ليس الاختلاط... بل تربية البيوت!

نشر في 13-02-2008
آخر تحديث 13-02-2008 | 00:00
 مظفّر عبدالله

مشكلتنا في التقييم والحكم على الأمور هي في ترك القضية الرئيسة والبحث عن قضايا فرعية تدخلنا في نقاش عقيم، فإذا كانت هناك سلوكيات اجتماعية سلبية في الجامعات والمدارس الثانوية ومكاتب العمل والشركات وفي كل مكان... فهذه إدانة صريحة لأسلوبنا في تربية أبنائنا.

أول العمود: سقف الحريات في الكويت ثقيل على الكاتب محمد عبدالقادر الجاسم وحده... يحتاج هذا السقف إلى عضلات الكتل السياسية.

***

دائماً نحن أسرى مصطلحات غبية لا معنى لها، وعلى هذه الشاكلة تأتي كلمة «اختلاط» لتصف قسراً التعليم «المشترك» في الجامعات وهو موضوع لا صلة له بقائمة المحرمات لأن المقصود به التعليم، وليس صالات الرقص المختلط، وأنا أميل إلى الرأي القائل إن أي تجمع مدني يجتمع فيه رجال ونساء يكون أكثر انضباطاً من أي تجمع أحادي.

عندما شرع نواب أفاضل قانون التعليم المشترك في الجامعة عام 1996 لم نسمع بأن وراء هذا التشريع مشكلة أخلاقية تجب معالجتها داخل أسوار الجامعة، لكن مع الأسف كانت المصادفة، حيث وجود عدد كاف من نواب لهم رؤية خاصة تجاه المرأة والحياة الاجتماعية بشكل عام، وشكلوا كتلة تصويتية استطاعت تطبيق هذا القانون، وهو قانون لم يفد التعليم في شيء. وفي المقابل يعلم النواب الأفاضل الذين اقترحوا وقف العمل بالقانون الحالي جيداً أن جهدهم لن يرى النجاح عند التصويت عليه، لكنني أجد فائدته في كونهم امتلكوا الشجاعة في وقف فرض رؤى أحادية على مجتمع وصم دائماً بأنه مجتمع متنوع ومتسامح ومنفتح يجري تغييره اليوم باتجاه يقلل من حيويته.

نحن نسمع بالطبع عن «حكايات» بعيدة عن الأخلاق تقال عن الحياة الجامعية همساً، وفي أحاديث خاصة وشخصية، وهي أمور تحدث في كل مكان، وإن كان هذا هو الدافع من وراء تخوف مريدي منع التعليم المشترك، فإنهم مطالبون في المقابل بكشف أسباب انتشار ظاهرة «البويات» و«الجنوس» في مراحل التعليم الثانوي الحكومي وهو تعليم منفصل. أليست هناك حكايات يندى لها الجبين تقال أيضا عن سلوك الطلاب والطالبات «غير المختلطين» في المرحلة الثانوية، وبالمثل عما يقال عن التعليم الجامعي.

هذه مشكلتنا في التقييم والحكم على الأمور: ترك القضية الرئيسة والبحث عن قضايا فرعية تدخلنا في نقاش عقيم، فإذا كانت هناك سلوكيات اجتماعية سلبية في الجامعات والمدارس الثانوية ومكاتب العمل والشركات وفي كل مكان... فهذه إدانة صريحة لأسلوبنا في تربية أبنائنا، فماذا يضر طالبة الجامعة المحتشمة في وجودها في قاعة درس مع طالب آخر محترم يناقشون أستاذهم المحترم.

كثير من أولياء الأمور يسمحون لأبنائهم الذكور أو يتغاضون عنهم في فعل المحرمات، ومبررهم في ذلك أن الولد «شايل عيبه»، أما البنت فتفرض عليها قائمة من الممنوعات، وفي النهاية يلتقي «شايل عيبه» مع «أسيرة المحرمات» في الجامعة، والنتيجة تكون في تخريب مؤسسات تنموية عبر تشريعات غير مدروسة ومثيرة كقانون منع التعليم المشترك، وباسم الدين.

منطق الأمور يقول: إنه مادام «الاختلاط في الجامعة» غير محرم شرعاً فكان الأولى أن يبادر «الإسلاميون» إلى إسقاط هذا القانون قبل الليبراليين تحقيقاً لمقاصد الشريعه السمحاء!

back to top