الصراع الديموقراطي للأفكار ينتج الحياة الكريمة

نشر في 02-09-2007 | 00:00
آخر تحديث 02-09-2007 | 00:00
 د. بدر الديحاني

الصراع الديموقراطي للأفكار والرؤى بين البشر، هو الذي يدفع بتطور المجتمعات وينتج الحياة الكريمة. فالاختلاف الديموقراطي السلمي هو السمة الخلاقة للمجتمعات البشرية، فليس هنالك سكون في حياة البشر لأن السكون يعني الموت، والمجتمعات الساكنة هي المجتمعات الميتة.

يلاحظ المتابع لبعض ما يكتب في الصحافة المحلية وما يتم تداوله في المنتديات الإلكترونية الشبابية، أن هنالك نظرة تشاؤمية تجاه مستقبل الكويت.

كما يستطيع المتابع أن يستنتج من خلال ما يقرؤه في الصحافة والمنتديات أن هنالك استياءً من النقاشات السياسية التي قد تبدو حادة أحيانا سواء داخل مجلس الأمة أو في الندوات العامة أو حتى في الدواوين. وبمجرد أن نقرأ كتابات صحفية لاتجاهات مختلفة ومتعارضة أحياناً، تنتقد بعضها بعضا، سنرى بعضهم ينبري للتهجم على الديموقراطية والدستور.

بالطبع، هناك تذمر واستياء شعبي مبرر من التعديات المستمرة على الحريات العامة والشخصية ومن سرقات الأموال العامة، ولكنه يختلف عما نلمسه من تذمر، يُبالغ فيه أحيانا، من الصراع الديموقراطي للأفكار والرؤى السياسية.

إن الصراع الديموقراطي للأفكار والرؤى بين البشر، هو الذي يدفع بتطور المجتمعات وينتج الحياة الكريمة. فالاختلاف الديموقراطي السلمي هو السمة الخلاقة للمجتمعات البشرية، فليس هنالك سكون في حياة البشر لأن السكون يعني الموت، والمجتمعات الساكنة هي المجتمعات الميتة، فالشعوب الواعية هي التي يكون صراعها الفكري الاجتماعي والسياسي بصورة ديموقراطية علنية وشفافة، وإن بدا حاداً في بعض الأحيان. وخير مثال على ذلك ما يجري من نقاشات حامية وحية ومباشرة داخل المجتمعات الأوروبية على الأصعدة جميعها وفي وسائل الإعلام كلها المرئي منها والمسموع، والتي يخيل لمن يراها من الخارج ويجهل أسسها وقواعدها، أنها مجتمعات منقسمة على نفسها ومتخلفة، ولكن العكس هو الصحيح.

والمجتمع الكويتي ليس استثناءً من هذه القاعدة، فإن كنا نتحاور ونختلف بشفافية عالية ضمن إطار الدستور ومن خلال القوانين والقواعد الديموقراطية، فإن ذلك دليل حيوية وجدية في السعي إلى الوصول إلى مستقبل مزدهر لوطننا. على أنه من المهم التأكيد أنه رغم ما يبرز أحياناً من سلبيات كبيرة، فإن هنالك نجاحات كثيرة لعناصر وطنية مميزة ومؤسسات كويتية رائدة في القطاعات الاقتصادية جميعها، كما أن هناك بشائر تطور نوعي في وعي الشباب الكويتي بشكل عام تجاه القضايا الوطنية.

هل معنى ذلك أن كل شيء على ما يرام في الكويت وما علينا سوى انتظار المستقبل؟ بالطبع لا، ولا كبيرة أيضا، فهنالك تحديات تنموية كبيرة تواجهها الكويت وتحتاج إلى عمل جاد ودؤوب، كما أن هناك صراعاً دائماً بين قوى التقدم والإصلاح والتنمية والتمسك بالدستور وتطويره إلى الأفضل من جهة، وبين قوى التخلف والفساد والانقلاب على الدستور من جهة أخرى. ومع أن الكفة قد تميل أحيانا إلى مصلحة قوى التخلف والفساد، فإن التاريخ يبين لنا أن المجتمعات الحية تتقدم للأمام، وإن بدا أن هذا التقدم شديد البطء أحياناً.

على أنه، من حسن حظنا أن هنالك مقومات صلبة لبناء وطننا الديموقراطي أهمها؛ استقرار نظامنا السياسي المستند إلى دستور 1962، ووحدتنا الوطنية، والقدرات المالية «الحالية» للدولة، وصغر حجم دولتنا وتميز موقعها الجغرافي المطل على الخليج، وبالطبع وجود الشباب الوطني الواعي.

لذلك، فإن الصراع الديموقراطي للأفكار الذي تتميز به الكويت عن محيطها الإقليمي، هو ميزة وليس نقيصة والمطلوب استثماره لبناء الكويت الديموقراطية... كويت المستقبل.

back to top