إيران... تمجيد معاوية... أدب الإطراء

نشر في 05-02-2008 | 00:00
آخر تحديث 05-02-2008 | 00:00
 عبدالكريم السيد عبداللطيف الغربللي

من المعروف عن الشعب الكويتي البساطة والصدق بالطرح لذلك فهو لا يجيد التكلف ولا ممارسة الإطراء، لكن ما بدا واضحاً من خلال المقابلات والمقالات في وسائل الإعلام المختلفة أخيراً، أن بعضهم مارس التملق إلى درجة الابتذال، وهو يتقمص دور المحلل النفسي في مدح وتحليل وشرح الابتسامات والإيماءات وعمق المعاني في المختصر من الكلمات!

إيران:

على عكس ما قد يبدو الوضع عليه في منطقة الخليج العربي من أنه يميل إلى الاستقرار، فإن حقيقة الوضع يمكن تقييمه من خلال النظر في الحقائق التالية: الحشود العسكرية لقوات المجتمع الدولي في حوض الخليج العربي مازالت موجودة وتقوم بمناورات إحماء مستمرة على الحدود الدولية المتاخمة لإيران، على الرغم من تقرير أجهزة الاستخبارات الأميركية التي قللت من شأن تقدم إيران في مجال برنامجها النووي العسكري؛ وإعلان الكيان الصهيوني عن إطلاق القمر الصناعي التجسسي المسمى «تكسار» المتطور الذي سيتمكن بفضل تقنياته العالية من التقاط الصور في الليل وفي ظروف جوية سيئة أي في ظل الأحوال الجوية كافة، ولم يكتفِ مسؤولو الدفاع في الكيان الصهيوني عن كشف النقاب عن إطلاق هذا القمر ذي الطابع السري، بل أردفوا بأن هذا القمر سوف يوجه إلى إيران!!؛ كما قام الكيان الصهيوني بتجربة صواريخ أرض أرض بعيدة المدى دقيقة التوجيه عبر الأقمار الصناعية، وأخيراً يؤجل إيهود باراك قائد المعارضة في الكيان الصهيوني انسحابه من حكومة إيهود أولمرت المترنحة بحجة أن هناك عملاً يجب أن يُنجز... في إشارة منه إلى التصدي لتداعيات أزمة ملف البرنامج النووي الإيراني؛ بعد ذلك تكتمل الصورة غير المريحة بتصريحات فخامة الرئيس الإيراني بأن بلاده تقترب مما أسماها الذروة في برنامجها النووي!! في وقت تستعد فيه الدول الخمس الكبرى إضافة إلى ألمانيا لاستصدار قرار جديد من مجلس الأمن الدولي بالعقوبات على طهران، إذن نحن نعيش الهدوء الذي يسبق العاصفة، ولا نجد مبرراً لإصرار النظام في الجارة إيران على مواجهة المجتمع الدولي وزج بلاده والمنطقة في أتون حرب اقتصادية وربما عسكرية غير متكافئة... والله عز وجل لا يكلف نفساً إلا وسعها.

تمجيد معاوية:

امتعض المصلون في مسجد الخلف بمنطقة القادسية، من خطيب الجمعة الذي قام في معرض مدحه وتمجيده لمعاوية بن أبي سفيان بعقد مقارنة تفضيلية بينه وبين عمر بن عبدالعزيز، حيث قام الخطيب بتلك المقارنة العجيبة التوقيت والاختيار ولم يكن موفقاً في طريقة طرحة المتشنجة، ولا بزج اسم الصحابي وحشي بالموضوع!! وحتى يُصان محراب رسول الله، صلى الله عليه وعلى آله وسلم، من الفكر المتطرف على الجهات المختصة مراقبة ومراجعة خطبة الخطيب والتأكد من خلوها من الفكر المتشدد. فتمجيد معاوية هذا لم يكن بمحض المصادفة، بل يلاحظ نشر أكثر من مقاله تحمل المعنى نفسه وبالتوقيت نفسه، بل إن أحد الكتاب لم يتردد بختم مقالته بما يفيد أنها رسالة موجهة إلى طائفة تمارس شعائرها الخاصة في شهر محرم الحرام من كل عام، أي أن خطبة القادسية وهذه المقالات- التي كما يبدو أنهم ينتمون إلى جمعية دينية ترعى الفكر الوهابي- تأتي في سياق حملة منظمة إذا ما تُركت من دون التصدي لها بالحزم والحكمة فقد تغرق سفينة أمن واستقرار الوطن في بحر الفتنة التي قد لا تصيب الذين ظلموا خاصة.

المقال يعبر عن رأي الكاتب، أما الخطبة فتحسب على وزارة الأوقاف، وخير ما يمكن أن يقال «للجميع» في هذا الباب قول الله عز وجل «تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ وَلاَ تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ» صدق الله العظيم.

أدب الإطراء:

الإطراء أو المدح الصادق والمقبول هو الذي يمارس بين الرذيلتين، تماشياً مع الحكمة القائلة «الفضيلة وسط بين الرذيلتين»، فالشجاعة فضيلة عندما تزيد تصبح تهوراً وعندما تنقص تصبح جبناً، والكرم عندما يزيد يصبح إسرافا وعندما ينقص يصبح بخلاً، وكذلك هي فضيلة الإطراء عندما يبالغ فيها تصبح تملقاً وبالعامية «عجاف» وعندما تنقص تكون قلة لباقة، ومن المعروف عن الشعب الكويتي البساطة والصدق بالطرح لذلك فهو لا يجيد التكلف ولا ممارسة الإطراء، لكن بدا واضحاً من خلال المقابلات والمقالات في وسائل الإعلام المختلفة أخيراً، أن بعضهم مارس التملق إلى درجة الابتذال، وهو يتقمص دور المحلل النفسي في مدح وتحليل وشرح الابتسامات والإيماءات وعمق المعاني في المختصر من الكلمات! ورحم الله شاعر الكويت الشعبي فهد بورسلي الذي توقع هذا الحال عندما قال:

«ما نبي النفط ومعاشه

صرنا للعالم طماشه...

دار يعيش ابها الغريب منعم

وتعيش فيها أم احمد العچّافه...

أسف على الطيب تردى حاله...

ولا الردي ما من عليه احسافه»...

وسلامتكم.

back to top