جورج كلوني... مالئ الدنيا وشاغل النساء

نشر في 26-04-2008 | 00:00
آخر تحديث 26-04-2008 | 00:00

ليس هذا الرجل رئيساً للجمهورية، ولا ينتمي إلى عائلة مالكة. ولا هو شيخ أو مغني بوب مشهور. إنه جورج كلوني، الممثل الأغلى ثمناً في عالم السينما.

حصد من فيلم Oceans 13 سبعة ملايين جنيه. إلا أن أفضل أدواره هو «السيد الكامل». ولا شك في أنه يتقن هذا الدور، هذا إن لم نقل إنه يتقنه إلى حد الكمال.

إنه رجل وسيم جداً في السادسة والأربعين من عمره، عيناه بنيتان كبيرتان صافيتان، أسنانه بيضاء بياض اللؤلؤ، وقد تخلل شعره بعض الخطوط البيض. ويُعتبر بملابسه الأنيقة الرجل الذي ترغب غالبية النساء، بغض النظر عن سنهن، في الزواج به.

وحسبما يُقال، يشعّ هذا الرجل سحراً، معتمداً نوعاً من المزاح الناقد الجريء الذي يسلب ألباب النساء.

معبود النساء

وبما أن مكانته تتراوح بين مبدع على الشاشة وزعيم قبيلة، فغالباً ما يظهر على صفحات الجرائد والمجلات وهو محاط بسرب من الحريم. ففي عشاء Harper’s Bazaar في مطعم L’Atelier de Joel Robuchon الذي أُقيم في لندن، التُقطت له صور بصحبة إيل ماكفرسون، تاندي نيوتن، جيميما خان، ناتاشا ماكلهون، هيلينا بونهام كارتر، وصديقته القديمة مارييلا فروستراب.

أما في الليلة التالية في العرض الأول لفيلم Leatherheads الجديد الذي أخرجه هو بنفسه وتشاركه فيه البطولة صديقته القديمة رينيه زيلويغر، وقف أمام عدسات الكاميرا مع النساء العشر اللواتي تقدمن لأداء التجارب في برنامج تلفزيون الواقع I’d do Anything. ولم تبدِ أي منهن تردداً في الوقوف إلى جانب كلوني. قالت إحدى السيدات اللواتي حضرن عشاء Harper’s Bazaar والحماسة تملأ صوتها: «يبدو وسيماً جداً عندما تتأمله عن كثب. فاستدارة رأسه جميلة وبشرته ناعمة ونقية. وتعكس ملابسه ثقته بنفسه. حاولت تجاذب أطراف الحديث معه، لكنني أدركت فجأة أنني برفقة جورج كلوني. فاجتاحتني موجة من الأدرينالين وشعرت أنني عاجزة عن الحراك».

يعتبر هذا رد فعل طبيعياً عند الاقتراب من هذا الممثل، إلا أن النساء نادراً ما يعبرن عنه بهذه الصراحة. يخبر الصحافيون أن ساره براون، خلال فترة التقاط الصور في مقر رئيس الوزراء، أعربت عن رغبتها في أن يؤدي كلوني دور زوجها في أحد الأفلام، في حال سنحت له الفرصة. وعن هذه المسألة ذكرت صحيفة «دايلي ميرور» أنها «ليست المرأة الوحيدة التي تود استبدال زوجها بجورج الوسيم». وعندما كانت زيلويغر تقف على السجادة الحمراء في ساحة ليسيستر وصيحات الفتيات تتعالى من حولها، سئلت عما إذا انزعجت لأن هالة الممثل البطل في الفيلم حجبت دورها. فأجابت بالنفي، قائلة: «هذا هو بكل بساطة تأثير كلوني».

لكن ما هو سر تأثيره؟ هل هي وسامته وسحره الطاغي اللذان يجعلانه ملِكاً يتربع على عرش عالم النساء؟ ولمَ يستقطب الملايين من المعجبين الرجال، مع العلم أنهم ليسوا شاذين جنسياً؟ لا بد من القول إنه يتقن دور الصديق المحبَّب والمرح الذي يرغب كل رجل في مرافقته إلى المطاعم والحفلات.

يقوم فيلمه Oceans 11 وأجزاؤه الأخرى، التي حققت أرباحاً كبيرة على شباك التذاكر مع أنها انتُقدت بشدة، على فكرة الصداقة بين الرجال والإخلاص وحماية الرفاق في وجه المخاطر. حتى أن كثراً من مرتادي السينما خرجوا بعد مشاهدة الأفلام وهم مقتنعون بأن حياة كلوني الخاصة هي سلسلة متواصلة من المغامرات الطائشة بصحبة براد ومات وبينيتشيو. صحيح أنه يخالط المشاهير، غير أنه يؤكد أن أصدقاءه الحقيقيين هم تسعة رجال غير مشهورين تعرّف إليهم منذ 25 عاما.

منذ زواجه بتاليا بالسام الذي دام أربعة اعوام وانتهى بالطلاق عام 1993، يصر كلوني على عدم الزواج ثانية. وهو لا ينفك يتنقل من صديقة إلى أخرى (يخرج حالياً برفقة ساره لارسن، نادلة سابقة في لاس فيغاس). أما الشعار الذي يردده دوماً على مسمع النساء فهو: «سيدتي، لا يمكنكِ أن تكوني الأولى ولن تكوني يوماً السيدة كلوني، وإنما قد تكونين التالية».

لكن العامل الأبرز على الأرجح في مجموعة العوامل التي تكوّن «السيد الكامل» هو الفضيلة. فيبرع في تحويل الفضيلة إلى صفة مثيرة والرذيلة إلى ميزة بطولية.

نشاطات خيريّة

بدأ اهتمام كلوني بالصراع في دارفور منذ صيف عام 2006، حين زار المنطقة مع أبيه لتصوير فيلم Sand and Sorrow عن معاناة اللاجئين. وفي أيلول/ديسمبر الفائت، منحت مجموعة من الحائزين جوائز «نوبل» كلوني وصديقه الممثل دون شيدل جائزة «قمة السلام» نتيجة الجهود التي بذلاها. وقال في خطاب تسلمه الجائزة: «نقف أنا ودون أمامكم ونحن نجز أذيال الخيبة. فإذا تأملتم في حقيقة الفظائع التي تحدث في دارفور... أدركتم أن هؤلاء الناس ليسوا أفضل حالاً مما كانوا عليه قبل اعوام».

في مقر رئيس الوزراء، تحدث كلوني إلى براون عن فائدة نقل الناس إلى بر الأمان بواسطة طائرات مروحية، واقترح أن تكون لندن المكان الذي يجتمع فيه قادة الثوار. فلم يسع رئيس الوزراء إلا أن يقدر جاذبية هذا الرجل، الذي طلبت منه زوجته أن يؤدي دوره في فيلم. وأخبر الصحافيين أنه «ممتن» «لروح كلوني القيادية».

إنجازات عظيمة

عن صفاته تقول امرأة أخرى من جيش النساء المعجبات به: «يمتاز كلوني بصدقه. كان في الماضي صحافياً على غرار والده، ويعرف ما يدور في العالم من حولنا. كذلك نعرف يقيناً أن بإمكانه الكتابة والإخراج وأنه ليس مزيفاً. إنه شخص جدي».

إنه الرجل الرجل. فهو وسيم وساحر، بشرته ناعمة وعيناه جميلتان. يفتن النساء، لكنه أيضاً مثال الصديق الصدوق لكل رجل. يحب الحيوانات الأليفة، ولا يريد دخول المعترك السياسي. فقد قال ذات مرة: «أترشح لمنصب سياسي؟ لا، فقد كانت لي علاقات مع نساء كثيرات، وتعاطيت كثيرا من المخدرات، وحضرت حفلات عدة». إلا أنه يكره الظلم وعمالقة صناعة النفط ووكالة الاستخبارات المركزية. وقد نجح في اداء دور طبيب أطفال خيّرٍ ولص جذاب بالمهارة نفسها. كان متزوجاً في الماضي، لكنه لا يريد الآن سوى علاقات عابرة. إنه رسول سلام يهتم باللاجئين ويحاول إقناع قادة العالم بحل الصراع في دارفور. سجله حافل بالإنجازات العظيمة.

نقطة سوداء

وعبثاً يحاول المرء البحث عن نقطة سوداء على ثوبه الناصع، لكن إليكم واحدة. فقد أخفق فيلمه الجديد Leatherheads الذي كلف شركة يونيفرسل 58 مليون دولار. وعلى الرغم من الحملة الإعلانية الواسعة، لم يحصد سوى 13.5 مليون دولار في أسبوعه الأول وحلّ في المرتبة الثانية في قائمات الأفلام الأكثر رواجاً بعد فيلم المقامرة 21.

ويخشى المسؤولون في الشركة من ألا يحقق هذا الفيلم أي أرباح. إنه بالتأكيد زلة، لكنها لن تصد على الأرجح اندفاع كلوني لغزو قلوب الجميع حول العالم.

يتردد اسمه هذا الأسبوع على لسان بريطانيات كثيرات ويظهر على أغلفة المجلات المحترمة كلها. كذلك ترد مقابلات مهمة معه في «الاسكواير» و«نيويوركر». وفي هذه الأخيرة، يحاول إيان باركر إعطاء رأيه في كلوني، قائلاً: «إنه زير نساء أميركي وطني ومروج للسلع في البرامج الحوارية وعلى السجادة الحمراء. وفي هذا العالم الذي يضج بالحسد، يمتاز هذا الرجل بسخريته الخفيفة وذكائه وانتقاده لنفسه، فضلاً عن حاجبيه الكثيفين ورأسه المدبب والتواء فكه الأسفل الذي يوحي بأن ثمة شيئاً يتحرك تحت لسانه».

هل يعاني كلوني من تقلص مضغي لا إرادي في فكه الأسفل؟ لا عجب إذاً أنه متفق مع غوردن براون.

سيرة حافلة

انطلقت شهرته بعد أن جسد دور الطبيب دوغ روس في المسلسل التلفزيوني ER. كان دوغ طبيب أطفال (صفة جيدة) وزير نساء (صفة سيئة). وفيما عمل على إنقاذ الأطفال المصابين (صفة جيدة) وإغراء نساء عدة (صفة سيئة نوعاً ما)، لم ينسَ يوماً ذكرى حبه الضائع للممرضة كارول هاثوي (صفة جيدة).

في المقابل، أدى في أفلامه أدواراً عدة لرجال عصابات ولصوص كما في From Dusk Till Dawn، Out of Sight، O Brother Where Art Thou?، Welcome to Collinwood، وثلاثية Oceans. كذلك قام بتجربة لأداء دور السيد بلوند المختل عقلياً في فيلم Reservoir Dogs، إلا أنه لم يحصل عليه.

يظن البعض أن مسيرته المهنية تقوم على هذا المزج بين المظهر الجذاب البطولي والواقع الغريب الذي تولده شخصيته في الأفلام، تلك الشخصية التي تسرق المصارف وتقتل الناس. ولهذا السبب على الأرجح، بدأ كلوني في الاعوام الأخيرة سلسلة من الأفلام تتناول مواضيع سياسية وتعكس، بكل وضوح، الشر في عالم الواقع.

كان فيلم Confessions of a Dangerous Mind الذي صدر عام 2001 أول فيلم يخرجه كلوني. يروي هذا الفيلم قصة تشاك باريس، مقدم برامج ألعاب (على غرار نيك، والد كلوني) عمل أيضاً قاتلاً مأجوراً لدى وكالة الاستخبارات المركزية. إلا أن هذه الأخيرة لم تستطع أن تحدّد مدى اعتماد هذه الرواية على الخيال ونعتتها بـ«المشينة» و«السخيفة»، مؤكدة أن ما من شخص يُدعى تشاك باريس عمل لديها.

في عام 2004، تناول مرة أخرى حياة والده المهنية في فيلم «Good Night and Good Luck». روى هذا الفيلم قصة صحافي ومذيع تلفزيوني صارم في خمسينات القرن العشرين. فعرض الصراع الذي كان قائماً بين مقدم برنامج See It Now على شبكة CBS، آيد مورو، والسناتور المناهض للشيوعية جوزف مكارثي. يُعتبر هذا الفيلم درساً أخلاقياً أكثر منه دراما سينمائية. فهو يقدم عبراً واضحة عن مسؤولية وسائل الإعلام في مواجهة الحكومة. أما فيلم Syriana في العام 2005 فيُظهر مدى سيطرة صناعة النفط على العالم والفساد الذي يلف مسألة منح حقوق التنقيب. إلا أن بعض النقاد نددوا بميل هذا الفيلم المناهض للولايات المتحدة، حتى ان أحدهم كتب: «ما كان بإمكان أسامة بن لادن أن يكتب نص هذا الفيلم بقناعة أكبر».

صحيح أن البعض يعتقد أن تعاطي كلوني في الوقت الراهن في مسائل سياسية ما هو إلا محاولة للظهور كرجل جدي لا مجرد رجل لعوب ثري تافه، غير أن معظم النقاد أثنوا على فيلم Syriana. وبفضل صدق أدائه في هذا الفيلم، حصل على أول «أوسكار»، له والوحيدة حتى الآن، عن فئة أفضل ممثل مساعد. وعندما زار غوردن براون، بصفته «رسول سلام» للأمم المتحدة، بدا جلياً أنه بعيد كل البعد عن السفراء الذين لا يتطرقون إلى المسائل الجدية، أمثال جيري هاليوال.

back to top