هل اجتاحت العادات الغربية موائدنا الرمضانية

نشر في 21-09-2007 | 00:00
آخر تحديث 21-09-2007 | 00:00

رمضان شهر الخيرات والنعم. في الكويت يتميز هذا الشهر بعادات وتقاليد جميلة يحرص الكويتيون على توارثها جيلاً بعد جيل. لهذا الشهر نكهة خاصة وعطر فريد يملأ البيوت الكويتية بمجرد حلوله. فما أجمل هذا الشهر بعباداته وروحانياته التي جعلت له طابعاً خاصاً في قلوب المسلمين. تحرص خلاله ربات البيوت على إعداد الأطباق التقليدية الشهية بهمة ونشاط يزدادان شيئاً فشيئاً كلما اقترب موعد مدفع الإفطار، ناهيك بـ « الغبقات» العامرة التي تجمع كل العائلة حولها. يبقى السؤال: هل ما زال أبناؤنا حريصين على عاداتنا الجميلة؟ هل ما زالت تستهويهم «لقيمات» أمنا العودة وتشريب أم خالد اللذيذة، تلك الأخيرة التي تحرص أشد الحرص على استعادة الصحون الخاصة بها بعد أن نتناول أطباقها الشهية؟ أم أن التمدن ونمط الحياة السريع اجتاحا موائدنا الرمضانية لتحل مكانها عادات غريبة عن هذا الشهر الكريم؟

«الجريدة» التقت مجموعة من ربات البيوت والأبناء لمعرفة آرائهم في هذا الموضوع.

تقول أم مبارك (موظفة، 42 عاماً) متأسفة على ما آلت إليه موائد الشهر الكريم: «ينتظر المسلمون شهر رمضان الكريم بفارغ الصبر. يتقربون فيه إلى الله عز وجل بالدعاء والعبادة والرجاء. يتميز هذا الشهر بموائد عامرة وأطباق تقليدية ذات قيمة غذائية عالية تحرص ربات البيوت على إعدادها كالجريش والهريس والمرقوق، لكن الجيل الحالي لا تستهويه، للأسف، هذه الأكلات التقليدية إذ تحلّ مكانها أكلات غربية لا تجيدها ربات البيوت وتصبح موائدنا الرمضانية من دون هوية». تضيف: «يحرص أبنائي على تناول «التشريب» و«المجبوس» فهما أساسيان في وجبة الفطور، أما «اللقيمات» فهي ضرورية بلا منازع. أمّا بناتي والأطفال فلهم ذوق بعيد تماماً عن أطباقنا التقليدية. يفضلون الستيكات والمعجنات. أستنزف كل طاقتي لإرضاء الجميع».

انتهزت أم عبد الله (موظفة، 45 عاماً) فرصة لقائنا بها لتهنئ الأمة الإسلامية بحلول شهر رمضان الكريم أعاده الله علينا وعلى الجميع باليمن والبركات. تقول: «سابقاً كان لهذا الشهر طابع خاص وأثر كبير في قلوبنا كمسلمين. كان يحرص الجميع على زيارة الأهل والأرحام والتجمع مع الأصدقاء بعد صلاة العشاء لخلق جو اجتماعي مترابط. تلاشت اليوم هذه العادات لتحل مكانها عادات غربية لا تمت إلينا نحن الشرقيين بصلة. أما في ما يخص موائدنا الرمضانية فحدث بلا حرج. أصبحت كوجبات الفنادق. لم يعد هذا الجيل يقبل على أطباقنا التقليدية بل على الأكلات الغربية وربة المنزل مجبرة على إعدادها لإرضاء الجميع ناهيك بالتذمر في حال لم تجد المسكينة إعداد أحدها».

توافق أم مشعل (موظفة، 35 عاماً) أم عبدالله وأم مبارك الرأي قائلة: «أنتظر شهر رمضان بفارغ الصبر. إنه شهر العبادات والطاعات والتقرب إلى الله عز وجل، لكن للأسف تغيرت نكهة هذا الشهر. اختفت الألفة التي عهدناها سابقاً بين أبناء المجتمع الكويتي. أحرص جاهدة على غرس تلك العادات والتقاليد التي ألفناها منذ الصغر في أبنائي من دون فائدة. من المؤسف أنهم لا يحرصون على زيارة الأهل وبالأخص «البيت العود» ولا يشاركونني في إعداد الطعام ولا يجلسون مع والدهم للاستماع إلى قصصه وأحاديثه الشائقة المليئة بالعبر. «أبنائي لهم ذوق خاص في الأكل فهم يفضلون الأطباق الغربية على التقليدية، ما يجعلني مشتتة الذهن، منهكة القوى في إعداد الكويتية والغربية في آن».

أمّا أم أحمد (ربة منزل، 41 عاماً) فتقول: «يتميز شهر رمضان بالترابط والتآخي. تحل فيه الرحمة في قلوب المسلمين. سابقاً كانت لهذا الشهر عادات خاصة جميلة مثل «قريش» و{الغبقات» والجمعة مع الأهل في بيت العائلة. اندثرت اليوم هذه العادات مخلفة كماً هائلاً من العادات الغربية التي لا تليق بشهر الرحمة والتراحم. نجد بعض أبناء الجيل الحالي يستقبل شهر رمضان كسائر الأشهر الأخرى على خلاف الجيل السابق الذي كان ينتظر هذا الشهر بفارغ الصبر لممارسة العادات التقليدية الجميلة مثل «القرقيعان» والعشر الأواخر من الشهر وليلة عيد الفطر السعيد». تؤكد أم أحمد أن الأمر موضة في أيامنا هذه فالأبناء يفضلون تناول الفطور في المطاعم مع أصدقائهم، ما جعل رمضان اليوم بعيداً تماماً عما كان عليه في السابق.

 إرضاء جميع الأذواق

يبيّن ما سبق آراء الأمهات، لكن ماذا عن وجهة نظر الأبناء أيضاً.

يقول سالم خلف (موظف، 23 عاماً): «ما يميز شهر رمضان جمعة الأهل والأطباق الكويتية التقليدية الشهية. أحرص على تناول الفطور مع الأهل أمّا السحور ففي «الدوانية» مع أصدقائي ولا أنسى أي فرض من فروض التعبد في هذا الشهر الفضيل. لا أجد فرقاً بين رمضان الماضي ورمضان اليوم. لله الحمد أنا وعائلتي محافظون على عاداتنا وتقاليدنا الأصيلة».

أمّا نوال محمد (طالبة، 21 عاماً) فتقول: «رمضان شهر العبادات والطاعات، وليس شهراً لتناول الطعام ومشاهدة التلفزيون. لا شك في أن تنوع الأصناف على الموائد الرمضانية شيء محبب لكن ليس إلى درجة الإسراف. بعض العائلات الكويتية يحرص على إعداد الكثير من الأصناف لإرضاء جميع الأذواق. الاعتدال ضروري بحيث لا نحرم أنفسنا من لذة الطعام من ناحية ولا نملأ المعدة بالطعام من ناحية ثانية فنشعر بالخمول. شخصياً أفضل الأكلات التقليدية مثل «التشريب» و{الهريس» و{اللقيمات» على مائدة الإفطار عوضاً عن الأكلات الغربية».

«الجريدة» أيضاً متجراً لبيع الحلويات الشعبية لمعرفة إن كان الكويتيون يقبلون على هذه النوعية الشعبية.

يقول أحمد رزق (بائع في المتجر، 32 عاماً): «تقبل ربات البيوت بشدة على هذه النوعية من الحلويات الرمضانية مثل «اللقيمات» «والزلابية». بعض الأمهات لا يتقن صنعها فيفضل شرائها بدلاً من إعدادها في المنزل، أما العاملات فيفضلن شراءها جاهزة توفيراً للوقت والجهد. نادراً ما يرغب الجيل الحالي في شراء هذه النوعية من الحلويات الشعبية مفضلين شراء «الكرابيج» اللبنانية والكنافة النابلسية».

 الهريس: طبق شعبي كويتي يتكون من حبوب القمح واللحم والسكر والقرفة.

التشريب: طبق شعبي كويتي يتكون من خبز الخمير مضافاً إليه مرق اللحم.

اللقيمات: طبق شعبي كويتي شبيه بلقمة القاضي.

الجريش: عبارة عن حب لقيمي مجروش، مفيد للجسم لاحتوائه على كامل مكونات حبة القمح من بروتين ومعادن وفيتامينات ويحضر منه طبق الجريش الكويتي.

 

back to top