عفواً قريش!

نشر في 18-08-2007
آخر تحديث 18-08-2007 | 00:00
 نايف الأزيمع

أصبح برنامج العائلة الكويتية وجدول حياتها: رحلة الصيف... وتميزت بذلك عن قريش، حيث لاشتاء، بل «بزتها» وتفوقت عليها، حيث الرحلة بلاقوافل ولاتجارة... إنما هي رحلة للمتعة والاصطياف.

«يا شين جو بلادنا شيناه

حر وسموم وطوز ورطوبه

لكن ربينا فيه وآلفناه

نصبر على رمضاه مع شوبه

حب الوطن ياعارف معناه

روح بسوق الموت مجلوبه» *

خطرت على بالي هذه القصيده التي تتغنى بالوطن مع صعوبة وقساوة جوه، وكنت أتابع أخبار مصطافينا الكويتيين ما بين العواصف والفيضانات، والحرائق والبراكين... هذه حالهم في أوروبا وأميركا وحتى جنوب آسيا وشرقها!!

الحق على الانحباس الحراري... هكذا يقول العلماء، والمسؤول عن هذا الانحباس هم البشر، أي نحن، باختراعاتنا، وأسلوب حياتنا، وإسرافنا المبالغ فيه ضد البيئة وضدنا بمداخن معاملنا، وعوادم سياراتنا، ونفايات مصانعنا، ومخلفات معاملنا الكيماوية، وبقايا موادنا الاستهلاكية.

حسناً، نعترف ونقر، بل «نبصم بالعشرة»، أن كل ما سبق صحيح... لكن يبقى السؤال لماذا هذا الهروب؟ ولماذا هذه الهجرة الصيفية؟ والغريب أن كثيراً من الكويتيين يسافرون إلى شواطئ البحر الأبيض المتوسط... حيث درجة الحرارة لا تقل كثيراً عن بلادنا... وحيث الشواطئ لا تزيد جمالا عن شواطئنا... وحيث الرمال لا تضاهي نقاوة سواحلنا... وحيث كل مقارنة للجو، والنظافة، والهدوء، والأمان هي قطعا لمصلحتنا!

إذا... لماذا، ولم، وعلام يهرع الكويتيون كل صيف، القادرون والمستدينون، إلى خارج الديرة؟ يتباهون بذكريات السفر، ويتلذذون بأحاديث الاصطياف!

كأنما أصبحت عادة... وباتت ضرورة في بداية، ونهاية كل صيف! أصبح برنامج العائلة الكويتية وجدول حياتها: رحلة الصيف... وتميزت بذلك عن قريش، حيث لا شتاء، بل «بزتها» وتفوقت عليها، حيث الرحلة بلاقوافل ولاتجارة... إنما هي رحلة للمتعة والاصطياف.

حنانيك قريش... غضي الطرف، واخفضي الصوت، واغفري!

كل ما تقدم، جاء كرجع الصدى لحديث صديق عزيز حط رحاله في بلاد الإنكليز لقضاء الصيف، بعد أن تعذرت عليه مصايف لبنان المفجوعة بغدر الدخلاء، والمكلومة بقوافل الشهداء، والموءودة بخطاب الزعماء.

ففتح «الإسلام»، وعملاء «النظام»، وهرطقة «الكلام» ثلاثية الموت، تغتال الفرح، وتخنق البسمة، وتنشر الخصام... لكن طائر الفينيق سيخرج من تحت الركام، وسيبقى لبنان كما هو دوما لحن حب، ورمز مجد، وساحة وئام.

صديقي العزيز رد على مكالمة هاتفية كان المتحدث يشتكي من قساوة جو الكويت هذه الأيام... وعندما استرسل وأطنب بالشكوى... قال له صاحبي: «يا معوَد» اعطونا الحر والطوز والرطوبة، وخذوا منا المطر والعواصف والفيضانات... وكان صادقا!

وهاتفني صديق آخر من اليونان يندب حظه العاثر الذي أوقعه في «جهنم»!! وتحدثت مع زميل تعود قضاء الصيف مع زوجته السلوفاكية في بلدها... فإذا به يشتم ويلعن «بالعربي» قساوة وحرارة الجو حيث هو!! وبالطبع لن استرسل عن «ربعنا» الميسورين في شمال أميركا، ولا أهلنا «المساكين» في جنوب آسيا وشرقها... الله لايوريكم!!

* أبيات الشعر للشاعر المرحوم حمد الأزيمع  يرجى الرجوع إلى أعلى الصفحة كما يعلمنا الحاسوب...

back to top