إنهم... ينحرون الكويت!!

نشر في 21-07-2007
آخر تحديث 21-07-2007 | 00:00
 سعد العجمي

نعم... لقد أصبحت إهانة الرموز الاجتماعية أمراً عادياً، في هذا الزمن «الأغبر»... صحفنا وزوايا كتابنا باتت معاجم لغوية تستقي منها كلمات وعبارات سب وقذف الآخرين... صغيرنا لم يعد يحترم كبيرنا، وكبيرنا لم يعد يرحم صغيرنا، كما كان في السابق.

لا أجد مبرراً يقبله عقل أو منطق لحملة التشكيك والغمز واللمز التي يمارسها بعضهم ضد النخب الشيعية الكويتية تحديداً من نواب وكتاب، مع كل ممارسة سياسية خاطئة ترتكبها طهران أو المؤتمرون بأمرها في أي مكان في الوطن العربي... قمة الإجحاف والظلم أن نحمل-كما يريد بعضهم-اخواننا وشركاءنا في الوطن والوطنية تبعات تصريح صحفي لأحد «ملالي» إيران، أو موقف سياسي صادر من الضاحية الجنوبية في بيروت، وكأن اخواننا الشيعة في الكويت ملزمون بتقديم صكوك الولاء للوطن، وإعلانات البراءة من مذهبهم، عند أي حدث من هذا النوع.

لكنني في المقابل أفهم أن حملات التشكيك من قبل بعض صحفنا وأنصاف مثقفينا تجاه شيعة الكويت، وهذا هو الأخطر، تأتي في إطار صراع مصالح سياسي داخلي بين بعض الأطراف، لا علاقة له بالخارج، تمثل فيه إيران أو «حزب الله» نافذتين يتم الدخول إليه من خلالهما.

لا يخفى على أحد حجم الخلاف بين بعض الأطراف وقوى الاستحواذ، وبين عدنان عبد الصمد، وأحمد لاري، وحسن جوهر وبقية تكتلهم الشعبي، لأسباب لا أحد يجهلها تدور جميعها في فلك الدفاع عن المال العام، لذلك بات التشكيك في وطنية النواب الثلاثة، عبر الضرب على وتر الطائفية والولاءات، إحدى الوسائل «الرخيصة» التي تستخدمها تلك الأطراف، لتحقيق أهدافها حتى لو كان ذلك على حساب الوحدة الوطنية لأنها تأتي في آخر سلم أولوياتها للأسف الشديد.

ليفهم (ذلك البعض) أن الطعن في وطنية أي كويتي، نائبا كان، أو مواطنا عاديا، خط أحمر لا يمكن الاقتراب منه، فالأمور بالنسبة للسواد الأعظم من الشعب، سُنة أو شيعة، تُقاس بغير مقاييسهم التي تحكمها المصالح والأرصدة.

الكويت ليست دولة تمثل مرجعية دينية، السنة السلف لدينا لهم مرجعياتهم الدينية، والاخوان المسلمون لهم مرجعيتهم أيضا، وكل المرجعيات خارج الحدود كما نعلم، وكذلك اخواننا الشيعة، ولكن لا يمكن أن نشكك في وطنية أحد، حتى ولو شذّ أحدهم هنا أو هناك، فهذا ليس مبرراً لـ«دق إسفين» في وحدتنا الوطنية.

على كل، ليست هذه هي الصورة الوحيدة القاتمة التي تعيشها الساحة لدينا منذ فترة، فثمة ممارسات ومماحكات أخرى دأبت بعض الأطراف على امتهانها، وأثرت سلباً على طرق التعاطي وحتى أسلوب التخاطب بيننا ككويتيين، فبعد انحدار مستوى الخطاب السياسي، بات لدينا «انحطاط» في الخطاب الاجتماعي أيضا، مقرون بحالة «تحفز» وكره وعداء للآخر، أيا كان.

نعم... لقد أصبحت إهانة الرموز الاجتماعية أمراً عادياً، في هذا الزمن «الأغبر»... صحفنا وزوايا كتابنا باتت معاجم لغوية تستقي منها كلمات وعبارات سب وقذف الآخرين... صغيرنا لم يعد يحترم كبيرنا، وكبيرنا لم يعد يرحم صغيرنا، كما كان في السابق. والمؤلم أن من يقود هذا التيار وهذا التوجه هي أطراف وجهات كان من المفترض بحكم مواقعها، ممارسة العكس، ولكن في هذا الزمن، زمن إن لم تكن معي فأنت عدوي، زمن الردة على مفهوم المواطنة، لم يعد سلوك تلك الأطراف مستغرباً، ولن يكون استمرار نهجها مستبعداً، لأننا نعيش «زمن نحر الكويت».

back to top