17 عاماً وهم أسرى بيننا

نشر في 31-01-2008
آخر تحديث 31-01-2008 | 00:00
 سعود راشد العنزي  

الآن وقد تم التعرف على جثماني شهيدين، هل من المسؤولين مَن يستطيع أن يقدم إجابة شافية لأهالي الأسرى عن سبب كل هذا التأخير فقد مرّ أربع سنوات على سقوط الطاغية وعام على إعدامه؟ مَن يفسر أيضاً بقاء اللجنة الوطنية للأسرى التي أصبحت بلا هدف أو مبرر؟!

شيعت الكويت شهيدين من قائمة الأسرى الأسبوع الماضي ونحن إذ نتقدم بالعزاء للشعب الكويتي وذوي الشهداء في شهدائهم الذين قدموا أسمى تضحية للوطن. إلا أن المحزن في الإعلان الأخير عن اكتشاف رفات الشهيدين هو كونهما مدفونين في الكويت منذ استشهادهما ولم يسع أحد من المسؤولين للتعرف على جثمانيهما. بل لقد سبقهما شهيد ثالث اكتشف في عام 2004 من دون فحص الحمض النووي DNA لأن بطاقة هويته الشخصية كانت في جيبه حيث دفن بالملابس نفسها التي استشهد فيها.

قضية القبور المجهولة الهوية في الكويت ليست حديثة بل تعود إلى يناير من عام 1992، عندما قمت ككمثل للجمعية الكويتية للدفاع عن ضحايا الحرب (واشنطن) بتنظيم زيارة لوفد من جمعيات النفع العام (15 جمعية) إلى واشنطن وحصلنا على وعدين من جهتين متخصصتين للتعرف على هويات الرفات المدفونه في القبور المجهولة الهوية. كان الوعد الأول من منظمة «أطباء من أجل حقوق الإنسان»، وهي هيئة عالمية معتمدة في هذا المجال، وحصل عليه الدكتور غانم النجار من خلال اتصالاته بالجمعية. والوعد الثاني في أحد اجتماعات الوفد مع وزير الجيش الأميركي (Secretary of the Army) مايكل ستون، الذي قال إن معدات الجيش الأميركي في جزيرة هاواي تحت خدمة الحكومة الكويتية إن هي طلبت قيامنا بهذه المهمة.

الوعدان كانا قد سلما من قبل الدكتور غانم النجار، الذي ترأس الوفد آنذاك بصفته رئيساً للجمعية الكويتية للدفاع عن ضحايا الحرب، إلى مكتب وزير الديوان الأميري ومكتب سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء. لكننا علمنا بعد ذلك أن اللجنة الوطنية للأسرى والمفقودين كانت ترفض الموافقة على نبش القبور للتعرف على هويات المدفونين فيها، وقد بررت ذلك بأنه يضعف الكويت في التفاوض مع نظام صدام حول الأسرى عبر الصليب الأحمر الدولي، على اعتبار أن معرفة النظام الصدامي بالأمر قد تدعوه الى طلب تأجيل البحث في مسألة الأسرى إلى أن تنتهي الجهات المتخصصة من التعرف عليهم!

وكأن الكويت كان عليها أن تعلن لكل العالم أنها بصدد الكشف عن هويات المدفونين في أرضها من مجهولي الهوية! وقد تكرر طلب الناشطين في موضوع الأسرى كثيراً بضرورة التعرف على هوياتهم، وكان يقابل في كل مرة بالرفض، إلى أن سقط نظام الطاغية وعلمنا أن الأمل في وجود الأسرى أحياء قد تضاءل إلى درجة أقرب إلى اليأس، هنا باشر الناشطون مطالباتهم في الأمر مرة أخرى، ولكن لاحياة لمن تنادي.

ثم وصل تحرك الناشطين إلى حد الضغط على الحكومة وأعضاء مجلس الأمة إلى أن تشكل في أوائل 2004 فريق للعمل مكون من الداخلية والدفاع واللجنة الوطنية للأسرى وجمعية أهالي الأسرى وعدد من الناشطين، ومع ذلك تعثر قرار البحث عن هويات المدفونين في الكويت رغم معرفة أماكن قبورهم وتحديدها.

وبعد جهد ولأي قام فريق خاص يتبع فريق العمل ببعض الخطوات التي كان من نتائجها الكشف عن هوية أحد الشهداء (هويته في جيبه)، ثم توقف العمل مرة أخرى رغم الاتصالات المكثفة التي أجريت مع جهات متخصصة في هذا المجال.

الآن وقد تم التعرف على جثماني شهيدين، هل من المسؤولين مَن يستطيع أن يقدم إجابة شافية لأهالي الأسرى عن سبب كل هذا التأخير فقد مرّ أربع سنوات على سقوط الطاغية وعام على إعدامه؟ مَن يفسر أيضاً بقاء اللجنة الوطنية للأسرى التي أصبحت بلا هدف أو مبرر؟ ومن يبرر حتى الإبقاء على بعض الإعلانات الكبيرة (لاتنسوا أسرانا) على الشوارع السريعة؟

أشك في ذلك، فلم يتغير شيء كي أتفاءل!

 

back to top