د. ساندرين عطا الله: التربية السليمة تعزّز الصحة الجنسية
لعلّ أبرز التعقيدات التي تثير مخاوف الزوجين ظهور بعض المشاكل الجنسية التي تمنعهما قسراً من التعبير عن أحاسيسهما بالطريقة الملائمة. «الجريدة» حاورت طبيبة الصحة الجنسية ساندرين عطا الله للوقوف على المشاكل التي يمكن أن يعاني منها الزوجان في علاقتهما الحميمة والطرق المثلى لحلّها ونقل الجنس من المفهوم الخاطئ الى الفهم الصحيح.
كيف تحددين الصحة الجنسية؟الصحة الجنسية هي هدف يوصل اليه علاج يتّبعه الرجال والنساء على حدّ سواء لحل مشاكل جنسية قد تتخلّل العلاقة الزوجية. يتمّ اللجوء الى الطبّ الجنسي من أجل حلّ المشاكل التي تهدّد العلاقة بين الزوجين، خصوصاً ان الجنس هو من العوامل الأساسية التي تحدّد طبيعة الحياة الزوجيّة.ما الفرق بين العجز الجنسي والضعف الجنسي؟الضعف الجنسي حالة أقلّ خطورة من العجز الكلّي، إلا أننا لم نعد نتّبع راهناً هذا التصنيف نظراً إلى قساوة هذه المصطلحات التي تؤثّر سلباً على نفسية المريض لا سيّما مفردة «العجز» التي تقضي على آماله بإقامة علاقة جنسية وكأنه حكم بالإعدام. تمّ المزج بين الحالتين تحت تسمية موحّدة وهي مشاكل الانتصاب. ما هي أسباب هذه المشاكل؟غالبية أسباب مشاكل الانتصاب نفسية تعود الى عدم الثقة بالنفس وبالتالي الخوف من فشل العلاقة الجنسية. فالثقة هي عامل أساسي يعطي الزوج دافعاً لإنجاح العلاقة. قد يكون السبب أحياناً فشل التجربة الأولى التي تترك انطباعاً سيئاً في نفس الرجل وتمسّ بكرامته، إضافة إلى بعض التجارب كالاغتصاب مثلاً التي تؤدي الى مشاكل نفسية تؤثر مباشرة على العلاقة الجنسية. وفي بعض الحالات تكون الأسباب عضوية كالخلل الهرموني مثل نقص كمية الهرمونات الذكرية (التستسترون) مع التقدّم في السنّ أو الإصابة بداء السكري أو أمراض القلب أو مشاكل الغدد. من شأن الخلافات الزوجية كذلك أن تؤثر سلباً على العلاقة الجنسية بين الزوجين كما تؤدي الخيانة دوراً أساسياً في تدهور العلاقة بينهما اذ تبرز آنئذ مشكلة عدم تناسق الشريك مع رغبة الطرف الآخر. الى ذلك قد تطرح مسألة فقدان الزوجة ولجوء الزوج إلى علاقة جديدة بعض التعقيدات الجنسية اذ يخشى الرجل حينها القيام بخطوة جديدة قد لا تتلاءم مع رغبة الشريكة الأخرى. كيف تتم معالجة هذه المشاكل؟يتمّ العلاج عن طريق إجراء فحوص طبية لمعرفة سبب المشكلة. ويمكن اللجوء الى بعض الأدوية التي تسهّل عملية الانتصاب وهي مسموحة لمرضى القلب والسكري شرط استشارة الطبيب أولاً. أما في الحالات المتقدمة من داء السكري فيمكن الاستعانة بالإبر للانتصاب التي تساهم في حلّ هذه المشكلة وتؤخذ قبل وقت معيّن من الجماع. أما الأسباب النفسية فتتم معالجتها عن طريق استشارة طبيب نفسيّ يساعد الزوجين على حلّ مشاكلهما.ما تأثير داء السكري على هذه العلاقة؟يؤدي داء السكري الى خلل في الهرمونات الذكرية وتشنّج الشرايين التي تؤدي دوراً سلبياً بارزاً في العلاقة الجنسية عند الطرفين. لذلك من الشائع جداً أن يعاني مريض السكري من مشاكل جنسية لا سيما بعد مرور 10 الى 15 عاماً على إصابته ، إلا أن العلاج يساعده على تحسين نسبة السكّر في الدم وبالتالي تحسين علاقته الجنسية. في الإطار نفسه، تشكّل معنويات المريض عاملاً محفّزاً أو محبطاً للعلاقة. اذا كان نشيطاً وراغباً في مواصلة العلاقة مع الشريك سينجح في تخطي المصاعب.ما الحالات التي تستدعي استشارة طبيب صحّة جنسية؟تستدعي المشاكل الجنسية بين الزوجين، من مشاكل الانتصاب واضطرابات القذف وغيرها من التعقيدات، لجوء الشريكين معاً الى طبيب صحة جنسية لمساعدتهما على تحسين العلاقة، خصوصاً أن الجنس هو من الركائز الأساسية لاستمرار الزواج.ماذا عن المشاكل الجنسية عند المرأة ؟ تعاني النساء، بشكل خاص، من ضعف الشعور بالمتعة أو عدم التجانس مع الشريك وأحياناً تتخلّل الممارسة الجنسية أوجاع مؤلمة تزعج المرأة وتثير مخاوفها، لكنها لا تكشف عنها خوفاً من فقدان شريكها.ما هو البرود الجنسي وما أسبابه؟يعاني الرجل من البرود الجنسي في حال الاكتئاب والقلق إلا ان المرأة معرّضة أكثر لهذه المشكلة والسبب بديهيّ، لأن نسبة هرمون التستسترون المسؤول عن الرغبة الجنسية هي أقل عند النساء منها عند الرجال.تؤثر التربية أيضاً على نظرة المرأة إلى الرجل اذ اعتادت رؤيته من منظار الخوف والفتور فيؤدي ذلك الى برود على المدى البعيد. كما أن المرأة في بحث دائم عن الحب والأحاسيس الجميلة، لذلك لا تثيرها العلاقة الجنسية بقدر ما تثيرها مشاعر الزوج وقدرته على دخول عالمها الخاص بكلمة رقيقة أو نظرة حنون أو لمسة دافئة. في حال لم يكترث الرجل إلى هذه الرومنسية المنشودة تصاب الزوجة بخيبة أمل وبرود. هل لممارسة الجنس فوائد صحيّة؟تقي العلاقة الجنسية من مشاكل النوم واضطراباته. انها علاج فاعل ضد القلق والأرق اذ خلال الممارسة يتم افراز هرمون السعادة والاسترخاء الأندورفين فيريح الجسم من التوتّر ويمدّه بالراحة الجسدية ويبعد عنه الاكتئاب والهموم. من ناحية أخرى يحافظ الجنس على نشاط القلب وحيويته. هل يعزّز الجنس المناعة ضد بعض الأمراض؟أثبتت دراسات حديثة قدرة الجنس على تقوية مناعة جسم الانسان. تساعد العلاقة الحميمة المستمرة بين الزوجين على المحافظة على نشاط أعضائهما التناسلية حتى مع التقدّم في العمر وبعد بلوغ سن اليأس.هل تستمر العملية الجنسية بعد سن اليأس؟تعاني النساء من انخفاض في مستويات التستسترون عند بلوغهن سن اليأس وبالتالي انخفاض حدّة الرغبة لديهنّ، الا ان الجسم يعتاد على هذا التغيّر المفاجئ. لذا على الزوجة ألا تهمل علاقتها الجنسية لأن الاستمرار فيها من شأنه أن يجدّد رغبتها. يبرز في هذه المرحلة بالذات دور الزوج في مساعدة شريكته على تخطي هذا الهاجس بكلمة رقيقة مثلاً تشعرها بأنوثتها فيتغلّب شعور الثقة بالنفس على الإحباط الذي تعانيه في هذه المرحلة الصعبة. ماذا عن الممارسة الجنسية خلال فترة الحمل؟تشكّل هذه الفترة مرحلة أساسية تؤثر على العلاقة بين الزوجين لذا من الضروري أن تستمرّ الممارسة الجنسية طيلة أشهر الحمل على أن تُتّخذ أساليب جديدة وتوقيت مناسب يتلاءم ووضع المرأة في هذه الحالة. على العلاقة ألا تتوقف إلا في حال شكّلت خطراً على صحة الأم أو الجنين.ما تأثير العلاقة الجنسية على نفسية الزوجين؟ تؤثر العلاقة الجنسية على السعادة الزوجية بنسبة 70% اذ يشكّل الجنس أداة تعبير عن المشاعر التي يكنّها أحد الشريكين لشريكه الآخر وفي حال تخلّلت هذه العلاقة تعقيدات واضطرابات تظهر المشاكل والخلافات الزوجية. الجنس أكثر من مجرد وسيلة للإنجاب، إنه انصهار تامّ في الأحاسيس والمشاعر بين شخصين.ما الطريق السليم نحو صحة جنسية؟تبدأ هذه الطريق مع الأهل من خلال تفسيرهم الجنس لأولادهم بطريقة صحيحة لتنمو في عقولهم صورة جميلة عن الحب والزواج. يحفز الإغفال عن شرح العلاقة الجنسية الشباب للجوء الى الأفلام الإباحية التي تنمّي فيهم رغبة جنسية بعيدة عن المفهوم الصحيح للجنس. كما أنه على الزوجين مشاركة أحاسيسهما ورغباتهما من دون خجل أو خوف. وتعتبر المداعبة أساساً في العلاقة الزوجية تقرّب الروح قبل الجسد فتنمو العلاقة وتقوى أواصرها وينتقل الجنس من مفهومه الخاطئ الى تعريفه الصحيح وهو تعبير صادق عن الحبّ من خلال الملاطفة والمشاركة.