الصلح خير
إن إصلاح ذات البين في المجتمع هو أمر واجب على الراعي، وحكماء المجتمع، ولا يجب أن يتأخروا عن ممارسة واجبهم ودورهم حتى إن كانوا هم طرفاً مباشراً فيه، فنزع فتيل التوتر والفتنة مهما كان ذلك صعباً هو لا شك أهون من تداعيات الانفلات والفوضى.فلو أنا إذا مُتنا تُركنا لكان الموت غاية كل حيولكنا إذا مُتنا بُعثنا ونُسأل بعده عن كل شيالخلاف طبيعة بشرية يجب أن لا تُترك من دون معالجة حتى لا يتحول الخلاف إلى شقاق يوغر الصدور، ليحل التنافر محل الألفة، والفرقة مكان التوافق، وتوغر نفوس إخوة الأمس لتتحول إلى عداوة ومرتع لفعل الشيطان، وكلما سارع المجتمع في احتواء الخلاف في مراحله المبكرة، ابتداءً من مرحلة المشاحنة والمجادلة، ومروراً بالهجر والتباعد... وربما الأمر يتطور إلى مراحل اخطر... كانت فرص نجاحه واحتوائه أكبر. ان الله عز وجل حبب إلى المؤمنين إصلاح ذات البين، حفاظاً على تماسك المجتمع، ونبذ الخلاف، لينعم الجميع بالسكينة والأمن، قال تعالى «إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون»، وقال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم «أفضل الصدقة: إصلاح ذات البين»، كما قال صلى الله عليه وآله وسلم «ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة؟ قالوا: بلى. قال: إصلاح ذات البين، فإن فساد ذات البين هي الحالقة، لا أقول تحلق الشعر، ولكن تحلق الدين»، وقــال صلى الله عليه وآله وسلم لأبي أيـوب الأنصـاري « يا أبا أيوب! ألا أدلك على صدقة يحبها الله ورسوله؟ تصلح بين الناس إذا تباغضوا وتفاسدوا».أما أطراف الخلاف فليتقوا الله في وطنهم وليبادروا إلى إلجام وكبح ثورة انفعالاتهم، وليكفوا عن التراشق بقصائد الهجاء، فذلك أمر لا ينبغي في المجتمعات الإسلامية، قال تعالى «مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ»، وليعفوا ويصلحوا متذكرين قوله تعالى «وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ»، حتى نتجنب الفتن الذي حذر منها المولى عز وجل بقوله «وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ».قال تعالى «فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُم»، إن إصلاح ذات البين في المجتمع هو أمر واجب على الراعي، وحكماء المجتمع، ولا يجب أن يتأخروا عن ممارسة واجبهم ودورهم حتى إن كانوا هم طرفاً مباشراً فيه، فنزع فتيل التوتر والفتنة مهما كان ذلك صعباً هو لا شك أهون من تداعيات الانفلات والفوضى والتمادي في تراكم مكونات الفتنة، ولسنا هنا بصدد من الذي بدأ الأمر رغم أهميته فالأهم هو احتواء الأمر ومحاسبة من يُعرِّض أمن المجتمع إلى الخطر، وعودة التآخي والمحبة إلى صدور المتنازعين، فطوبى لمن اغتنم هذه الفرصة العظـيمة، وتاجر مـع الله عز وجل، وتصـدق بغيـر المــال، وسعى في الإصلاح ولم الشـمل، ووصل ما انقطع من الروابط الأخوية والعلاقات الإنسانية، مبتغياً وجه المولى عز وجل كي يكون مفتاحاً للخير مغلاقاً للشر، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.