زرقاء اليمامة: حسينية في ألمانيا 2 - 2

نشر في 07-12-2007
آخر تحديث 07-12-2007 | 00:00
 الجوهرة القويضي ذهبنا إلى الحسينية في ألمانيا، والتقيت بالداعية زوجة السيد التي كانت في قمة اللطف والجميع أيضاً، طلبت منها أن تقرأ عليّ وترقيني فلم تمانع. جلستُ في مكان يكتظ بالنساء وهنَّ يلبسن السواد، وأرى نفسي وإذا بي ذلك اليوم من دون قصد ألبس عباءة مخملية بلون «التايغر»، وأيضاً ما يلف رأسي فشعرت بالحرج، ولكن رحّبن بي.

مضت الحالة، وبدأت الندوة من السيد بدائرة تلفزيونية مغلقة، بحيث كان الرجال في مكان والنساء في مكان آخر، وأخذ يتكلم عن رحلة الحسين وكربلاء وكان حديثه مؤثراً جداً ويبكي، والنساء يبكين ويُغشّيهن السواد بعباءات تغطي الوجوه، وصرتُ أبكي معهن إيحاءً، وتذكّرت مقولة «بعض النساء وجوههن جميلة ويصيرن أجمل عندما يبكينا»!

أبكي لأنني أود الرحيل وتُهلكُني غربة الشتاء... فلم أبكِ لرحيل أحد، بل أبكي على غربتي، وبعدها أخذ النسوة يشكّلن دائرة وينشدْن ويضربْن الصدور، وفي تلك الأثناء كنت مندهشةً كل الدهشة لأنني لم أدخل حسينية في حياتي، ولم أتعرف على ما بداخلها من قبل.

انتهت شعائرهن، وفرشْن المائدة بالأطعمة المختلفة، ودعونني إلى المائدة، وجلستُ، فقالت إحداهن: أتريدين أن تلتقي بمَن تحبين؟ تذوّقي خبز العباس وأنذري له قلت: ماذا أنذر قالت: انذري إن يتحقق مُرادك توزعي للعباس كل شهر محرم. قلت: أها، نعم... صرت مندهشة أكثر... أجد عالَما غير عالمي.. منطق غير منطقي لم أناقش لم أجادل، بل قلت: نعم... كم هو لذيذ خبز العباس.

وكنت قد جلبت «صينية حلو» صنعتها اخترعتها بطريقة تلقائية عبارة عن التمر الخلاص والمكسرات والشيكولاته والبسكويت... كانت عجيبة ولذيذة، والجميع سألني عن المقادير برغم أنني لا أتبع المقادير ولا التصنيف، كل شيء تلقائي ووليد اللحظة، فتطابقت في حالتي «الحاجة أم الاختراع».

وفي أثناء مغادرتي رأيت الطباخين ومجموعة كبيرة من الناس مهتمين بذلك الموعد الشعائري الديني، وكانت طقوسا غريبة بالنسبة إلي رغم قراءتي عن المذهب وشعائره، إنما الوجود في الحالة نفسها مختلف تماماً، ووصلت إلى سكني يحتويني الصمت. وعندما رجعت إلى الكويت قالت لي إحداهن عندما حكيت لها ما صار لي! وهل ستوزعين خبر العباس هذا العام بناء على قول السيدة حتى تتحقق أمنيتك؟ قلت لها: وهل أنا تمنيت أصلاً في وقتها؟ فعندما أتمنى أدعو الله بحالة سجود وخشوع وأسأله ألا يعيد عليّ غربة الشتاء، فالشتاء غربة والصيف فرحة... ونظل نحترم إخواننا في مختلف مذاهبهم... وسيكون القادم حتماً أجمل.

back to top