ما يجمع الشامي بالمغربي

نشر في 24-02-2008
آخر تحديث 24-02-2008 | 00:00
 نايف الأزيمع

هزات التطرف والغلو، ورياح الطائفية والقبلية، وغبار الفتنة والرجعية، والدعوات اللادستورية كلها، هي مؤشرات للخطر قبل دق الناقوس، وهي ضوء أصفر يسبق الأحمر، يدعونا إلى التمهل والحذر والحيطة قبل التوقف!

أمطرنا الفنان المغربي المبدع أحمد السنوسي بعبارات جديدة مثل: «وزراء الإعدام العرب»، و«جلالة الرئيس»، و«المانعة العربية»، و«الجمهوراثية»، و«ثروة حتى النصر»... وجاءت هذه المصطلحات الساخرة في أثناء تناوله للأوضاع العربية الراهنة. وتعليقاً على قرار وزراء الإعلام العرب الأخير بمراقبة البث الفضائي.

والسنوسي الممنوع من مزاولة عمله المسرحي في وطنه المغرب منذ ثمانية عشر عاماً، لم يستسلم، بل حمل همه الوطني والعربي، ومارس دوره الرائد وعطاءه الإبداعي خارج حدود وطنه، وغنّى للحرية والديموقراطية والمستقبل.

وإذا كان الفن الساخر وسيلة من وسائل الإبداع والتعبير، فهو بلا شك سلاح فعال ومؤثر من أسلحة الرفض والمجابهة... فعندما تُكمم الأفواه، وتُقمع الحريات، وتفتح السجون، فأساليب النضال كلها مشروعة ومشرعة.

ولذا فإن الأنظمة العاقلة والحكومات المستنيرة تنأى بنفسها وبشعوبها عن الظلم والاضطهاد ومصادرة الحريات، وهي تعلم بلا أدنى شك أن القمع يعني بالمقابل النزول تحت الأرض، وهي تعي بلا جدال أن الضغط يولد الانفجار.

وعليه، فنحن في الكويت نحمد الله، مثنى وثلاث وألف مرة، أننا ننعم بهامش كبير من الحرية، ونتفيأ بظلال واسعة للأمن والأمان... فحرية التعبير متاحة ومكفولة، حتى الآن، ومعتقلو الرأي لاوجود لهم في سجوننا، وزوار الفجر لا نعرفهم إلا في الأفلام، ودواويننا وصحفنا صورة صادقة لممارستنا الديموقراطية الراسخة.

فها هي الكويت، بدأت بالاختيار الديموقراطي للشعب منذ التأسيس، وتجذر هذا الاختيار -رغم العثرات- ببنيان راسخ للديموقراطية.

الشعب اختار الحاكم، والحاكم استند إلى الشعب... فلاسيف، ولاخنجر، ولا دبابة... إذا ما اشتد الخلاف -على قلّته- وإذا ما ادلهمت الخطوب، فإن حامينا -بعد الله- هو دستورنا الذي ارتضيناه، حكاماً ومحكومين... وما من مرة عدنا فيها إلى حكم الدستور فخذلنا، ولتكن لنا في تجربة الغزو الغاشم، ومبايعة جدّة، مثالاً نحتذيه، وأسلوباً نطبقه، وطريقاً نسير عليه.

هزات التطرف والغلو، ورياح الطائفية والقبلية، وغبار الفتنة والرجعية، وكل الدعوات اللادستورية، هي مؤشرات للخطر قبل دق الناقوس، وهي ضوء أصفر يسبق الأحمر، يدعونا إلى التمهل والحذر والحيطة قبل التوقف!

ما الرابط بين السخرية والجدية؟! وما الجامع بين الفن والسياسة؟! وما علاقة السنوسي المغربي بالواقع الكويتي؟!

أسئلة قد تطرأ لدى بعضنا... لكن الإجابة تؤكد أنها مرتبطة ومجتمعة وذات علاقة وطيدة!!

انطلقوا من سخرية السنوسي القاتلة، وعودوا إلى سماء بلادنا القاتمة... فستبدأون بفرصة للابتسامة، وستنتهون بغيمة من الأسى... وما بينهما، وما قبلهما، وما بعدهما، ستطلبون لكم ولنا الرحمة.

back to top