أوراق المبدعين الغالية!

نشر في 12-02-2008
آخر تحديث 12-02-2008 | 00:00
No Image Caption
 طالب الرفاعي شعر القائمون على المكتبة الوطنية في النمسا بالفخر، بعد أن تمكنوا أخيراً من شراء أوراق ومخطوطات مواطنهم الروائي والمسرحي بيتر هاندكه، الذي يقيم في فرنسا، بمبلغ نصف مليون يورو، وهم بذلك إنما يعيدون جزءاً مهماً من عالمهم الأدبي والفني إلى حضنهم، ويجعلون من مكتبة النمسا الوطنية مستقراً له، لتكون بذلك قِبلةً ومزاراً لكل دارس وباحث وقارئ في أدب هاندكه.

إن المتابع لتاريخ الكويت، يرى بوضوح أنها لعبت دوراً تنويرياً ثقافياً رائداً في المنطقة، وأنه ما كان لها أن تنهض بهذا الدور لولا إيمان أبنائها، نساءً ورجالاً، بدور العلم والأدب والمعرفة، ونذر البعض أعمارهم خدمة للعلم والثقافة، ومن حق هؤلاء على الكويت أن تخلد ذكراهم، بما يتناسب مع عطائهم، وبما يقدم وجهاً مشرقاً من وجوه الحركة الثقافية والفكرية الحديثة في الكويت.

إن تنبه والتفات أي مؤسسة رسمية أو أهلية، للبدء بمشروع وطني، لجمع نتاج المبدعين من أبناء الكويت الأحياء، وأرشفة وتوثيق ذلك بشكل علمي، وجعله متاحاً لجمهور الدارسين والقراء، إنما يكون بمنزلة حفظ الذاكرة الأهم لكويت اليوم.

إن المبدع الحقيقي ينطوي في قرارة نفسه على عزة نفسٍ عالية تنأى به عن الوقوف بباب أحد، وسفح ماء وجهه، متذللاً لمطلب، لذا تتسابق المؤسسات العلمية والفكرية والثقافية في دول العالم المتطور للوصول إلى المبدع، فتشعره بأهميته وتفرده، وتفخر بأن تحصل على أوراقه ومخطوطاته، وتقدم له ممتنةً وراضية كل ما يطلب، وهي بذلك تكون الرابحة، فوحدهما الأدب والفن هما الباقيان.

بيننا في الكويت أسماء مبدعة، حفرت، على مر العقود الماضية، لأسمائها مكاناً مرموقاً يصعب على التجاهل والنسيان، ويتطلب السعي إليها، لتكريمها من خلال توثيق إبداعها، إبداعها المنشور، وإبداعها المخطوط الذي لم يرَ النور.

بيننا أسماء كثيرة في شتى أجناس الفكر والأدب: المؤرخ سيف مرزوق الشملان، الشاعر أحمد السقاف، الأستاذة نورية السداني، الروائي إسماعيل فهد إسماعيل، الفنان أيوب حسين، الشاعرة سعاد الصباح، الصحافي محمد مساعد الصالح، الشاعر علي السبتي، الدكتور سليمان الشطي، الشاعر خليفة الوقيان، وكثير من الأسماء المبدعة، جميع هؤلاء يستحقون التقدير والإجلال، التقدير من خلال توثيق مسيراتهم الإبداعية والثقافية، بطريقة علمية، وبشكل مدروس، يتناسب ومجال كل واحد فيهم، ووفق أحدث تقنيات مواقع شبكة الإنترنت.

كل واحد من الأعلام أعلاه، له أوراقه الغالية. أوراق خط عليها لحظات عمره، ممزوجة بلحظات تاريخ الوطن، وفق رؤيته وقناعته وموهبته.

كل واحد منهم، يستحق أن نقف أمام إبداعه، نتفحصه، ونوثقه، ونؤرخه، ونظهره للنور بأجمل حلة.

وزارة الإعلام، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، مؤسسة الكويت للتقدم العلمي، مؤسسة البابطين، دار سعاد الصباح، ومؤسسات أخرى، مؤهلة لأن تبادر بتبني مشروع إنشاء ذاكرة حديثة للإبداع الكويتي.

الكاتب الأميركي الراحل نورمان ميلر باع أوراقه ومخطوطاته، لإحدى الجامعات الأميركية، بمبلغ فاق المليونين ونصف المليون دولار، فبكم تراها تُشترى أوراق المبدع الكويتي؟

back to top