افتتاحية : حزمة وأد الحريات

نشر في 09-04-2008 | 00:00
آخر تحديث 09-04-2008 | 00:00
غريبة إجراءات الحكومة، ومشاريع مراسيم الضرورة التي دعت إليها... غريبة في توقيتها مثلما هي أغرب في مضامينها، وما تحتويه من بنود واشتراطات تصب في نهاية الأمر في خانة وأد الحريات وتقليصها وتشريع «حق» الحكومة في الانقضاض عليها.

بدأ الأمر بما سمي تنظيم المرئي والمسموع بحزمة من القرارات التي تقيد حريات الإعلام الخاص خارج قانون المرئي والمسموع... والآن بقانون التجمعات الذي وصل إلى حد تحديد الموضوعات التي يبحثها الناس في دواوينهم.

غريبة تلك الخطوات التي تتزامن مع ما يسميه رئيس الوزراء دائماً بالعرس الديموقراطي... وكأنهم يريدونه عرساً بلا طقوس ولا بشر ولا فرح... وقرارات المرئي والمسموع ليست إلا تقليصاً للحريات التي نادى بها سمو رئيس الوزراء في الملتقى الإعلامي العربي حين نادى أمام كل وسائل الاعلام بمزيد من الحريات.

رئيس الوزراء ينادي بأشياء وحكومته تقرر وتشرع ما يتناقض معها... كيف نفسر هذا بغير القول بأن وراء الأكمة ما وراءها...!

قانون التجمعات، أو الطامة الكبرى، قانون لا يحمل من الصفات الدستورية شيئاً يؤهله لأن يكون قانونا، وهو بالمعنى السياسي أقرب إلى حكم عرفي.

بالله عليكم كيف نفسر موقف حكومة لا تحترم حكماً من أعلى سلطة قضائية في البلاد... وهو حكم المحكمة الدستورية التي أقرت في مايو 2006 بعدم دستورية قانون التجمعات لعام 1979، وألغت كل بنوده تقريباً لتأتي بقانون ضرورة أسوأ من ذاك الذي ألغته المحكمة الدستورية.

الحكومة التي تضرب عرض الحائط بحكم أساسي من أحكام المحكمة الدستورية، وتقر قانوناً تغلب فيه صفة التعسف على التنظيم، والحكومة التي أصبح من أولى صفاتها تناقض أقوالها مع أفعالها، حكومة تعمل لمشروع أكبر هو مشروع «وأد الحريات»، تحت ذريعة التشريع وبغطاء القانون وبحجة الضرورة... أي ضرورة تلك التي لا تبقي احتراماً لحكم من أحكام المحكمة الدستورية ولا لبنود الدستور ومعانيه.

وتبقى حجة الحاجة الى قانون للتجمعات لمنع الفرعيات حجة واهية، لأننا جميعاً نعرف «البئر وغطاه»، ونعرف كيف تستطيع الحكومة مواجهتها من خلال القانون الذي يجرمها، وليس من خلال قانون يجرم حق الناس في الاجتماع والالتقاء.

ما يحدث هو حزمة لاجراءات قد يكون مستهدفاً منها التضييق على المرشحين... وهو تضييق على الممارسة الديموقراطية مثلما هو تضييق لمساحات الحرية وتقليص لهوامشها.

إن كانت تلك الحزمة إجراءات اتخذتها الحكومة بقناعتها وبإرادتها، فَلِمَ يصر رئيسها على المناداة والدعوة إلى مزيد من الديموقراطية؟، ولماذا يصف الممارسة الديموقراطية بالعرس؟.

لكننا كما يبدو أمام من هو أقوى أو أكثر تأثيراً، ومن ملّ «العرسَ الديموقراطي»، فيريد لهذا الشعب «مأتماً» جديداً للديموقراطية... وهنا الكارثة!

الجريدة

back to top