المشهد الكويتي... وبرنامج الأخ الكبير Big Brother

نشر في 09-09-2007
آخر تحديث 09-09-2007 | 00:00
 د. موضي عبدالعزيز الحمود

تُذكرني أحداث برنامج «الأخ الكبير» بما يدور في الكويت في الوقت الحالي، حيث تنشغل جميع الأطراف من قوى سياسية حكومية ومجلس في صراع كبير وشرس بشأن القضايا المحلية، وانشغلت هذه الأطراف جميعها عما يدور في العالم من أحداث وعما يحيط بالكويت من ظروف دولية بالغة الحساسية وعن الاحتياجات الرئيسية للمواطنين.

خلال إجازتي تابعت مع الأبناء أحد البرامج التلفزيونية، الذي تعرضه بعض المحطات الأوروبية والمسمى بالأخ الكبير Big Brother. في هذا البرنامج يضع المخرج مجموعة من القاطنين داخل منزل الأخ الكبير، حيث يعيش هؤلاء في عزلة تامة عن العالم الخارجي يتداولون طول الوقت ما يجري داخل المنزل من شؤون ومشاكل، وفي نهاية كل أسبوع تقوم المجموعة بالتصويت على إقصاء أحد العناصر خارج المنزل حتى يتبقى آخر مقيم ليكون الفائز بالبرنامج.

تُذكرني أحداث هذا البرنامج بما يدور في الكويت في الوقت الحالي، حيث تنشغل جميع الأطراف من قوى سياسية حكومية ومجلس في صراع كبير وشرس بشأن القضايا المحلية، وقد استهلك هذا الصراع تفكير الجميع وأنهك القوى، فكل طرف يهدف إلى إقصاء الآخر عن الساحة السياسية أو على الأقل أن يفرض رؤياه وأجندته. وانشغلت هذه الأطراف جميعها عما يدور في العالم من أحداث وعما يحيط بالكويت من ظروف دولية بالغة الحساسية، وعما هو أهم؛ احتياجات البلد والمواطنين الحقيقية من خدمات وقضايا ومستحقات تنموية متزايدة مع تزايد المواطنين وطموحاتهم وتطلعاتهم، حتى أصبحنا نعاني ما نعاني من انقطاع الكهرباء، وشح المياه، وتراجع الخدمات الصحية، وبطء خدمات الاتصال، ونقص التجهيزات المدرسية، وغيرها من أمور يمكن تعدادها في قائمة طويلة، ونحن نعلم كذلك أنه لولا هذه الفوائض النفطية البسيطة لانكشفت سوءات أكثر ونحن على مشارف العقد الثاني من الألفية الثالثة.

مع الأسف... اللعبة مستمرة بين الأطراف كلٌ يحاول إقصاء الآخر، فالمجلس بدأ بإقصاء الوزراء واحدا تلو الآخر عن حق أو باطل، وهناك أطراف داخل الحكومة وخارجها، وحتى من المجلس، يدفعون بحل المجلس وإقصائه. وأصبحت الصورة متداخلة حتى بدأنا نشعر بانقطاع الأنفاس ونحن نلاحق ونتابع هذا الصراع الدائر ونتحسر على أوضاعنا وما آلت إليه.

لست هنا في موقع يخولني اتهام طرف معين، ولكننا جميعاً استمرأنا لعبة الأخ الكبير حتى أصبح كل منا يتخندق خلف رأيه وقناعته ومصالحه، لينسى أن هناك وطناً وأجيالاً مقبلة ترجو منا الكثير. إن ما يحدث لبلدنا لا يمكن التغاضي عنه، ولا يمكن إعفاء أي طرف منه، فالجميع مسؤولون والجميع مؤتمنون.

فهل نأمل في اتفاق على الأقل بين من بيدهم الأمر، رأفة بهذا البلد ومواطنيه المصدومين في ما يحدث؟ نأمل ذلك... خصوصا مع عودة الأب الكبير ليجمع الشمل ويرأب الصدع وينقذ ما يمكن إنقاذه من هذا الوضع الصعب لعلنا جميعاً نهنأ بالعيش في البيت الكبير الذي اسمه الكويت. نرجو من الله ذلك.

back to top