممرضات والطبيب البلغار.وكان ساركوزي قد تعهد بأن يجعل قضية الإفراج عن الممرضات والطبيب أولوية في مجال السياسة الخارجية لبلاده. وأعلن إنه سيزور ليبيا اليوم للمساعدة في تعزيز العلاقات بين ليبيا والغرب. وصرّح رئيس المفوضية الاوروبية غوزيه مانويل باروزو أمس «أبلغنا السلطات الليبية أننا مستعدون للتوسع في تطبيع العلاقات نأمل في تطبيع علاقاتنا مع ليبيا بصورة أكبر. كان لعدم تسوية قضية الممرضات هذه دور كبير في تعثر علاقاتنا مع ليبيا».وعند سؤاله إن كان لليبيا أن تتوقع مزايا في ما يتعلق بالتجارة أو المساعدة في مشروعات البنية الأساسية أو أي مساعدة مالية أخرى، قال باروزو «يمكن أن نتوقع تقدما في المجالات المختلفة للتعاون بيننا». واضاف «لم نزد من مساهمتنا المالية التي تفاوضنا عليها بالفعل مع الليبيين لفترة غير قصيرة».وتعليقا على قرار الافراج عن الممرضات والطبيب، قالت مفوضة العلاقات الخارجية في الاتحاد الأوروبي بنيتا فيريرو فالدنر «سيفتح هذا القرار الطريق أمام علاقة جديدة ووثيقة بين الاتحاد الأوروبي وليبيا وسيعزز روابطنا مع حوض البحر المتوسط وافريقيا بأسرها».وكانت فيريرو فالدنر سافرت إلى طرابلس مع سيدة فرنسا الأولى سيسيليا ساركوزي للمساعدة في الإفراج عن الستة وتوجهتا معهم إلى صوفيا. وقال مصدر أوروبي إن المفوضة الأوروبية وقعت مع ليبيا اتفاقاً من صفحتين يحدِّد كيفية تعزيز العلاقات. ووجهت الرئاسة الفرنسية والمفوضية الأوروبية الشكر إلى قطر لما بذلته من جهود وساطة.كذلك اعرب لوك مونتانييه، الطبيب الفرنسي الذي اكتشف عام 1983 فيروس «الايدز»، عن استعداده للتوجه الى ليبيا وعبَّر عن «ارتياحه» للافراج عن الممرضات والطبيب البلغار.وكانت ليبيا سجنت الممرضات والطبيب عام 1999 بتهمة حقن 438 طفلاً ليبيا بدم ملوث بفيروس نقص المناعة المكتسبة (ايدز) توفي منهم 56 طفلاً حتى الان. وصدر بحقهم حكم بالاعدام لكن المجلس الأعلى، وهو أكبر هيئة قضائية في ليبيا، خفف العقوبة الى السجن مدى الحياة الأسبوع الماضي. ويذكر ان اتفاقا بين عائلات الضحايا و«مؤسسة القذافي للتنمية» سمح بالتوصل الى كيفية تعويض هذه العائلات بنحو 400 مليون دولار. ردود الفعلرحب سفير الولايات المتحدة لدى بلغاريا جون بيرل امس، بإطلاق ليبيا سراح الممرضات الخمس والطبيب البلغار، مشيرا الى أن هذا الأمر كان «من الأولويات الرئيسية للولايات المتحدة».وقال بيرل إن بلاده تعاونت مع الحكومة البلغارية في القضية، مضيفا أن واشنطن ستواصل مساعيها لتخفيف معاناة الاطفال الليبيين المصابين بـ«الايدز».وفي موسكو، أعلن رئيس لجنة العلاقات الدولية في المجلس الفدرالي الروسي ميخائيل مارغيلوف أمس، ان القرار الليبي سيساهم في تطبيع العلاقات بين اوروبا وطرابلس، مشيرا الى ان هذه الخطوة أزالت جميع العقبات التي كانت تعترض تطوير التعاون بين ليبيا وأوروبا في مختلف المجالات. كما رحبت منظمة العفو الدولية (امنستي) أمس، بإطلاق سراح الممرضات والطبيب.وقال مدير برنامج «امنستي انترناشونال» في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا مالكوم سمارت، في بيان له، «القرار الذي اتخذته السلطات الليبية قرار رائع مرحب به». وكانت الممرضات البلغاريات قد غادرن بلدهن في أواخر التسعينيات من القرن الماضي للعمل في ليبيا حيث رواتب العاملين في مجال الرعاية الصحية أعلى بكثير.واحتجز في البداية 19 بلغاريا في ما يتعلق بالقضية وكان ذلك عام 1999 وحوكم ستة. وأطلق سراح طبيب بلغاري في مايو عام 2004 عندما حكم على الممرضات الخمس والطبيب الفلسطيني بالإعدام.وخلال الأيام القليلة المقبلة سيبقى الستة، الذين بدوا في حالة صحية جيدة، وأفراد أسرهم في مقر الرئاسة على مشارف صوفيا حيث ستجرى لهم فحوص طبية.وأمضى الطبيب الفلسطيني أشرف الحجوج معظم سنوات حياته في ليبيا. وقال محاميه لوكالة الأنباء الهولندية إن من المرجح أن يسافر إلى هولندا يوم الجمعة لزيارة أسرته هناك.(أ ف ب، رويترز، يو بي أي، أ ب)