شريفه الذي اعتقل قاتل الفلبينية يروي لـ الجريدة قصة الجريمة وزير الداخلية أصر على مقابلتي وتكريمي

نشر في 09-11-2007 | 00:00
آخر تحديث 09-11-2007 | 00:00

تامر يوسف شريفه، المولود في الكويت، عمره 25 عاماً، وجد نفسه وجهاً لوجه أمام جريمة قتل بشعة، لكنه تصرف بطريقة شجاعة قادته إلى اعتقال الجاني بنفسه، ويروي لـ«الجريدة» في هذا اللقاء الحصري الواقعة التي جعلت وزير الداخلية يطلب مقابلته وتكريمه.

لم يدر بخلد تامر يوسف شريفه أن يكون شاهداً على جريمة قتل، بل أهم أطرافها، بما انه الشاهد الأساسي والرجل الذي اعتقل الجاني، معرضا حياته للخطر، لكنه عبر بعفوية خالصة عن إنسانيته وشجاعته، ليحظى بدعم معنوي عزز من ثقته بنفسه، وتقدير مميز من وزارة الداخلية عبر عنه وزير الداخلية الشيخ جابر الخالد، الذي أصر على لقائه شخصيا وتقديم الشكر والامتنان لهذا الرجل النبيل.

* كيف بدأت القصة؟

- يوم الثلاثاء الموافق 30 أكتوبر الماضي في منطقة السالمية عندما عدت الى منزلي اثناء توجهي الى المصعد، وجدت رجلا وفتاة تبين أنهما من الجنسية الفلبينية، لاحظت انهما متوجهان الى المصعد ذاته، فانتظرتهما من باب الذوق، لكن عند وصولهما توقفا أمام المصعد ولم يصعدا، فطلبت منهما الصعود لكن الرجل لم يرد عليّ وسألته «أتريد الصعود؟»، لكنه قال NO، ردت عليه الفتاة بالانكليزية قائلة «لم لا، الى أين نحن متجهون الى أي طابق؟»، فأجابها باللغة الفلبينية بكلام لم أفهمه، فذهبا وصعدت الى شقتي وتركتهم وشأنهم.

دخلت منزلي وتوجهت الى غرفتي لابدل ملابسي، بعد دقيقتين بالضبط، سمعت صراخا عاليا جدا، فتوقعت أن ثمة أمرا خطيرا وقع، فهرعت حافي القدمين، ونزلت عبر الدرج الى حيث مصدر الصوت، وأثناء نزولي وجدت في منتصف الدرج دما كثيفا، يمتد الى الطابق الثاني، وكان هناك رجل وبيده سكينا وأسفل منه فتاة كان يطعنها، وفي منتصف السلم وقعت عيناي بعين الشخص، فقفزت عليه وضربت يده التي تمسك السكين برجلي فوقع السكين منها، حاول الهرب فأمسكت به لكنه قاومني بإلقاء حقيبة كمبيوتر شخصي «لاب توب» كانت بيده، هرب فلحقته ولم أوقع به، لانه كان خفيفا في الركض وهرب من قبضتي، وتركته إلى حال سبيله لألحق حياة الفتاة التي لا أعرف ما مصيرها، مادام معي دليل ربما يقود رجال الشرطة الى الجاني.

عندما عدت الى الفتاة وجدتها متوفاة، وكان بها عدة طعنات لم اعلم عددها، ووجدت الجيران يتحلقون حولها وقد أبلغوا عنها غرفة عمليات وزارة الداخلية، فصعدت الى بيتي لأشاهد أهلي وأطمئن عليهم، فشاهدت الشارع العام من نافذة غرفتي لافاجأ بوجود القاتل يحوم حول العمارة، وعرفت أنه محتار في أمره لا يعرف أين يتجه، فأبلغت الجيران عنه وهرعت اليه، وكان بمعيتي جاري الاستاذ عادل، وعندما شاهدنا حاول الهرب، غير أننا تمكنا من ضبطه مقابل حديقة السالمية، فأبلغنا عنه الشرطة، وأحيل الى مخفر السالمية للتحقيق، وتبين أنه فلبيني.

* ما شعورك عندما شاهدتهما أول مرة؟

- لم أشك في أي شيء، بدأ الأمر طبيعيا، ولم يبد على الرجل ما يدل على أنه بصدد قتل السيدة.

* وكيف شعرت عندما شاهدت جريمة قتل تحصل أمام عينيك؟

حينما شاهدتها لم يكن في مخيلتي سوى أنهما الشخصان اللذان رأيتهما قبل قليل، وتذكرت قول الفتاة للرجل «لم لا نصعد والى أي طابق نحن ذاهبون»، فرد عليها باللغة الفلبينية كلاما لم أفهمه، ولم اتوقع يوما أن أرى جريمة قتل تقع أمام عيني، كان الموقف غريبا ومؤلما.

* كيف استطعت التعامل مع الواقعة والجاني في يده آلة القتل، ألم تخف أن يقتلك؟

- بعد أن رأيت الدم يخرج منها والسكين بيده لم يكن في تفكيري سوى تحرير الفتاة من جناية هذا المجرم، من دون التفكير في ما سيقع عليّ من ضرر. وشعرت بأن الأمر مقدر ومفروض وحدث كل شيء بسرعة، وكان رد فعلي عفويا.

* كيف كانت ردة فعل رجال الشرطة والمسؤولين تجاهك عندما واجهتهم أول مرة؟

- كان الجميع يقولون لي عبارة كأنهم متفقون عليها «كفو، ما شاء الله عليك، الله يبارك فيك، وما فعلته مو شوية».

وأتذكر أن وكيل وزارة الداخلية لشؤون الامن الجنائي اللواء غازي العمر حضر الى مخفر السالمية وقال لي «أنت مواطن شريف، وما فعلته مقدر لك في ميزان أعمالك، وأي شيء نعمله لك لا يكفيك، ويجب علينا أن نكافئك، وأنت فخر للكويت وللبنان» وكانت عندي هذه الكلمات بمنزلة شيء كبير، وامتنان لا يقدر بثمن، لان الانسان يخرج من هذه الدنيا بالكلمة الطيبة والتقدير والاحترام، والذي يبين أن الناس حفظت حق هذا العمل، والرد بالشكر في حد ذاته يعطي حافزا كبيرا لسائر الناس للقيام بمثل هذه الاعمال.

* كيف كان لقاؤك مع وزير الداخلية الشيخ جابر الخالد؟

كان رائعا، وقال لي تحديدا «أصررت أن اقابلك بنفسي، دماؤنا ودماء اللبنانيين انصهرت في الغزو، واعتبر أن الوزير والعاملين في الوزارة أصدقاؤك، وكل ما تريده منفذ»... وكرموني بهدية كريمة، هذا الشكر والامتنان يعنيان لي الكثير، وفخور جدا بلقاء الوزير.

* كيف كانت ردة فعل الجيران والاصدقاء تجاهك بعدها؟

كانت ردود افعال جميلة تعبر عن امتنانهم واعتزازهم بالعملية التي قمت بها، وكان رفاقي يجلبون لي دائما الصحف اليومية لأقرأ ما يكتب عن القضية، ظلوا يدعموني وقالوا لي «أنت خليتنا نعرف ماذا نعمل في مثل هذه المواقف»... وأود القول ان الانسان لا يعرف ثقته بنفسه الا بعد أن يقع في مواقف مثل هذه، رغم انني لم أتمكن من إنقاذ الضحية لان الأمر بيد الله عز وجل وليس بيدي، وعلى أي حال أود أن اشكر وزارة الداخلية ووزيرها وجميع العاملين فيها، نظير ما قاموا به من أجلي، وما فعلوه معي من تكريم وتقدير واحتفاء يعزز بالتأكيد معنويات الناس للقيام بمثل هذه الاعمال.

back to top