خضعت لعملية استئصال معدتها لتتخلّص من السرطان إيما أوكونور: أتناول كل ما أشتهي من دون مَعدتي!

نشر في 05-12-2007 | 00:00
آخر تحديث 05-12-2007 | 00:00
No Image Caption

كان المسير إلى مسرح العملية أشبه بالحلم. كنت حزينة جداً ولا أقوم بأية حركة. أمّا عقلي فكان في حالة نشوة خدر لا يعي الأحداث التي كانت تجري من حولي. وعندما التقيت الممرضة وطبيب التخدير، لم أستطع منع نفسي من الطلب إليهم الاعتناء بي: «هل يمكن أن تكونوا حاضرين عندما أستيقظ؟ إنني فعلاً خائفة؟».

استيقظت في دهشة تامة غير مدركة للعالم من حولي وللوقت الذي مضى ولكن سرعان ما استعاد عقلي شريط الأحداث وتذكرت أنني كنت في المستشفى وأنني أمضيت الساعات القليلة الماضية أستأصل معدتي بالكامل.

ظننتني سألقى حتفي على طاولة الجراحة. كنت واثقة من ذلك وقد تقبلته. لكن لحظة استيقاظي، عصف بي شعور إيجابي. كنت على قيد الحياة وعلمت أن لدي عملاً لإنجازه.

مضى عامان مذ تلقيت نتائج الفحص الجيني الذي غيّر حياتي بأكملها. أتت النتيجة إيجابية لناحية الجينة إي-كادرين واكتشفت أنني أحمل الجينة عينها التي أدت إلى إصابة عائلة والدي بسرطان نادر في المعدة. إنه سرطان مميت يعرّف مضيفه بنفسه لحظة الإصابة به ولا يملك الشخص المصاب أي فرصة للشفاء بل يفقد حياته في شكل بطيء ومؤلم.

كان خضوعي العام الفائت إلى عملية جراحية لاستئصال معدتي بالكامل الطريقة الوحيدة للفرار من احتمال وفاتي في وقت مبكر بنسبة 90 % نتيجة سرطان المعدة.

قرار صعب

يقول الناس إن القرار الذي اتخذته كان صعباً بلا شك ولكن لم يكن لديّ خيار آخر حتى إنني لم أفكر في إمكان وجود علاج بديل عن الجراحة. قد يكون هناك بديل، لكن الألم أعمى بصيرتي.

مرّ عام حتى الآن وأنا من دون معدة. أمضيت عشرة أيام في المستشفى إثر العملية الجراحية. شهدت آنذاك مراحل جسدية عدة، شيئاً فشيئاً نزعت الأنابيب وتوقفت عن تناول الأدوية... ومررت بتقلبات عاطفية. كنت في حالة اطمئنان وذهول لبقائي على قيد الحياة، بحيث خلتني في الجنة فقد نجوت وأنا سعيدة لذلك.

مع ذلك، كانت الأيام العشرة التي أمضيتها في المستشفى كأنها دهر، تقاسمت أحد الأجنحة مع بعض المرضى واستمعت إلى بعض القصص المحزنة. شعرت كأنني وقعت في فخ وكل ما أمكنني فعله هو مراقبة الحياة الجميلة في الخارج. أما الخروج بالنسبة إلي فكان أشبه بحلم بعيد المنال.

خططت، في رأسي، لقضاء عطل رائعة مع أصدقائي وعائلتي. بُلّغتُ بالذهاب إلى المنزل لأتعافى بشكل تامّ، بيد أنني لم أشعر، خلال هذه الفترة كلها، بسوء أو بألم حاد.

عندما بدأت أتعلم أن أعيش بدون معدة، بدأ جسمي يتكيف مع هذا الواقع. تخزن المعدة الطعام وتخلطه حتى يشق طريقه إلى الأمعاء حيث عملية الهضم. بما أن معدتي قد اقتطعت، تم وصل جزء من الأمعاء الدقيقة مباشرةً بالمريء وهكذا ينتقل الطعام مباشرةً إلى الأمعاء.

قيل لي إنه مع الوقت سيتكيف جسمي مع هذا الواقع، فتشكّل الأمعاء الدقيقة جيباً صغيراً حيث يمكن للطعام أن يخزن لفترة أطول قبل استكمال طريقه، مؤديةً بذلك وظيفة المعدة. إنها إحدى آليات النجاة الهامة في جسم الإنسان.

بما أنني أزن خمسين كيلوغراماً، لم أكن لأتحمل فقدان وزن إضافي وكان الأطباء قلقين بشأن ذلك، لذا عدت إلى المنزل بعدما تم وصل أنبوب للتغذية في أمعائي وربط بثلاث غرزات فوق صرتي إلى جهة اليسار وكان عليّ أن أعلقه كل ليلة على آلة من شأنها تقطير الطعام في أمعائي، متخطياً المنطقة التي استئصلت بالعملية الجراحية. لم أحب أبداً تناول الطعام بهذه الطريقة لأنني كنت دوماً أستيقظ وأشعر بالتخمة. لكن لم يكن عليّ اعتماد هذا النمط الغذائي لفترة طويلة وسرعان ما صرت أتناول كميات صغيرة من الطعام.

الإصغاء الى حاجات جسمي

بعد هذه التجربة، تبين لي أن بإمكاني تناول ما شئت من المأكولات من دون أن أشعر بانزعاج. لطالما استمتعت بالطعام الصحي، لذا كنت سعيدة بأنني ما زلت أجد هذه المتعة في صحن الفواكه واللبن الصباحي.

بما أنني كنت أتغذى بشكل جيد، استطعت التخلص من أنبوب التغذية. أنا اليوم محظوظة فعلاً لأنني أستطيع تناول ما يحلو لي من المأكولات، مع فارق أنني آكل بكميات أصغر.

تطلب جرحي وقتاً طويلاً للشفاء وما تبقى الآن ندبة عمودية طولها حوالي 10 سنتيمترات تحت مستوى الصرة. من الناحية العاطفية عشت العام الماضي أحاسيس متناقضة، فشعرت بالسعادة المفرطة والتعب والحزن والامتنان والأمل... أنا شخص مفعم بالحيوية بطبيعتي، ما يجعل شفائي صعباً بعض الشيء. هكذا، تعلمت الإصغاء إلى حاجات جسمي وتلبيتها.

بعد أشهر على العملية الجراحية، عاودت مزاولة عملي كمعلمة بديلة إلا أنني سرعان ما أدركت أن الوقت مبكّر جداً للعمل وتقبلت فكرة التريث لفترة أطول. مع مرور الوقت وزيادة قدرتي على تناول الطعام، بدأت أعلّم الإنكليزية بدوام جزئي وتمكنت من العمل لست عشرة ساعة كل أسبوع.

في أوقات الفراغ، كنت أشعر بتعب شديد وتعوزني الطاقة للقيام بنشاطات اجتماعية كما أحب. حتى الآن، أعيش مرحلةً مختلفة جداً عما كنت في السابق، فأنا شخص يحب الاختلاط والخروج مع الأصدقاء. لكن يصعب علي الآن استجماع الطاقة، على أمل أن يتغير الوضع.

في المقابل، يعترض شفائي السهل وتحسن صحتي أمر واحد فحسب وهو شعوري بألم شديد في منطقة البطن والظهر. في المرة الأولى دام الألم نحو 40 دقيقة أمضيتها في الحمام ورأسي على الكرسي، متململةًَ على الأرض أبكي وأحاول التركيز على تنفسي. كان الأمر مخيفاً بالنسبة إليّ وإلى من كانوا برفقتي، شعرت بأن هناك خطباً ما وبعد زوال الألم شعرت بإنهاك شديد. وعانيت مؤخراً أوجاعاً مدة ثلاثة أيام وثلاث ليال قبل أن أبدأ بالتقيؤ، عنذئذ قررت الدخول إلى غرفة الطوارئ وصرت أتغذى بواسطة أنبوب التغذية وحرمت من الطعام والماء. خفّت حدة الألم مع هذا العلاج فضلاً عن التقيؤ. خضعت إلى فحص بالتصوير المسحي والأشعة ولكن لم يتضح تشخيص العلة بالضبط، رغم أنني كنت أعاني على الأرجح من التصاقات ما بعد الجراحة، فمن المحتمل أن تلتصق أنسجة الندبة بعضها ببعض، محدثةً تمعجاً مؤقتاً في الأمعاء، ما يؤدى بالتالي إلى سدها جزئياً.

أتعلم التأقلم مع هذا الوضع، فعندما يتكرر حدوثه، أتوقف عن الشرب والأكل لمدة 24 ساعة وأستخدم أدوية مضادة للألم، في حال دام الألم أكثر من 24 ساعة، أدرك أن علي الذهاب إلى المستشفى. لا أستطيع القول إن ذلك لا يجعلني في حالة قلق، فأنا لا أريد أن أكون مريضة دوماً.

كنت أخطط منذ بعض الوقت لرحلة إلى أميركا الجنوبية مع إحدى صديقاتي، رغم أن الأمر سيكون صعباً لأني إذا مرضت سأكون بعيدة عن المنزل. أشعر في بعض الأحيان أن علي العيش باستقلالية أكبر. وأعلم أنني سأعمل بدوام جزئي وعندما أستعد للاستقرار وتأسيس عائلة، سيكون أمامي تحدّ آخر لمواجهته. أنا قادرة على الإنجاب، لكن هناك خيارات لا بد من اتخاذها بشأن فحص الوراثة لبويضاتي أو لأطفالي. أخالني سأتخطى هذا الوضع عندما أصل إليه، حتى الآن، أظنني محظوظة للغاية. وإذا سألني أحدٌ هل ندمت على قراري باستئصال معدتي؟ سأقول بكل بساطة: أبداً.

وقائع الاستئصال المعدي

- يجري الاستئصال المعدي لدى الأشخاص الذين يعانون من سرطان المعدة، وعندما تظهر الفحوصات الجينية خطراً كبيراً بالإصابة بسرطان وراثي.

- بعد استئصال المعدة، يربط الجراح المريء مباشرةً بالأمعاء الدقيقة.

- يتكيف الجسم على نحو مفاجئ مع وظيفة هضم الطعام من دون معدة ولا تتأثر قدرته على امتصاص المواد المغذية. عوضاً عن مزج الطعام وتخزينه في المعدة، ينحلّ الطعام في الأمعاء الدقيقة.

- يستطيع الأشخاص الذين خضعوا إلى عملية الاستئصال تناول معظم المأكولات العادية ولكن بكميات صغيرة. تحتاج بعض الأطعمة كالذرة إلى طحنها بالحوامض في المعدة، لذا قد يسبب ذلك مشاكل هضمية ومن هنا ضرورة تجنبها.

- يتشكل جيب في الأمعاء الدقيقة يسمح للطعام بأن يخزّن لفترة أطول قبل أن يستكمل مساره. بعد فترة يستطيع المرضى العودة إلى تناول المأكولات بشكل طبيعي.

- بعد عملية استئصال كامل للمعدة، على المرضى الحصول على حقن منتظمة من الفيتامين B12 بما أن المعدة تضبط عملية امتصاص هذا الفيتامين، إذ يمكن أن يسبب أي نقص في الكمية المطلوبة فقر الدم.

back to top