من الأكثر تضحية في العائلة؟ الرجل أم المرأة؟
نساء يرفعن شعار «أُِّضحي من أجل زوجي». أخريات يرين في ذلك تفريطاً في حقوقهّن لأن التضحية تتبعها سلسلة من التنازلات. لكن ثمة من يؤمن بأن العلاقة السوية بين الرجل وزوجته تكاملية تستدعي تقُّبل كل طرف الاَخر وبالتالي التضحية من أجله فليس شرطاً أن تضحي المرأة وحدها أو العكس. لا يمكن أن يسير مركب الحياة الزوجية من دون تقديم تضحيات من الطرفين. ترى كيف ينظر الأزواج إلى هذه القضية؟ هذا ما نعرفه في سياق التحقيق الآتي.
«المرأة هي المرادف لمعنى التضحية». ذاك ما عَّبرت عنه كريمة طه بعد رحلة زواج استمرت 30 عاماً ضحت خلالها بالكثير من أجل زوجها وأبنائها. تقول: «تزوجت وعقدت العزم على تحقيق السعادة, لكني لم أستطع تحقيق ذلك في ظل زوج أناني يرى أن المرأة دوماً من يضحي ولا تنتظر المقابل. لذا تركت التعليم بعد إنجاب طفلي الأول وتحملت عِشرة زوج لا تطاق الحياة معه لعصبيته وأنانيته وبخله الشديد. تحملت الضرب والإهانات وضحيت بكرامتي من أجل أبنائي. الحمد لله حصدت ثمن تضحيتي لأبنائي فبينهم الضابط والمهندس والطبيب. ليست التضحيات كلها بلا ثمن».رفض مبدأ التضحيةمن ناحيتها، ترفض لمياء الشيخ كلمة «تضحية»: «الحياة أدوار فالرجل هو رب الأسرة المكلف بالإنفاق على الزوجة والأسرة. ذاك لا يعني أنه يُضحِّي. كنت أعمل بعد تخرجي في الجامعة مباشرة ولم تكن لديَّ مسؤوليات, لكن بعد الزواج اخترت بإرادتي أن أتفرغ لبيتي ولم أجد أي غضاضة في ذلك. لم أعتبر الأمر تضحية. أعترف الآن بأنني أشعر بملل بعدما كبرت ابنتي وذهبت إلى المدرسة فقررت العودة إلى العمل وسأجتهد قدر الإمكان في التوفيق بين بيتي وعملي». زوجة أنانيةللرجل وجهة نظره في هذه القضية. يرى أن الرجل أيضاً يضحي. يقول مدحت عبد الجواد: «ارتبطت بامرأة أنانية قبل 10 سنوات. لم تر في حياتها إلا العمل والمادة. لم تعرف معنى التضحية ولا التنازل. كانت تهيئ الظروف لتحقيق ما تصبو إليه. ضحت بي وبطفلنا الذي تركته للخادمة لتلهث خلف العمل والمادة».في المقابل، يرى أحمد عبد الهادي الموشك على الزواج «أن الحياة الزوجية تضحية متبادلة كي تستقيم الحياة بين الطرفين. من غير العدل أن يستغل طرف عطاء الطرف الآخر وتضحيته». يعترف أحمد بأن المرأة هي في أحيان كثيرة الأكثر تضحية، لكن في المقابل لا بد من أن يعي الزوج أن المرأة مخلوق رقيق في حاجة دائمة إلى الحب والحنان. ولأن تضحيات المرأة تفوق تضحيات الرجل ومعاناتها أكبر مع الأبناء فإن على الرجل أن يمنحها المقابل المعنوي من غير أن تطلبه». عطاء أم تَفضُّل؟نجلاء محفوظ استشارية أسرية ترى «أن التضحية قيمة إنسانية رائعة. معناها أن يتنازل الفرد عن شئ ما طوعاً لإرضاء نفسه وإسعاد الآخرين, بعيداً عن الذاتية والأنانية. من يضحي لا ينتظر في العادة مقابلاً, أو على الأقل يكون المقابل المنتظر معنوياً. الحب في الحياة الزوجية أساس استمرار العلاقة بين الزوجين، من شأنه أن يفرض نوعاً من التضحيات. وإذا كانت المرأة العربية أكثر ميلاً إلى تقديم التضحيات لنفسها للبيت والزوج فإنها تفعل بمحض إرادتها, رغم إحساس بعض النساء أحيانا بالمرارة والقسوة من جراء التضحية, إلا أنهن راضيات في قرارة أنفسهن خاصة أن المرأة بطبيعتها معطاء. لكن على المرأة أن تدرك الحد الفاصل بين العطاء والتفضل فحين تعطي المرأة وتضحي يجب ألا تشعر بأنها تتفضل بعطائها هذا على الزوج والأبناء إذ تفعل ذلك اختيارياً».