على نشوة يا فرعون

نشر في 25-04-2008 | 00:00
آخر تحديث 25-04-2008 | 00:00
No Image Caption
شاعر المليون هندي الهوية يهودي الحبكة أميركي الإخراج
 يوسف الزهراني

قبل أن ألوك الحديث... وأسترسل في توليد المعاني التي أبت إلا أن أسطّرها إيمانا بحرية الرأي... أستميحكم العذر في أن تتقبلوا رأيي بشيء من العقلانية... لتستقبلوا ما سأسكبه هنا بأوعية من فكر... ولتكن الروح لدى كل منكم رياضية، ولا أعني هنا روح الدوخي ولا العويران، فأنا لا أتشرف بتقمّص روحيهما حتى لو على حساب الشهرة الزائفة...!

شغلتنا وسائل الإعلام على اختلاف مشاربها وعلى مدى الأيام الماضية بالشاعرين ناصر الفراعنه وعيضة السفياني، وتراجيديا خروجهما «غير المر» ليقيني به منذ الإعلان الأول عن الدورة الثانية لبرنامج الست «نشوة»...

نعم... قلت رأيي في ذاك «الفيلم» منذ الوهلة الأولى... وأكدته في حضرة عدد من الشعراء وهم ملتفون حول رائحة القهوة كالتفاف الجوعى على الثريد، وكان من بين الملتفين «البطل الثاني للفيلم» عيضة السفياني، بينما «البطل الأول» ناصر الفراعنه يلف حول ناقته استعدادا لسفر نسي أنه سيعود من دونها وسيقطع كل تلك المسافة «كعابي»...!

وبصَمْتُ عليه بالعشرين قبل أن يصدحا بقصيدتيهما الأوليين ضمن الثمانية والأربعين شاعرا الذين اختارتهم الست «نشوة» حينذاك...!

لقد كنت أمام «فيلم هندي»...! لكن الغباء هنا لم يكن مردّه المخرج كما هو متعارف لدينا عن هذه النوعية من الأفلام، والحبكة كذلك لم تكن غبية كما هو متعارف لدينا، ولم تكن النهاية هي الأخرى غبية كما هو متعارف لدينا، بل كنت أراني أمام فيلم هندي الهوية يهودي الحبكة أميركي الإخراج عربي المشاهده...!

أحدهم استنطقني بُعَيد إغلاق الستارة السوداء على مسرح شاطئ الراحة، كما يسمونه، تاركة كماً من «الأراجوزات» خلفها، وكماً من «المغفلين»أمامها...! متسائلا: كيف عرفت النهاية مبكرا؟... هل لك علاقة بلجنة التحكيم أو أحدهم؟...

قلت: أما لجنة التحكيم فـ«ما عندك أحد» ولا يذكـّرني أعضاؤها إلا بمن يكذب على الآخرين وما يلبث أن يصدق كذبته.

وأما الشعراء فما هم سوى «أراجوزات» يؤدون أدوارهم حسب توزيعها، من دون استيعاب لما يقومون به في حضرة الضوء الذي أعماهم عن رؤية العتمة...!

وأردفت: كان هناك أكثر من مؤشر على انتهاء الفيلم كما كتب له... كانت الحبكة ذات أبعاد سياسية اقتصادية، وقبل هذه وتلك إعلامية وبصناعة سينمائية متقنة...!

ولعلك تذكر ما تناولته وسائل الإعلام عند ترشح خليل الشبرمي وهو سعودي بالمناسبة، ضمن باقة الثمانية والأربعين شاعرا وقضية هروبه إلى قطر... ووعد البعض له بالجنسية القطرية فيما لو عاد حاملا راية الشعر... والباقي عليك أنت... «قلتها لصديقي طبعا»...!

ثم إنه لو لم يكن ابن فطيس متأكدا من تنصيب الشبرمي بطلا لهذا الفيلم ما تنازل عن بيرقه... لقد كان ابن فطيس متأكدا من النهاية، وتنازله أفضل فيما لو شارك حتى لو كان سيفوز للمرة الثانية، لأن تنصيب شاعرين من بلد واحد ولعامين متعاقبين أفضل حالا وأكثر جدلا مما لو فاز واحد بالبطولتين...!

ثم إن البرنامج خلال دورته الأولى دخل خزينته ما يقرب من مئتي مليون درهم إماراتي، وكان في نية «نشوة» والقائمين عليه زيادة الغلة هذه المرة، فاختاروا الفراعنه والسفياني وابن محيا والمشعان و... و... و...، وجعلوا كلا منهم في حلقة منفصلة حتى تتناسل الاتصالات، وبينما هم كذلك يطبخون وينفخون كان الفراعنه منشغلا باللقب، خصوصا أنه لم يكن يفصله عنه سوى «حفنة من ذمة» وهو ما خرجت به من قصيدته الأخيرة التي حملت الكثير من معاني الاستهجان ضد أحد شخوص الفيلم، وأظنه «المصفوق» بدر الذي لا أنكر إعجابي برؤاه النقدية... وجمهوره متيقن هو الآخر من النهاية التي حيكت «كما ينبغي أن تكون لا كما ينبغي أن يكون». حيث لم تختتم كل حلقة يشارك فيها إلا به على غرار نجوم الحفلات الغنائية وأراه عين العقل...

ولا أغفل «ناقته» ومهرته المسماة «منيره» وما أفضتا من تزاحم على شباك تذاكر الفيلم، لتدخلا في خزينته ما يزيد على نصف ما استولى عليه «المنتج» من جيوب الأغبياء وما أكثرهم...!

كل هذا يحدث والحسـّابة بتحسب...!

نعم... لقد كان الفراعنه «الدجاجة التي تبيض ذهبا»، ومن دونه لم يكن ليكتب النجاح لهذا الفيلم... فكاتب السيناريو الذي «أحييه» على عقليته الجهنمية عرف كيف يختار شخوص قصته وكيف يسلسل فصولها ويرتب أحداثها ترتيبا منطقيا... عرف الوقت الذي يصعـّد فيه الحدث ولحظة التنوير والنهاية التي أتت كما ينبغي لواحد في موقعه، حتى لكأني به اعتمد أثناء شروعه في كتابة أحداث فيلمه على أنه يخاطب شريحة من المغفلين...! ولو كنت مكانه لقمت بما قام به من هنا كان لا بد من أن تكون النهاية هكذا بابعاد السعوديين عن منصات التتويج، بعد استنزاف ما معهم ومع من كان خلفهم، بل وإعلان وفاة البطل على غير ما كان يتوقع المغفلون بحسب رؤية السيناريست، لكسب مزيد من «الصخب الإعلامي» خصوصا متى ما حلّ «الفرعون» آخرا، و«هامان» قبله بفركة كعب، وهو ما اعتمدت عليه الحبكة...

لقد رثيت حال الفراعنه والسفياني، حتى لكأنني أمام يتيمين يندبان حظيهما عند احتضان بعضهما بعض، ولو كنت مكان أحدهما لما توانيت للحظة حاملا المايكروفون وأمام الله وخلقه من خلال عدسات التصوير مسديا الإعجاب أكمله، أوله وآخره، لكاتب السيناريو ومخرجه على هذه الحبكة المتقنة...! لكنه الذهول الذي يخرس الألسن ويبعد العقل عن مناطق التفكير، خصوصا متى كان المنتصر امرأة...!

هنا قال صديقي: قاتل الله الغباء.

back to top