مايكل مور يتحدث عن فيلمه Sicko: إنهم يجنون المال من مآسي الناس وأمراضهم

نشر في 16-08-2007 | 00:00
آخر تحديث 16-08-2007 | 00:00
No Image Caption

ولد مايكل مور في فلينت في ولاية ميشيغان في 23 أبريل 1954. درس الصحافة ونمّى هواياته كالرماية التي ربح فيها مباراة. بدأ مايكل العمل مصححاً في صحيفة الجامعة وعمل بعد ذلك في صناعة الأفلام. لكي يجمع المبلغ اللازم لفيلمه الأوّل عام 1989 أدار ألعاب تسلية في محيطه. أخرج سلسلة من الأفلام الوثائقيّة والمسلسلات التلفزيونيّة حول الموضوع نفسه، أي مهاجمة السياسيين والشركات. عام 2002 أطلق فيلمه الاول Bowling for Columbine الذي أضاء فيه على سيّئات حريّة حمل السلاح في أميركا ونال لفيلمه جائزة أوسكار وشهرة واسعة. ثم فاجأ العالم بفيلمه المميز Fahrenheit 9/11 عام 2004 وسخر فيه من الرئيس جورج بوش وكان الوثائقي الأوّل الذي ينال السعفة الذهبيّة في مهرجان كانّ السينمائي الدولي والوثائقي الأكثر نجاحًا على شبّاك التذاكر. فماذا يقول مايكل مور عن فيلمه الوثائقي الجديد Sicko.

ما فائدة تصوير فيلم عن نظام العناية الصحية في حين يعرف الجميع أنه سيئ؟

قلت لزملائي حين بدأنا العمل على الفيلم أن لا داعي لأن نصرف وقتاً طويلاً على فيلم نخبر فيه الناس كم هو سيئ نظام العناية الصحية فهم يدركون ذلك جيداً. في هذه الحال سنكون أشبه بمن يُعد فيلماً الآن ليخبر الناس أن بوش رئيس فاشل.

من أين استوحيت فكرة الفيلم؟

بدأنا نفكر في تصوير هذا الفيلم عام 1999. كنت وضعت بعض الخطوط العريضة حتى إننا صوّرنا عدداً من اللقطات حينذاك. كنت أخرج وأقدم برنامجاً عنوانه The Awful Truth. صورنا في الحلقة الأولى رجلاً كان يعاني مشاكل مع شركة تأمينه التي ترفض دفع تكاليف عملية زرع عضو سيخضع لها. نجحنا في غضون أيام في إنقاذ حياة الرجل وخضع للعملية. فكرنا في إعداد فيلم عن حوادث مماثلة. قررنا اختيار 10 حالات وتخصيص 10 دقائق من الفيلم لكل حالة، محاولين بذلك إنقاذ حياتهم. ثم وقعت مأساة كولومباين فوضعنا المشروع جانباً لنصور هذا الفيلم. بعد ذلك بدأت حرب العراق وبرزت حاجة ملحة إلى صنع فيلم حولها. لكننا لم ننسَ يوماً مشروع هذا الفيلم.

بدأت الإعداد لهذا الفيلم طالباً إلى قراء موقعك على الإنترنت أن يرسلوا إليك الصعوبات التي عانوها بسبب نظام الرعاية الصحية. هل لاحظت أي محور بارز في القصص التي بعثوا بها إليك؟

بلى، شعروا بالاستياء من البيروقراطية التي تصعّب عليهم الحصول على المساعدة أو دفع كلفة هذه المساعدة، مع أن هؤلاء الناس أو أصحاب عملهم سددوا كل ما يتوجب عليهم للنظام. ثمة اعتقاد خاطئ أن القطاع الخاص هو الخيار الأفضل إذ لا يتطلب الكثير من المعاملات والإجراءات كما أنه أكثر فاعلية. لكنّ العكس هو الصحيح، خاصة في مجال العناية الصحية فشركات العناية الصحية الخاصة تنفق نحو 25% من موازنتها على المعاملات والكلفة الإدارية وغيرها من الإجراءات، في حين أن مؤسسات القطاع العام تنفق نحو 3% على الكلفة الإدارية.

قرأت ألوفاً من تلك القصص المخيفة، ما كان تأثيرها في نفسك؟

كانت مهمة صعبة جداً. قال بعضهم: «سأموت إن لم أحصل على المساعدة...» أو «أمي تموت...». تشعر في هذه الحالات بأنك عاجز. كان وقع ذلك كبيراً في نفوس كل مَن عملوا على هذا الفيلم. كما علمنا أن معظم الفيلم لن يركز على هذه المآسي بل سنوضح للناس أنهم ما كانوا ليعانوا تلك الصعوبات لو كانوا يعيشون في كندا أو حتى على مسافة كيلومترات قليلة إلى الشمال بالنسبة إلى بعض الأشخاص الذين يعيشون قرب الحدود.

مَن يستحق اللوم على مشاكل نظام العناية الصحية؟ هل هي الحكومة الأميركية أم شركات الأدوية الكبرى أو ثمة سبب آخر؟

تكمن المشكلة في النظام بذاته. معظم أجزاء هذا النظام يقوم على الربح والجشع. لكنّ المسائل المتعلقة بصحة الناس يجب أن تكون بعيدة تماماً عن الربح. لنفترض أن أحداً اقترح أن على المدارس أن تحقق نسبة معينة من الأرباح. سيستغرب الجميع هذا الاقتراح، بلا شك. لا أحد يجرؤ على القول إن على مصلحة المياه في المدينة أن تحقق أرباحاً. فمن دون ماء لا حياة. من الضروري تطبيق المنطق نفسه على نظام العناية الصحية وهذا ما نراه في بلدان أخرى.

أمضيت أكثر من سنة في إعداد Sicko، ما هي في رأيك التعديلات الثلاثة الأهم التي قد تحسّن نظام العناية الصحية الأميركي؟

نحتاج في البداية إلى التخلّص من شركات التأمين الصحي الخاصة. إنها تشكل أكبر عائق أمام تأمين المساعدة لكل مَن يحتاج إليها. فضلاً عن ذلك، من الضروري فرض قواعد صارمة على شركات الأدوية مثل شركة ConEd. أناس كثر في حاجة ماسة إلى الدواء للبقاء على قيد الحياة. لو سمحنا لشركات الأدوية بأن ترفع الأسعار فيتعذر على هؤلاء شراء الدواء فإننا نرتكب بذلك جريمة كبرى. في النهاية يأتي دورنا نحن الشعب. ينبغي تحويل نظام العناية الصحية إلى قطاع عام، على غرار دائرة الإطفاء والشرطة، لا أن يترك مصيره بين أيدي شركات خاصة مثل Halliburton.

لا شك في أن علينا أن نكون جميعاً ناشطين في هذا المجال ونتخلى عن أنانيتنا. تحتاج إلى تأمين لتتمكن من تصوير فيلم فكيف نجحت في الحصول على التأمين؟

بالطبع، إن كنت تصور فيلماً عن شركات التأمين لن يكون سهلاً الحصول على تأمين لهذا الفيلم. لم تكن شركات التأمين متحمسة جداً. لكننا تمكنا من الحصول على تأمين صحي ممتاز للجميع. أما ما يُسمى «تأمين الإنتاج» الذي يغطي الأخطاء والمقاطع المحذوفة وغيرها من الأمور فإن الحصول عليه كان أمراً عسيراً. رفضت الشركات الكبرى كلها طلبنا.

هل انتهت قصةُ أيٍّ من الأميركيين الذي قابلتهم في الفيلم نهاية سعيدة؟

بلى، إن عدداً من الذين كانوا مستعدين للنضال والمطالبة بأن تستجيب شركة التأمين لمطلبهم المحق نالوا بعض الراحة. على سبيل المثال، رفضت شركة تأمين أن تدفع لشابة تُدعى لورا فاتورة الإسعاف. لكنّ لورا لم تستسلم وفي النهاية استجابت شركة تأمين Blue Cross لطلبها. أما الشابان اللذان رفضت شركات التأمين طلبهما لأن أحدهما كان نحيلاً جداً والآخر بديناً فوجدا في النهاية شركة تأمين تقبل منحهما التأمين الصحي. إلا أن ماريا لم تحظَ إلا بتسوية بسيطة من خلال الدعوى القضائية التي رفعتها وهي تستأنف الحكم الآن ومحاميها متفائل. لكن هذه الحوادث تدفعنا إلى التساؤل: لمَ على المرء أن يحارب إلى هذا الحد للحصول على المساعدة التي يستحقها؟ متى ندرك أن العناية الصحية حق لكل إنسان؟

بخلاف أفلامك السابقة صوّرت معظم مشاهد فيلم Sicko في بلدان أجنبية. ماذا تعلمت من المواقع التي صوّرت فيها؟

منحتني هذه التجربة المميزة المزيد من الخبرة إنما كانت محبطة. أذهلنا ما اكتشفناه تدريجياً. ظننا أننا نحيط بكامل جوانب الموضوع، لكن مع كل يوم جديد كنا نكتشف بعض التفاصيل التي نجهلها. شعرنا بالإحباط لأننا، نحن الأميركيين، ظللنا نفكر: «نعيش في أغنى بلد في العالم فلمَ لا نتمتع بنظام عناية صحية حرّ أيضاً؟». ذكرتني هذه التجربة بضرورة زيارة بلدان أخرى فنحو 80% من الأميركيين لا يملكون جواز سفر. هكذا يبقى معظمنا في الولايات المتحدة ولا تتسنى لنا رؤية العالم بأسره. لم يكن الجهل يوماً ميزة حسنة. لا تستطيع اتخاذ القرارات السليمة إن لم تكن ممتلكاً معلومات كاملة. يصح هذا الأمر في حياتنا اليومية وحياتنا السياسية أيضاً.

هل يملك أحد المرشحين اليوم خطة عناية صحية جيدة أم اكتفوا بطرح أفكار عامة حول الموضوع؟

بلى، يبدو أنهم لا يريدون التطرق إلى المشاكل الحقيقية. حتى جون إدوارد الذي أعرب عن حسن نواياه قدّم خطة يبدو أنها تأخذ أموال الضرائب التي ندفعها لتضعها في جيوب شركات التأمين الخاصة. هذا ليس حلاً. أما أوباما فلم يضع خطته بعد مع أني آمل أن يتوصل إلى حلول مفيدة. لكن هناك أيضاً المرشح الذي لم يشارك بعد في السباق رغم فوزه عام 2000. ما يقوله في هذا الشأن منذ 2003 هو الأفضل حتى الآن.

غالباً ما يهاجم النقاد السياسيون والمجموعات ذات المصالح الخاصة والشركات الكبرى أفلامك. فمَن تعتقد أنه سينتقدك بسبب فيلم Sicko؟

لا شك في أن أولئك الذي يجنون الأموال من مآسي الناس وأمراضهم لن يروق لهم الفيلم. لكن Sicko قد يحظى بجمهور يفوق جمهور أي فيلم آخر أنجزته ذلك أن الموضوع يؤثر في حياة كثر، بغض النظر عن انتمائهم السياسي.

هل تعتقد أن أفلامك المثيرة للجدال قد تساهم في تغيير الوضع القائم؟

لمَ تُعد أفلامي مثيرة للجدال؟ ما الخطأ الذي ارتكبته؟ أنجزت فيلماً عن أهل بلدتي الذين عانوا بعد إقفال مصنع «جنرال موتورز». صورت فيلماً آخر بسبب مجموعة من الأولاد الذين ماتوا في مدرسة كولومباين ولم أشأ أن تتكرر هذه المأساة. كما أعددت فيلماً ثالثاً إذ حاولت في وقت سابق تخمين ما يحصل الآن بالفعل وقلت للشعب الأميركي من على منصة توزيع جوائز الأوسكار إنهم يكذبون علينا بشأن أسلحة الدمار الشامل ولم يصدقني أحد. أما اليوم فإني أصادف في الشارع العديد من الجمهوريين الذين يستوقفونني ليعتذروا مني. يدركون الآن أنني كنت أحذرهم من عدم كفاءة حكامنا. أنا اليوم في قلب الأغلبية السائدة في البلد.

back to top