نافذة: وزير الإسكان... وهدم الديوانيات

نشر في 08-02-2008
آخر تحديث 08-02-2008 | 00:00
 أحمد سعود المطرود

الديوانية هي سلسلة التزاور والتواصل السياسي الحر والترابط الاجتماعي والأسري المستمر، فهي ذات الصفات الجميلة والمميزة وهي منابر برلمانية باعتراف الآخرين، وشريان كل مواطن على هذه الأرض الطيبة ومحط أنظار الحكومة والنواب وغيرهم.

لقد تطرقت في مقال سابق عن وزير التجارة ونواب الدائرة الخامسة إلى بعض تقاعسهم تجاه أهالي هذه الدائرة بالسكوت عن توزيع القسائم الصناعية في الشعيبة وغيرها من المناطق المجاورة، والسبب هو التحالفات الجاهلية بين النواب على حساب صحة المواطن، فالمصلحة عند البعض أهم وأسمى من راحة المواطن لأن صفة نسيانه أساسية إذا كانت تصب في مصلحته الشخصية، وإن إصرار النائب علي العمير على استجواب وزير التجارة جعلت التحركات للوقوف مع الوزير تجاه تقديم الاستجواب واضحة، وبدأت المساومات في ضرر المواطن تزيد من أجل الوقوف معه وبدأت الكرة في ملعب الوزير وشقيقه الذي بدأ بالوعود «ورأصني ياجدع»، وهذا ما صرحت به إحدى الصحف يوم السبت الماضي بأن شقيق وزير وهو مستشار في جهاز أمني يساوم النواب للوقوف مع شقيقه... إن السكوت عن القضية يضع علامات استفهام كثيرة تريب ناخبي هذه المناطق من نواب الدائرة بالنسبة لموضوع نقل المصانع، وكأن الأمر لا يعنيهم البتة.

كم من مريض! وكم من تشويه للمواليد الأطفال من الآثار السيئة المترتبة عليها من قبل التلوث البيئي من هذه المصانع! والزمالة متسلسلة في الحكومة، فوزير الإسكان ليس بعيداً عن وزير التجارة، فالأول يضيّع الأراضي على المواطنين، والثاني ينقل السموم والتلوث البيئي بالقرب منهم ضاربا بصحتهم عرض الحائط، وزير الإسكان يطلب الاستعجال بنقل سكراب أمغرة إلى منطقة الشدادية القريبة من السكن الخاص ونسي حجر الأساس للجامعة وغيرها من خدمات، وعرض الأراضي بالمزاد العلني، فهل سأل وزير الإسكان نفسه أن المواطن لايملك ما تملكه هو حتى يدخل المزاد العلني لكي يساوم على أرض بقيمة 80 ألف دينار؟! فالمواطنون بسطاء يا سعادة الوزير، وهل رجع كل من وزير الإسكان والبلدية والتجارة إلى المخطط الهيكلي للدولة الذي لم ير النور حتى الآن؟! أجزم بعدم اطلاعهم عليه.

ومن هذه التخبطات الوزارية والرؤيا على المدى البعيد الأخطاء الحكومية التي تعود ضد المواطن ولكنها في قضية شعبية أخرى، وهي التقليل من ممارسة الحريات من دون خوف وتردد في هذا المجتمع، فبدأت من إلغاء البرامج الحوارية وانتهاء بهدم الديوانيات ومراقبة «المدونات»، والديوانيات ميزة ننعم بها دون غيرنا من العالم الآخر، وتمارس فيها الانتقادات الحكومية و انتقادات النواب، وتطرح مواضيع اجتماعية وسياسية وغيرها ذات شفافية عالية من ممارسة النفس الحر، فالديوانية هي سلسلة التزاور والتواصل السياسي الحر والترابط الاجتماعي والأسري المستمر، فهي ذات الصفات الجميلة والمميزة وهي منابر برلمانية باعتراف الآخرين، وشريان كل مواطن على هذه الأرض الطيبة ومحط أنظار الحكومة والنواب وغيرهم، لأنها تعتبر قوى مؤثرة في البلاد، ولأنها تمثل الشعب الكويتي ككل.

فلا تجعلوا أعداء الديموقراطية يفرحون بطمس شمس الحرية لهذه الظاهرة الجميلة، فنرجو من رئيس الحكومة العدول عن هذا القرار، فهم أبناء هذا الوطن وليسوا تجاراً استولى بعضهم على أملاك الدولة ولم تجرؤ على إزالة شركاتهم ومصانعهم، فالدائري السابع وأبوفطيرة وميناء عبدالله وغيرها كثير يشهد بذلك وأنت «سيد العارفين» فالحل ليس بالهدم يا سمو الرئيس، فالبدائل كثيرة منها وضع رسوم وتراخيص لهذه الديوانيات، لا هدمها، فهدمها يعد جريمة ونقطة سوداء في عهد حكومتك، فاجعلوا المواطن يمارس ديموقراطيته حراً في وطنه.

back to top