وأد الديموقراطية

نشر في 07-04-2008
آخر تحديث 07-04-2008 | 00:00
 نايف الأزيمع

لا أحد ينكر الحق للناس بالاحتجاج، والتجمع، والتظاهر للمطالبة بحقوقهم ولكن بأسلوب ديموقراطي وحضاري وتحت سقف الدستور، لكن أن يكون التحرك موجهاً ضد تطبيق القانون، وللحط من هيبة الدولة كراعية لهذا القانون، وساهرة على تطبيقه، فهو بلا شك تعدٍّ صارخ على الدستور الذي ارتضيناه وأيدناه وحميناه.

من حيث يعلمون أو لا يعلمون، هم جميعاً يتآمرون ويعملون لوأد الديموقراطية،

والغريب أنهم كلهم اجتمعوا أخيراً ليعزفوا سمفونية النهاية لديموقراطية يتباكون عليها!

بدأوها في التأبين، وما تلاه من تجمعات أمام «أمن الدولة»، وأنهوها بنفس الأسلوب بالفرعيات، والتظاهر أمام المباحث الجنائية! والطرفان رغم ما يبدو من تضادهما، فإنهما اجتمعا أخيراً للإعلان عن تضامنهما، واتحادهما للنيل من هيبة الدولة والقانون.

بعض الشيعة تضامنوا مع الموقوفين في قضية التأبين، وهذا من حقهم، إلا أنهم عبروا عن هذا الحق بأسلوب تصادمي بدا للوهلة الأولى أنه مواجهة سافرة لسلطة الدولة والقانون. وخُطّ بذلك السطر الأول للتحدي والمواجهة. ومع الإقرار بأن أجهزة الأمن قد شطت في تعاملها وأسلوبها مع الموقوفين، كطريقة إلقاء القبض على بعضهم، كما أثار الدهشة قرار النيابة العامة باستمرار توقيف من سلم نفسه طواعية ومن دون ضبط أو إحضار. وكلا الأمرين منتقد ومدان ومرفوض، لكن الهوجة التي بدت في رد الفعل المقابل كانت أيضاً خارج المألوف، وأسلوباً جديداً يراد تدشينه بيننا.

ومن الجهة المقابلة جاء بعض أبناء القبائل ليعملوا بدورهم أيضاً، ضد الدولة والقانون! فالدعوة والعمل من أجل الانتخابات الفرعية جريمة تستحق المساءلة بل العقاب. لكنهم، أيضاً تجمهروا وتظاهروا وتصدوا لرجال الأمن وضد إحلال القانون!

وعندما تفعل الدولة سلطاتها القضائية، وأجهزتها الأمنية لتطبيق القوانين، وإيقاف المخالفين، والتحقيق معهم، ومن ثم تترك الأمر للقضاء العادل، فلا تثريب عليها ولا هم يحزنون.

لا أحد ينكر الحق للناس بالاحتجاج، والتجمع، والتظاهر للمطالبة بحقوقهم ولكن بأسلوب ديموقراطي وحضاري وتحت سقف الدستور، لكن أن يكون التحرك موجهاً ضد تطبيق القانون، وللحط من هيبة الدولة كراعية لهذا القانون، وساهرة على تطبيقه، فهو بلا شك تعدٍّ صارخ على الدستور الذي ارتضيناه وأيدناه وحميناه، فهذا ما لايقبله عقل، ولا يرضاه عاقل، وهنا يتضح الخطأ وتظهر الخطيئة، من أين شرب الطرفان حليب السباع؟! وهل ثمة ضرع واحد يرضع الجميع؟! فكيف اجتمع الأضداد؟ وهل توحدت المرجعيات؟! الطرفان وجهان لعملة واحدة، فهما ضد القانون وسيادته، وهما ضد الدولة وهيبتها، وهما قطعاً -ومن دون شك- ضد الدستور والديموقراطية.

أهلنا الشيعة جميعهم ضد التبعية للخارج، ومع الانتماء إلى الوطن، وقد مارسوا هذا الانتماء الوطني الحقيقي في تصديهم للغزو، وفي بطولاتهم ضد المحتل، وأهلنا من القبائل كلهم سياج هذا الوطن، وقد عمّدوا انتماءهم الوطني بدماء أبنائهم في كل معارك الكويت حتى التحرير.

فهل من دافع عن أرضه، ومن ضحّى لأجل بلاده، ومن بذل دمه وماله وولده في سبيل استعادة وطنه واسترجاع حريته وسيادته، هل يمكن أن يقف هذا البطل الصامد المقاوم ضد وطنه الحر السيد المستقل؟ وللنيل من هيبته وسيادته؟!

بالطبع، وبالتأكيد، كلا وألف كلا... لكنها السياسة والمصالح تتقاذف الناس يميناً ويساراً، حتى لم يعد المرء يفقه أين هو الصواب، وحيث لا يجد الباحث عن الحقيقة أي جواب!

رعاك الله أيها الوطن الغالي، ورعى أبناءك المخلصين، ورعى الحق فيك وفيهم... لتتعزز وحدتنا الوطنية، ولترتفع رايات الحرية، ولتبقى الديموقراطية هي الوسيلة، وليظل الدستور هو المرجع والحكم.

back to top