الطبّ البديل... مكمّل للتقليديّ أم منافس له؟

نشر في 11-08-2007 | 00:00
آخر تحديث 11-08-2007 | 00:00

لكل مشكلة حل لذا يعالج المرض بالطبّ والدواء. إنها من المسلمات التي يعيش عليها الانسان العصري مدركاً أن صحته غاية في الاهمية فيسعى الى الحفاظ عليها والاعتناء بها عن طريق زيارات متوالية للطبيب وتناول بعض العقاقير والادوية التي من شأنها التخفيف من وطأة المرض والقضاء عليه. لكن كيف كان أجدادنا يتداوون؟ ما التقنيات المستخدمة قبل التطوّر العلمي وتقدّم الطب؟ الجدير ذكره ان التداول القديم عاد حديثاً لينافس بقوّة الاختراعات كافة.

لا شيء يوازي العودة الى الطبيعة والتخلي عن الكيميائيات، بغية التداوي بفروع الطبّ البديل وقد ثبتت فاعلية هذه العلاجات منذ مئات السنين ولا تزال حتى الآن!

طبّ تقليديّ وطب بديل

يعمد بعض الأطباء الى محاربة التداوي بالطرق البديلة، مشدّدين على ان الطبّ التقليدي مجرّد تضييع للوقت وعديم الفاعلية، فيما يحبّذ قسم آخر من الأطباء الاستعانة بهذا الشق من العلم بغية إكمال العلاج فيكون تقنية مكمّلة للطبّ التقليدي. يقول الباحثون إن أبرز أوجه التباين بين نوعي الطب هذين تكمن في أن الطبّ البديل يستخدم العلاجات والوسائل الطبيعية منذ ألوف السنين لمعالجة الامراض إذ يستعين بالعلاج بالأعشاب وبالتغذية والابر الصينية. يستخدم ايضاً اليوغا والتدليك والعلاج بالزيوت الطبيعية والعلاج بالزهور وبالألوان والروائح، ناهيك بتطبيق الماكروبيوتيك والكيروبراتيك والأوستيوباتي وسواها من العلاجات القديمة. بينما يشدّد الطبّ التقليدي على استخدام الادوية الكيميائية والعقاقير والأشعة اضافة الى العمليات الجراحية المختلفة، أما الأساس في معالجة المرض فيختلف جذرياً. فيما يرى الطبّ التقليدي أن الجسم نظام ميكانيكي ينبغي علاج كل جزء منه بحسب العوارض الظاهرة عليه. يلجأ الطب البديل الى اعتبار الجسم وحدة لا تتجزأ لذا يعالج الجسم برمتّه لا مجرّد جزء منه عند حدوث أيّ مرض ففي معتقدات الذين يمارسون الطبّ البديل الطبيعي أن للجسم في ذاته طاقة علاجية كبيرة تمكّنه من التغلّب على الأمراض الحادة والمزمنة كلّها، آنذاك يتمّ العمل على تنشيط طاقة الجسم وقدراته الكبيرة تحريكاً ومضاعفة ليعالج نفسه بنفسه. يقوم مبدأ العلاج على ان العقل والجسد مرتبطان الى حدّ يتجاوز بكثير الافتراضات السابقة.

تعريف شامل

الطبّ التقليدي ممارسة تخصصية طبية حصّلها الطبيب عبر دراساته الأكاديمية ومزاولة مهنته في العيادات الخاصة والمستشفيات. أمّا الطبّ البديل فهو بديل من الطبّ التقليدي، أي انه لا يستخدم الاساليب عينها بل يطوّع عناصر طبيعية في خدمة الانسان. يرى بعض الخبراء انه من الافضل المزج بين التقنيتين للحصول على الافضل عبر الطبّ المكمّل لتخفيف الآلام إثر العمليات الجراحية. يبقى الحلّ الأفضل في الطبّ المتكامل الشامل الذي يجمع في طيّاته الاساليب والعلاجات الطبية كافة للحصول على فاعلية أكيدة.

وسائل في الطبّ البديل

كثيرة التقنيات التي يستخدمها مزاولو الطبّ البديل.

اللجوء، مثلاً، الى الوخز بالابر المستقدمة من فروع الطبّ الصيني فاعل في علاج المشاكل والاضطرابات البسيطة وحتى المستعصية كالأرق والتعب والاوجاع والعقم والأمراض والالتهابات. عبر هذه التقنية تدور الطاقة الحيوية على خطوط غير مرئية لتسهيل العلاج.

ثمة طريقة علاج أخرى عبر طبّ الاعشاب، أكثر الفروع استخداماً. مع أكثر من 750 ألف نوع من النبات والأعشاب يحصل المرء على مبتغاه مستخدماً هذه العناصر الطبيعية التي قد تستغرق وقتاً أطول في إعطاء النتيجة لكنها وافية بالغرض فالاستعمالات ومتنوعة وكثيرة.

يفضّل البعض الاستعانة بالطب الغذائي الصحيّ كنظام حياة وتقويم للأطعمة في مجموعات غذائية يتناولها الانسان للتخلص من المشاكل الصحية والحفاظ على الجسم معافى. يهدف البرنامج الى التخلّص من السموم ومعالجة بعض الحالات المرضيّة.

يعيد العلاج بالزهور توازن الحالات السلبية للشعور والعقل وتحسين الصحة، فيما يستخدم العلاج بالروائح والزيوت الطبيعية على نحو فاعل وآمن كي يحافظ المرء على الأمان ويريح جسده ويصفي ذهنه.

شاع في الفترة الأخيرة استخدام الماكروبيوتيك وهو غذاء يرتكز على موازنة السالب والموجب من أجل موازنة الطاقة الحيوية ويعتمد على التقليل من نسبة الدهون والزيادة في الألياف لمنع الاصابة بالمرض.

أما الكايروبراتيك فيعمل على العلاقة بين العمود الفقري والجهاز العصبي للتأثير على الصحة الجيدة عبر تصحيح فقرات العمود لاستعادة الوظيفة الطبيعية للجهاز ومداواة الآلام والسماح للجسم بمداواة نفسه.

يبقى الأوستيوباتي الذي يُعنى بفلسفة «الشخص الكامل» فيعالج المريض ككلّ ويتمّ التركيز على العلاقات بين الاعضاء المتداخلة والاجهزة المتنوعة في الجسم. يصير الاهتمام بالجسم كوحدة عوضاً عن تعريضه للجروح والعقاقير.

خيارات واضحة

يعرف أيّ منا ما الأفضل لجسمه وما يناسبه ويفيده. الطبيب الأول هو المريض نفسه الذي يعرف طريقة مداواة نفسه مبتعداّ عما يضرّ بصحته. لا بد من التنويه بأن الطب المكمّل يريح الانسان جزئياً فلا يجوز الاعتماد عليه فحسب والتغاضي عن التقدم العلمي والاختراعات الحديثة التي يسخّرها العلم والأطباء في سبيل خدمة الانسان.

يفضّل البعض العودة الى الطبيعة للعلاج لانها بحسب قولهم «لن تضرّ ما لم تنفع»، فيما يبتعد البعض عن ذلك مفضّلين «اصابة مباشرة» للمرض والتخلّص منه نهائياً وسريعاً.

تبقى الخيارات مفتوحة أمام الجميع. من يعلم، ربما تفوّق الطب البديل في الميادين التي لم يسبر الطبّ التقليدي غورها بعد لايجاد علاج نهائيّ.

back to top