كيف أتعامل مع طفلي الشقيّ؟

نشر في 14-01-2008 | 00:00
آخر تحديث 14-01-2008 | 00:00
No Image Caption

تعاني معظم الأمهات من شقاوة أطفالهن ومن المشاكل التي يتسببون بها ومنها الفوضى التي يثيرونها في البيت أو خلال زيارة أحد الأصدقاء.

ويختلف تعريف الشقاوة من أم إلى أخرى مثلما تختلف طريقة تعامل كل منهن مع هذه الشقاوة والنظرة إليها وفق درجة ثقافتها ووعيها التربوي.

تشكو عزيزة إبراهيم (ربة منزل) من ابنها إبراهيم (9 أعوام) لأنه دائم الشجار مع إخواته وأقرانه ولم تجد إلى اليوم طريقة لتعديل سلوكه، إلا تعنيفه وضربه بشدة كما تقول، ومع ذلك يبقى على ما هو عليه.

أما أماني سعد (موظفة) فتوضح أن ابنتها مي (7 أعوام) لا تترك شيئًا في المنزل إلا وتخربه، لكنها لا تضربها ولا تشكوها إلى والدها خوفًا من قسوته عليها، ولأنها طفلة وحيدة وسط ولدين.

وتردد سعاد عبد العزيز (صيدلانية) الشكوى ذاتها من ابنها عمر (7 أعوام) فهو عنيف ولا تستمر معه أية لعبة في حالة سليمة لأكثر من ساعة، بعد ذلك يحطمها بعنف فتعاقبه بحرمانه من شراء لعب جديدة له.  

التلفزيون والكمبيوتر

من ناحية أخرى تشكو الحاجة بثينة فتحي (ربة منزل) من أن ابنها عبد الرحمن (11 عامًا) يكره متابعة دروسه ويعشق مشاهدة التلفزيون والجلوس أمام الكمبيوتر ولا يستمع إلى نصائحها، تقول في هذا المجال: «إذا ضغطت عليه ومنعته من التلفزيون والكومبيوتر يمرض. كنت أظنه يتمارض، لكني اكتشفت مع مرور الوقت أنه يمرض بالفعل، فتركته يفعل ما يشاء، إلا أنني خائفة عليه من الفشل في المستقبل».

وتشير ماجدة ويصا (مهندسة) إلى أن إبنها مايكل يتعامل معها بندية ولا يصغي إلى نصائحها، مؤكدةً في هذا المجال أنها فشلت في العثور على طريقة لإقناعه بالإصغاء إليها والتعديل من سلوكياته.

عنف عالمي

لم تنته شكاوى الأمهات عند هذا الحدّ، لا سيما أن الظاهرة ليست فردية، بل أصبحت سمة عامة مرتبطة بعوامل كثيرة في المجتمع منها: ارتباط ظاهرة العنف العالمي على الفضائيات بزيادة نسبته بين الأطفال في الآونة الأخيرة.

يعزو د. يسري عبد المحسن (أستاذ الطب النفسي في جامعة القاهرة) السبب الرئيس لـ«شقاوة» الأطفال في غياب دور الأسرة وعدم ممارسة الأب لدوره في الرقابة على الأبناء، خصوصًا عندما يكون منشغلاً بالعمل ولا همّ له سوى جمع المال فيتعامل مع البيت كاستراحة للنوم فحسب.

كما أن خلافات الأبوين كما يبين عبد المحسن تؤثر على الأطفال وتقلل من اهتمام الأسرة بهم من ناحية وتسبّب لهم خللاً نفسيًا من ناحية أخرى.

أما د. رضا عبد الستار (أستاذ البحوث التربوية) فيرى أن الطفل لا يعيش بمفرده في العالم وإذا غاب دور الأسرة، ستحل مكانه وسائل الإعلام المختلفة، التي يقضي الطفل أمامها معظم وقته تقريبًا، وهو يميل في أعوامه الأولى إلى المحاكاة والتقليد، وهنا يكمن الخطر في ضوء غياب الدور الرقابي للأسرة.

وتؤكد د. فاطمة القليني (أستاذة مساعدة في علم الاجتماع في كلية البنات في جامعة عين شمس)، في دراسة أعدتها أن غالبية الدول العربية تستورد ما لا يقل عن نصف البرامج التلفزيونية المقدمة إلى أبنائها وأن 75 % منها مستورد من الولايات المتحدة الأميركية، وهي تزخر بالعنف وبالقيم الغريبة عن مجتمعاتنا التي لا تتوافق مع ثقافتنا وعادتنا وتقاليدنا العربية.  

تربية متوازنة

في السياق نفسه تعتبر د. نادية شريف (استاذة في معهد الدراسات التربوية في جامعة القاهرة) ان التربية الفاعلة هي أفضل طريقة للحد من الشقاوة والعنف، مؤكدة أن القاعدة الأولى هي الثبات على المبدأ لدى التعامل مع الطفل وهذا يعني الاتفاق مع الأب مسبقًا على ما هو مسموح وما هو ممنوع وعلى طريقة التصرف إذا تعدى الطفل الحدود المرسومة له، لذا تنصح شريف الأم ألا تقبل أي شيء يرفضه الأب وألا تتغاضى عن شيء فعله الطفل اليوم ثم تعاقبه على الفعل نفسه في اليوم التالي، وأن تكون هادئة، لكن حاسمة. كذلك تؤكد شريف على ضرورة أن يكون التعامل مع الأطفال متوازنًا، بحيث لا يكون الوالدان متراخيين أكثر من اللازم أو حادين بشدة، فالتراخي الزائد تكون نتيجته طفلاً منفلتًا ليس لكلام أبويه أي تأثير عليه. كما أن الحدّة المبالغ فيها تحجم شخصية الطفل ولا تترك لديه فرصة للإبداع أو التعبير عن نفسه.

ضرورة الشعور بالأمان

يتفق علماء النفس والتربية عمومًا على أن العقاب المناسب للطفل الشقي لا يكون بالضرب أو الألفاظ الجارحة بل بحرمانه من شيء يحبه مثل مشاهدة التلفزيون أو الذهاب إلى النادي. في هذا المجال توضح د. دعاء ممدوح (اختصاصية تربية) أنه لا يجب التعامل مع الطفل كقطعة شطرنج لا يتحرك إلا عندما يحركه الأهل، قائلة: «المهم كيف نتعامل مع هذه الشقاوة بحيث يكون مردودها إيجابيًا على الطفل فتزيد من ذكائه ومن قدرته على التكيف، وكي نتمكن من ذلك لا بد من إغداق الطفل بالحب والأمان والحرية والثقة بالنفس».

back to top