القاهرة تكسر الحصار عن غزّة: خذوا قوتكم وحاجياتكم من مصر... وعودوا آلاف الفلسطينيين يندفعون عبر معبر رفح... بعد تفجير السياج الحدودي
كسرت القاهرة أمس، حصار إسرائيل على أهالي غزة عبر تغاضيها عن تفجير أجزاء من سور معبرها الحدودي مع القطاع الفلسطيني، مما منح عشرات آلاف الغزِّيين منفذاً إلى رفح المصرية، حيث اشتروا حاجياتهم الضرورية.
على نحو مفاجئ، كسر عشرات الالاف من اهالي قطاع غزة الحصار المفروض من قبل اسرائيل عليهم، وتدفقوا على مصر بعد أن قام مسلحون فلسطينيون فجر أمس، بتدمير أجزاء من السياج والجدار الاسمنتي الحدوديين عند معبر رفح، في تطور سمح به قرار مصري أوضحه الرئيس حسني مبارك لاحقاً.وتوجَّه ما يزيد على أكثر من مئة الف فلسطيني، وفقا لتقديرات مسؤولين محليين مصريين، إلى مدن رفح والعريش والشيخ زويد في شمال سيناء بالقرب من الحدود مع غزة، لشراء مواد أساسية غذائية وتموينية نفدت من غزة بسبب الحصار الذي فرضته السلطات الاسرائيلية على القطاع منذ الخميس الماضي.واوضح شهود فلسطينيون ان الامن المصري «لم يتدخل ازاء اندفاع المواطنين الفلسطينيين».وذكرت مصادر فلسطينية لـ«الجريدة»، ان هناك مئات من العالقين على الجانب المصري تمكنوا من العودة إلى ديارهم في قطاع غزة عقب فتح الجدار، مؤكدة في السياق ذاته، ان هناك العشرات من العالقين في الجانب الفلسطيني ايضا نجحوا في العودة إلى ديارهم بمصر، في حين توقعت المصادر ذاتها ان تبقي الحكومة المصرية الوضع الحالي لعدة ايام على الا يتعدى الوضع سد الفلسطينيين احتياجاتهم.مباركوأكد الرئيس المصري، في تصريحات للصحافيين، انه طلب من قوات الامن السماح لفلسطينيي قطاع غزة بالدخول إلى مصر للتزود باحتياجاتهم من الغذاء «ماداموا لا يحملون اسلحة»، مشيرا إلى انه يتفهم معاناتهم بسبب الحصار الاسرائيلي.واكد مبارك ان السبيل إلى انهاء الحصار على غزة يمر عبر اتفاق حركتي «فتح» و«حماس». وقال ان «اول تمهيد للحل الدائم هو تسوية الخلافات الفلسطينية.وأوضح ان «مصر بذلت كل الجهود لحل الخلافات ولكن اذا تحدثنا مع طرف فلسطيني، فإن الطرف الاخر يغضب واذا طلبنا ان يتفاوضوا معا من دون شروط مسبقة يغضب البعض منهم والمشاكل بينهم كثيرة».وحمل الرئيس المصري كلا من «اسرائيل وحركة حماس مسؤولية» الوضع الحالي في غزة، معتبرا ان «حماس من خلال اطلاقها الصواريخ تعطي اسرائيل فرصة» لاستمرار الحصار، داعياً الحركة إلى «وقف اطلاق الصواريخ»، ومخاطبا اياها «لماذا الصواريخ، فنحن نعمل على حل الأمور».هنية ومشعلوبينما بدا انه رد فعل على تصريحات مبارك، ابدى رئيس الوزراء اسماعيل هنية استعداده لعقد اجتماع عاجل وسريع «مع الاشقاء في مصر والاخوان في رام الله في اشارة إلى الرئيس الفلسطيني محمود عباس لوضع الترتيبات لفتح معبر رفح ومعابر اخرى.وقال هنية، في كلمة متلفزة، «نحن على استعداد للجلوس مع الاشقاء في مصر والاخوان برام الله جلسة عاجلة وسريعة لتكن في القاهرة لوضع الترتيبات لفتح معبر رفح ومعابر اخرى على قاعدة الثوابت والشراكة الوطنية».من جهة أخرى أكدت الخارجية المصرية أن الأحداث التي شهدتها الحدود المصرية على مدار اليومين الماضيين وتدفق آلاف الفلسطينيين إلى داخل الحدود المصرية هو نتيجة مباشرة للحصار والاجراءات التي تفرضها اسرائيل على سكان قطاع غزة. وأوضح المتحدث باسم الخارجية المصرية حسام زكي أن توجيهات الرئيس مبارك «كانت واضحة بالسماح لفلسطينيي غزة بالعبور إلى مصر لشراء احتياجاتهم الغذائية والدوائية وغيرها في ضوء الروابط الانسانية الكبيرة التي تربط بين أبناء الشعبين الشقيقين وتقدير مصر للأوضاع المعيشية بالغة الصعوبة التي يعانيها الفلسطينيون داخل القطاع وتحملها لمسؤولياتها التاريخية ازاء الشعب الفلسطينى الشقيق»طعام... وغرف نوموذكر شهود عيان ان شوارع قطاع غزة كادت امس، تخلو من المارة والسيارات اذ ان معظم السكان توجهوا إلى رفح في طريقهم إلى العريش. وكانت سيارات وعربات تجرها الحمير تدخل فارغة إلى مصر وتعود إلى غزة محملة بشتى مستلزمات الحياة.وفي الجانب المصري من مدينة رفح التي يشطرها خط الحدود مع غزة إلى قسمين، قال احمد حلاوة وهو فلسطيني في العشرينات من عمره، «هذه فرصة بالنسبة لنا، كفانا حصارا وكفى خنقاً لنا في قطاع غزة».وقالت ام حسن الغول التي كانت برفقة اثنين من ابنائها الثمانية «قمت بشراء خمس صفائح من الجبنة»، موضحة انها تقيم في مخيم الشاطئ وانها العائل الوحيد لابنائها بعد وفاة زوجها.واوضح محمد ابو طه «يجب ان تزال الحدود فنحن والمصريون اخوة ويجب ان تستمر ازالة هذه الحدود». واضاف بغضب «على اسرائيل واميركا الا تتدخلا في شؤوننا».وقام عدد من الفلسطينيين بشراء خراف واغنام من مدينة العريش (45 كلم جنوب معبر رفح) بينما حمل مئات منهم اكياسا مليئة بمواد تموينية واساسية وغذائية. واشترى مُزارع من غزة عشرين خروفا وضعها فوق سيارة نصف نقل عائدا إلى غزة.وفي الوقت نفسه، راى مراسل «فرانس برس» شاحنات محملة بالاسمنت ومواد البناء التي نفدت من غزة منذ عدة اشهر بسبب الحصار، مما ادى إلى توقف اعمال البناء.ووفقا لمراسلة «الجريدة» في قطاع غزة، فقد تهافت البعض من الفلسطينيين على شراء غرف النوم وفرشات الاسفنج بعد ان نفدت من اسواق قطاع غزة بسبب الحصار، وأجلت حفلات زفافهم. ونشطت تجارة السجائر بسبب ارتفاع اثمانها إلى الاضعاف، إضافة إلى السلع التموينية والاجبان وحليب الاطفال، ومواد التنظيف بسبب نفادها من الاسواق من جراء منعها من قبل السلطات الاسرائيلية بحجة استخدامها في صناعة المتفجرات.وترفض القاهرة فتح معبر رفح المغلق منذ سيطرة «حماس» في منتصف يونيو الماضي على قطاع غزة، معتبرة ان تشغيله سيعد انتهاكا لاتفاقية مبرمة بين اسرائيل والسلطة الفلسطينية والاتحاد الاوروبي تقضي بان يشرف عليه الأوروبيون الذين انسحبوا من المعبر فور سيطرة «حماس» على القطاع.في هذه الأجواء، اعلنت وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس في مؤتمر صحافي في زوريخ في طريقها إلى دافوس حيث ستشارك في منتدى التعاون الاقتصادي، «نحن مهتمون جدا بتحقيق الاحتياجات الامنية لاسرائيل والاحتياجات الانسانية لسكان غزة في وقت واحد».ليفنيوفي أول رد فعل إسرائيلي، قالت وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني إن إسرائيل ستواصل فرض الحصار على قطاع غزة وتنفيذ العمليات العسكرية فيه «لحماية مواطني إسرائيل» حتى ولو كان الثمن تنديدا دوليا.(غزة، القاهرة، دمشق، تل أبيب - أ ف ب ، رويترز، يو بي آي)