موت دكتاتور!!

نشر في 31-01-2008 | 00:00
آخر تحديث 31-01-2008 | 00:00
 أ.د. غانم النجار

خلال حكم سوهارتو الدكتاتوري اختفى أو قتل ما يقارب المليون شخص، وقام بغزو تيمور الشرقية عام 1975 واحتلالها وقتل فيها ما يزيد على 200 ألف شخص، واتهم هو وعائلته بأنواع الفساد كافة الذي قدرته بعض الأوساط بأن ما استولى عليه من أموال الدولة قد تجاوز 35 مليار دولار.

عندما يموت الدكتاتور تتجدد الفرصة للحديث عن مجريات الأمور إبان حكمه، وهكذا هي الحال مع رحيل الجنرال سوهارتو الذي حكم إندونيسيا ما يزيد على 30 عاماً في الفترة من 1967 حتى 1998، بالحديد والنار وكل أدوات القسوة التي استخدمها من دون تردد.

وقد كان سوهارتو أحد أبرز أعمدة الدكتاتورية والبطش والقمع في العالم، وكان محور ارتكاز للنفاق الغربي في العالم من دون منازع. وكان قد لحقه من قبل شخصيات دكتاتورية لعبت أدوارها كل بقدره وبحجمه؛ مثل أنستازبو سوموزا في نيكاراغوا، وفرديناند ماركوس في الفلبين، وفرانسوا دوفالييه في هاييتي.

إلا أن سوهارتو، أو الحاج محمد سوهارتو، تجاوز في حكمه الآخرين، وحكم إندونيسيا الدولة ذات التعداد الأكثر من 234 مليوناً ورابع أكبر دولة من حيث عدد السكان في العالم، وأكبر دولة ذات أغلبية مسلمة.

وخلال حكمه الدكتاتوري اختفى أو قتل ما يقارب المليون شخص، وقام بغزو تيمور الشرقية عام 1975 واحتلالها وقتل فيها ما يزيد على 200 ألف شخص، واتهم هو وعائلته بكل أنواع الفساد الذي قدرته بعض الأوساط بأن ما استولى عليه من أموال الدولة قد تجاوز 35 مليار دولار.

وأتذكر جيداً أن اهتمامي بإندونيسيا والتعرف على ما يجري فيها كان قد بدأ منذ أكثر من عشرين عاماً عندما تم تكليفنا من قبل «منظمة العفو الدولية» بملف الدفاع عن إمام مسجد معتقل في أندونيسيا، واشتركنا مع مجموعتين في ولاية أوريجون بالولايات المتحدة وأخرى في مدينة شتوتغارت بألمانيا في عمل دؤوب لإخراج ذلك الإمام من سجنه ومتابعة شؤون عائلته، وقد حققنا تقدماً جزئياً في تلك الحالة حين تم الإفراج عنه ليوضع رهن الإقامة الجبرية، وعبثاً حاولنا الحصول على التصريح لنا بالذهاب الى هناك كبعثة تقصي حقائق دولية، فلم يكن الحكم الإندونيسي آنذاك ليتسامح أو ليتنازل عن نمطه القمعي وللأسف بدعم دول غربية، ربما كان ذلك درساً مبكراً لنا في عدم التمييز على أساس الدين.

وهكذا يذهب الدكتاتور سوهارتو للقاء ربه مخلفاً وراءه تركة ثقيلة من المآسي والألم. يموت سوهارتو على فراشه محاطاً بأفضل الأطباء في مجالهم، ولكن كيف بالإمكان أن يستمر الدكتاتور في حكمه لهذه المدة الطويلة، وللحديث بقية.

back to top