نجاد... ومنهج الصحاف!

نشر في 05-09-2007 | 00:00
آخر تحديث 05-09-2007 | 00:00
 عبدالكريم السيد عبداللطيف الغربللي

فخامة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد الموقر، نربأ بفخامتكم عن أن تنتهجوا أسلوب وزير إعلام النظام العراقي البائد المدعو محمد سعيد الصحاف، الذي جر الويل والدمار للجار الشقيق العراق، وأن تراعوا في أن تصب تصريحاتكم نحو المزيد من استقرار المنطقة بعيداً عن التصعيد والتوتر والمواجهة.

كثيرون قد لا يعلمون الطبيعة الخاصة والفريدة لنظام الحكم في جمهورية إيران الإسلامية، فالنظام الإيراني يتمحور بشأن «الولي الفقيه المرشد الأعلى للجمهورية»، الذي يعتبر قطب التفاعلات ومركز الثقل وسيد السلطة الأولى، ولا يستطيع رئيس الجمهورية ممارسة الحكم إلا بالدوران المستمر في فلك الولي الفقيه. وعليه، فإن التصريحات المتطرفة التي تصدر من الرئيس الإيراني على الرغم من خطورتها، فإن المجتمع الدولي لطالما يضعها في سياقها المحدود، ويوظفها لمصلحة تبرير خطواته التصعيدية ضد إيران في المقام الأول، وعلى حساب استقرار المنطقة.

وفي حين تتزايد احتمالات ومؤشرات العمل العسكري ضد إيران من قبل المجتمع الدولي بقيادة الولايات المتحدة وفرنسا، ويكتظ الخليج العربي بالعتاد العسكري الفتاك العالي التقنية لزوم العمليات العسكرية، وما يصاحب ذلك من تصعيد في الخطاب الدولي، وكان آخره إضافة الحرس الثوري الإيراني إلى قائمة الإرهاب، في هذا الوقت يتم تجاوز الرئيس الإيراني باعتبار أن القوات المسلحة الإيرانية جميعها تتبع السلطة العليا، وهو المرشد الأعلى للجمهورية.

أما فخامة الرئيس نجاد فما زال مُصراً على تبني طرحه المتطرف في مواجهة المجتمع الدولي، وهو من حيث يدري أو لا يدري يخدم خصومه في هذا الأسلوب الذي وظف في حشد المجتمع الدولي بصورة غير مسبوقة ضد بلده... فالرئيس نجاد شكك في المحرقة ضد اليهود، وطالب بالقضاء على الكيان الصهيوني الإسرائيلي. ومن التصريحات المثيرة للاستغراب والتساؤل ما صرح به الرئيس الإيراني أثناء الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان في يوليو 2006، حين قال «إن إيران سترد بقسوة حيال أي هجوم يستهدف سورية»! أما لبنان والموجود فيه حليف إيران «حزب الله» فلا بأس من مهاجمته وتدميره... من دون أن ترد إيران! وما فتئ الرئيس نجاد يردد تصريحات لا تتفق مع مقدرة إيران في مواجهة المجتمع الدولي قائلاً «كونوا على ثقة بأننا _ يقصد إيران لن نتراجع قيد أنملة عن حقوقنا الشرعية في المجال النووي»! ويأتي هذا التصريح في الوقت الذي كانت تمضي فيه نشاطات بعثة الوكالة الدولية للطاقة الذرية مع السلطات المختصة العليا في إيران بسلاسة وحكمة، وتحقق تقدماً باتجاه الانفراج، وبإشادة متحفظة من الدكتور محمد البرادعي مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

ثم تأتي المفاجأة الأخرى من الرئيس نجاد بالتصريح الاستفزازي التالي «إن إيران تمكنت من تركيب ثلاثة آلاف جهاز طرد مركزي تستخدم في تخصيب اليورانيوم! وأنه يجري تركيب المزيد منها أسبوعياً في إطار البرنامج النووي»، ويضيف الرئيس نجاد أن «القوى العالمية تعتقد أنه مع صدور كل قرار سوف تتراجع الأمة الإيرانية عن موقفها، ولكن الأمة الإيرانية تقدم بعد كل قرار إنجازاً نووياً آخر»، ثم ما لبث أن أعلن نجاد أن «إيران انضمت الى قائمة الدول القادرة على إنتاج الوقود النووي»! وقد أثارت تصريحات الرئيس الإيراني ردود فعل غاضبة في المجتمع الدولي، في أنه لا يمكن الاطمئنان على ما تدعيه إيران من أن برنامجها النووي مخصص للأغراض السلمية، ذلك أن مخالفات كثيرة سجلت في السابق على طهران، ومثل هذه التصريحات تعزز الشكوك بشكل جدي في نوايا إيران النووية، بينما استمرت بعض الأوساط في واشنطن وبعض العواصم الأوروبية في تشديد لهجتها إزاء الجمهورية الإيرانية.

وأخيراً في الوقت الذي تعاني الإدارة الأميركية ضغوط الكونغرس لتحديد موعد لانسحاب قواتها من العراق... يطل علينا فخامة الرئيس بتصريحه «باستعداد إيران لملء فراغ خروج القوات الأميركية من العراق...»! وكأنه بهذا التصريح يقدم المبرر للحكومة الأميركية في بقاء قواتها في العراق...، في الوقت الذي يتطلع فيه الشعب العراقي الى ان يُترك ليتدبر أمره بنفسه، بعيداً عن التدخلات الأجنبية، لاسيما الإيرانية، علها تكون بداية مقبولة لعلاقات حسن جوار طيبة.

فخامة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد الموقر، نربأ بفخامتكم عن أن تنتهجوا أسلوب وزير إعلام النظام العراقي البائد المدعو محمد سعيد الصحاف، الذي جر الويل والدمار للجار الشقيق العراق، وأن تراعوا في أن تصب تصريحاتكم نحو المزيد من استقرار المنطقة بعيداً عن التصعيد والتوتر والمواجهة... فالمنطقة مدججة بالسلاح والبارود... ولا نريد أن تكون تصريحاتكم مصدر الشرار.

back to top