نجل الحكيم في الطريق إلى خلافة أبيه

نشر في 02-07-2007 | 00:06
آخر تحديث 02-07-2007 | 00:06
No Image Caption
يرى نفسه جسراً بين أكبر عائلتين دينيتين في العراق ويراه خصومه عدي الجديد.

بعد أعوام من العلاقات المتوترة والمضطربة مع السياسيين العراقيين الشيعة، رحب الرئيس بوش في ديسمبر الماضي بعبد العزيز الحكيم المتألق في العمامة السوداء والعباءة التقليدية في البيت الأبيض. وصَمت الزيارة السيد حكيم وحزبه بصفة الحلفاء الشيعة المفضلين لأميركا في العراق.
تبين في شهر مايو أن السيد عبدالعزيز الحكيم رجل الدين الشيعي البالغ من العمر 57 عاماً يعاني سرطان الرئة، ما طرح تساؤلات حول هوية الشخص الذي سيتولى في المستقبل زعامة المجلس الأعلى الإسلامي العراقي، وهو الكتلة الكبرى في التحالف الشيعي التي تسيطر على البرلمان العراقي. وفي الوقت الذي يخضع فيه الحكيم للعالج الكيميائي في إيران، برز ابنه عمار البالغ من العمر 36 عاماً بصفته ولي العهد، وقد باشر إنجاز العديد من المهام التي يضطلع بها أبوه بحسب مسؤولين عراقيين بارزين.

ويعتبر عمار الحكيم، صاحب اللحية المشذبة والمرتبة والذي يضع نظارات بلا إطار، أحد أعضاء الجيل الجديد من رجال الدين، ومن ضمنهم السيد مقتدى الصدر المتطرف، الذين يحددون الآن إطار السياسات الشيعية.

وقد قال مسؤول دبلوماسي عراقي بارز إن «آل الحكيم يديرون عجلة الأحداث من الداخل بينما الصدر يديرها من الخارج» مشيراً إلى دور السيد الصدر بصفته المنافس الشيعي الرئيسي.

وقال الحكيم الابن في مقابلة أجريت معه أثناء زيارة حديثة له إلى نيويورك إنه صلة الوصل بين العالمين «دعوني أبوح لكم بسر، أبي يتحدر من عائلة «الحكيم» بينما أمي من عائلة «الصدر»، بالتالي أنا الموحد».

وتجدر الإشارة إلى أن الحكيم يدير الآن مؤسسة الحكيم التي تعنى بمشاريع خدماتية وتثقيفية بلغت قيمتها ملايين الدولارات. وقال عراقيون إن الحكيم بدا خلال الانتخابات العراقية في العام 2005، قائد حملة جذابا بالنسبة إلى الحزب وكان النقيض الواضح لأبيه الصارم.

كذلك، قال مسؤول دبلوماسي عربي بارز في بغداد إن «عمار الحكيم رجل نافذ يتمتع بشعبية كبيرة اكتسبها بسبب مؤهلاته. وكان يهيئ نفسه لذلك منذ فترة طويلة، لم يأتِ نجاحه بين ليلة وضحاها. ولكن على الرغم من ذلك، تعتبر سمعته معقدة.

فقد أشار الدبلوماسي إلى أن العراقيين يدعونه عمار عُدي، تيمناً بعُدي المتألق ابن الرئيس صدام، لأن عمار أيضاً متألق، فهو يملك السيارات والمال والحراس.

في شوارع بغداد، يقارن الحكيم بابن صدام حسين بسبب شائعات وادعاءات منتشرة على نطاق واسع ولكن غير مثبتة بأنه متورط في صفقات مالية مشبوهة وفساد محتمل. وقد قال أبو عبد الله، مالك متجر حواسيب في الكرادة، إحدى ضواحي بغداد «لا أحد يستطيع المساس به لأنه عمار الحكيم».

فضلاً عن ذلك، صرح القاضي راضي الراضي، رئيس مفوضية النزاهة العامة العراقية المستقلة الذي ينظر في الادعاءات بالفساد، أنه تحرى في شكاوى فحواها أن عمار الحكيم متورط في عقد مع السفارة الأميركية ووزارة النفط العراقية ولكن لم يتم إثبات هذه التهم. وقد أوضح القاضي أنّ «أحداً لم يكن يضغط علي».

أما الحكيم فرد بالقول «أعتقد أن هناك أناسا يسعون إلى رمي اتهامات كهذه لأسباب سياسية معينة، حتى أنهم زوّروا بعض الأوراق التي تفيد بأن السفير الأميركي سمح لنا بتصدير النفط من العراق، وكما يعلم الجميع، ليس السفير الأميركي مسؤولاً عن صادرات النفط العراقي».

وأضاف «بات معروفاً الآن من يحب عُدي ومن عرف عُدي ومن يدعو الآخرين باسم عُدي. هذا ثمن النضال والخدمة».

وبعد انقضاء أسبوعين على زيارة والده إلى البيت الأبيض، عقد الحكيم نوعاً مختلفاً من اللقاءات مع مسؤولين أميركيين بارزين. وفي فبراير، اعتقل هو والمحيطون به عندما عادوا من إيران التي ترعرع فيها خلال حكم صدام حسين والتي غالباً ما يزورها. كانت عيناه معصوبتين في الطريق إلى مركز الجيش الأميركي كما أنه خضع لتفتيش طال حتى ثيابه الداخلية. وقد أخبره الجيش الأميركي أن صورته التي على بطاقة هويته لا تشبهه أبداً كما أن صلاحية جواز سفره شارفت على الانتهاء. ولاحقاً صرح مسؤولون أميركيون بارزون أنهم كانوا قلقين أيضاً من كمية الأسلحة التي كانت بحوزة مرافقيه والتي يقول الحكيم إنها لحراسه الشخصيين.

لاحقاً، عمد السفير الأمـــــيركــي في ذلك الوقت، زلماي خليــــــل زاد إلى الاعتذار، «وقــــد قبلـــنا اعتـــــــــذاره» بحسب ما أشار إليه الحكيم.

أما الآن، فيريد الحكيم بقاء الجيش الأميركي في العراق، بيد أنه متضايق أيضاً من أن الاجتياح الأميركي أطلق خلافات أخرى.

وأضاف «العراق ساحة معركة تدور بين الولايات المتحدة من جهة وإيران وسورية من جهة أخرى، كما أنه أيضاً مسرح لمشاكل تدور بين إيران والبلدان العربية، ومشاكل أخرى بين القاعدة والولايات المتحدة، وليست أي منها في مصلحة العراق».

وفي أوائل شهر يونيو شاركت مؤسسة الحكيم في رعاية اجتماع في الأمم المتحدة عن «العراق لجميع العراقيين» جمع عشرات رجال الدين الشيعة، والسنة والأكراد بغية الدعوة إلى الوحدة المذهبية والعرقية في مواجهة العقائد المتطرفة.

وفي الوقت عينه، كما الوالد كذلك الابن، يتخذ الحكيم موقفاً صارماً حيال مسألتين تدقان ناقوس الخطر في صفوف الأقلية السنية العراقية، ألا وهما تشكيل محافظة شيعية في الجنوب الغني بالنفط وحظر الأعضاء السابقين في حزب البعث التابع لصدام حسين من تولي الوظائف الحكومية.

وقال «نحن نؤمن بالتوازن السياسي في العراق. عندما نجد منطقة قائمة بحد ذاتها في الشمال نعتبر أنه يحق للآخرين التمتع بنظام الإدارة نفسه»، مشيراً إلى المنطقة الكردية شبه المستقلة في شمال العراق. وأضاف «سندعم سكان غرب العراق للحصول على منطقتهم الخاصة»، على الرغم من أنه رفض وجود أي قاعدة مذهبية أو عرقية في أي منطقة، ستتشكل المنطقة الغربية من أكثرية سنية وتملك موارد نفطية محدودة.

وتجدر الإشارة إلى أن السيد الصدر والأحزاب الشيعية الأخرى لا يؤيدون نشوء منطقة شيعية في الجنوب. ويقول المسؤولون الأميركيون إنهم يخشون أن يسهم تشكيل ثلاث محافظات تسيطر عليها المجموعات الدينية أو العرقية في تقسيم العراق إلى دويلات منفصلة.

كذلك، أشار الحكيم إلى أنه يريد «شراكة حقيقية» مع السنة، لكنه انتقد أيضاً الضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة في سبيل تعديل القانون وذلك لتساعد في عملية المصالحة مع السنة وبخاصة الأعضاء السابقون في حزب البعث.

وأكمل الحكيم «يشعر العراقيون أن الأميركيين يسيرون في اتجاه واحد ولا يعتمدون على أي توازن. وعندما يتحدث الناس عن إعادة حزب البعث إلى الحياة السياسية وإبطال القوانين التي تقضي بتفكيكه، يشعر البعض بأن هذا يعيد هؤلاء القتلة إلى دائرة الضوء. وعندما يتحدثون عن النظر مجدداً في الدستور وتعديله، فهذا يعني بالنسبة إلى البعض انتزاع الحقوق من مجموعة معينة وإعطاءها إلى مجموعة أخرى».

ومن الجدير ذكره أن تراجع صحة الحكيم الأكبر قد طرح تساؤلات حول ما إذا كان المجلس الأعلى سيفقد دوره البارز في التحكم في السياسة العراقية.

ويقول المبعوث العربي إلى بغداد إن «الأحزاب الأخرى تتصرف كأن رحيل الحكيم سيعمل لمصلحتهم ويخلق فرصاً جديدة لهم. أما الشخص الوحيد الذي يملك دعماً شعبياً كبيراً فهو السيد الصدر. لقد تمكن الحكيم من جعل بوش يستقبله في البيت الأبيض وآية الله يقابله في إيران. بيد أن نفوذ الحكيم في جنوب العراق بدأ ينحسر بحلول نهاية عام 2006. كذلك، برزت مشاكله الصحية في الوقت الذي بدأ فيه يواجه مشاكل سياسية».

إعادة التشكيل

بدأ المجلس الاسلامي الأعلى إعادة تشكيل نفسه، وذلك لنقل ولائه الديني إلى خارج إيران. وصرح زعيم سياسي كردي بارز بأن «المجلس الأعلى قد وسع قاعدته الزعامية وغيّر اسمه ووافق على الانضواء تحت راية آية الله العظمى السيد علي سيستاني وليس تحت راية قم»، مشيراً إلى الزعيم الشيعي الأعلى في العراق والعاصمة الدينية في إيران.

أما بالنسبة إلى الحكيم الأصغر، فيقول العراقيون إن خصومه المحتملين لا يملكون اللقب الديني أو العائلي الذي يحتاجون إليه لقيادة الحركة. «أما الناحية السلبية من تعيينه فهي أنه سيصنف في خانة توارث السلطة من الأب إلى الابن كما هي الحال مع عائلة الرئيس مبارك وسلالات حاكمة أخرى في الشرق الأوسط». وأشار أحد السياسيين السنة البارزين إلى أنه «في الوقت عينه، قد يكون الوضع أكثر سوءاً».

back to top