السينما الاستعراضيَّة تعود مع د. سيليكون و ألوان السما السبعة
مع انطلاق تصوير الفيلم الاستعراضي «د. سيليكون» للمخرج أحمد البدري والمنتج عبد الله الكاتب، وبدء عرض فيلم «ألوان السما السبعة» لسعد هنداوي، والذي يشير الى أهمية الرقص في الارتقاء بروح الإنسان، نتذكر بدايات السينما المصرية والأعمال الاستعراضية والغنائية التي شكلت جزءاً رئيساً من خريطتها، لكن ما السر وراء عزوف الجهات الإنتاجية عن تقديمها اليوم؟
بين «السيلكون» و{ألوان السما السبعة» نحاول معرفة السر وراء اختفاء هذا اللون منذ زمن بعيد، كان آخر فيلم استعراضي شهدته دور العرض «مفيش غير كده» للفنانة نبيلة عبيد، الذي سبقته أعوام عجاف.طراز خاصيؤكد السيناريست والناقد د. رفيق الصبان أن في جعبة السينما المصرية ثلاثة آلاف فيلم استعراضي، يعدّ بعضها من روائع السينما، مشيراً الى ثنائيات ليلى مراد وأنور وجدي وفريد الأطرش وسامية جمال وغيرهم من الفنانين الذين قدموا استعراضاً راقياً يصل الى الجمهور من دون عناء ومن دون أن يشعر أن ثمة إقحاماً للاستعراض في الدراما. والغريب أن هذا النوع ازدهر على الرغم من حداثة السينما كفنٍّ وصناعة، ومع مرور الوقت توقع البعض مزيداً من الازدهار له، وهو ما لم يحدث، اذ أصبحت السينما تهتم برصد الواقع واشكالياته في أطر بعيدة عن الاستعراض، في هذا المجال يقول الصبان: «يكمن السرّ بالأساس في المنتج الذي يخشى المغامرة، لأن فشل هذا النوع من الأفلام يؤثر سلباً فيه نظراً الى تكلفته المرتفعة، بسبب الديكورات والملابس وتصميم الرقصات وغيرها، هذه العناصر كلها تحتاج إلى جهد وميزانيات ضخمة، بالإضافة الى أن الإنتاج يتطلب فناناً من طراز خاص يدرك تماما أهمية هذا اللون. ولو راجعنا مذكرات الفنان الراحل أنور وجدي سنكتشف أنه كان يصرف بسخاء على معظم أفلامه، خصوصا الاستعراضية».بدوره يشير الناقد محمود قاسم الى أن «السينما المصرية صاحبة تاريخ حافل في الاستعراض ولم تكن تخلو منه معظم الأفلام بصورة أو بأخرى، لكن بعد حرب تشرين الأول (أكتوبر) 1973 اختلف الأمر وتغيرت أوضاع المجتمع والسينما بالطبع التي تعتبر جزءاً منه. مع حلول الثمانينات عاشت السينما أسوأ عصورها، مع انتشار أفلام المقاولات التي أضرّت بها عموما وليس بالسينما الاستعراضية فحسب. صحيح أن محاولات عدة جرت في هذا الاتجاه، إلا أنها محدودة لا تكاد تذكر، والسبب غياب حماسة صانعي الفيلم، تحديدا المنتج الذي يسعى الى تقديم أفلام لا تكلِّفه كثيراً وتجني له أموالا طائلة».يؤكد المخرج خالد الحجر الذي قدَّم فيلمه «مفيش غير كده»، وهو آخر الأفلام الاستعراضية التي شهدناها اخيراً، أن «الأفلام الاستعراضية تحتاج الى دعم قوي من مؤسسات الدولة لأن أعباءها ضخمة وهو ما لا يقوى عليه الإنتاج الخاص، مع ذلك اجتهد في طرح عمل جيد يتوافر فيه مجمل المواصفات الجيدة أي تلك التي تضمن له النجاح، على رغم القلق من عدم تقبُّل الجمهور لمثل هذا النوع، بعدما اعتاد على مشاهدة اللمبي».خطأ فادحيرى مصمِّم الاستعراضات عادل عبده أن «الاستعراض اختفى عموماً من المجالات الفنية كافة وليس من السينما فحسب، ويبقى المسرح وحده يجنح نحوه بين الحين والآخر، وأنه يحتاج الى طبيعة ومواصفات خاصة في النجم وفي الاستعداد الجسدي والنفسي لأنه في الأساس رياضة، وهو ما لا يتوافر في كثير من نجومنا، ما يعيق ظهور مثل هذه الأعمال».لا يختلف الموسيقار حلمي بكر مع ما طرحه عبده، ويؤكد أنه «لا يوجد من يؤمن بهذا الفن ويتميز فيه وفي كل عناصره، ما يعيق ظهوره، خصوصا أن نجوم الغناء لا يتحمسون له، وحتى على مستوى الألحان نجد أن ثمة فارقا كبيرا بين تلحين أغنية عادية وتلحين استعراض، وهو ما لا يتوافر إلا نادرا. ناهيك عن أنه ما من فنان قد يغامر بأمواله لعمل لا يؤمن به».