التيبت وسلام القبور

نشر في 26-03-2008
آخر تحديث 26-03-2008 | 00:00
 بروجيكت سنديكيت إن مجرد حث الحكومة الصينية على ممارسة «أقصى درجات ضبط النفس» في التعامل مع أهل التيبت، لا يوصف إلا برد الفعل الضعيف على أفضل تقدير، لذلك يتعين على المجتمع الدولي، بداية من الأمم المتحدة، إلى الاتحاد الأوروبي، ومنظمة دول جنوب شرق آسيا، أن تستخدم كل السبل الممكنة لتصعيد الضغوط على الحكومة الصينية.

إن الأحداث الجارية الآن في التيبت والأقاليم المجاورة لها تشكل مصدراً للانزعاج الشديد، كان تفريق إحدى مسيرات الاحتجاج السلمية التي نظمها رهبان التيبت، على نحو أدى إلى اندلاع موجة من الاضطرابات التي سارعت قوات الجيش والشرطة الصينية إلى إخمادها بكل وحشية، سبباً للاستياء والغضب في مختلف أنحاء العالم الديموقراطي.

إن رد السلطات الصينية على الاحتجاجات في التيبت يعيد إلى الأذهان أصداء الممارسات الدكتاتورية التي يتذكرها العديد منـّا منذ أيام ما قبل انهيار الشيوعية في وسط وشرق أوروبا في العام 1989: الرقابة الغليظة المشددة على أجهزة الإعلام المحلية، والتعتيم على تقارير المراسلين الأجانب في الصين، ورفض منح الصحافيين الأجانب تأشيرات الدخول إلى البلاد، وتحميل بطانة الدلاي لاما «المتآمرة»، وغيرها من «القوى الظلامية التي يتم تحريكها من الخارج»، المسؤولية عن الاضطرابات. الحقيقة أن اللغة التي يستخدمها بعض ممثلي الحكومة الصينية وأجهزة الإعلام الصينية الرسمية تذكرنا بأحلك فترات عصر ستالين وعصر ماو. بيد أن التطور الأعظم خطورة في هذا الموقف المؤسف يتلخص في المحاولة الجارية الآن لعزل التيبت عن بقية العالم.

فقد بات من الواضح، بينما نكتب هذا الآن، أن حكام الصين يحاولون أن يطمئنوا العالم إلى أن التيبت عادت إلى طبيعتها السابقة من السلام والسكينة و«الانسجام». ونحن جميعاً نعرف هذا النوع من السلام من واقع ما عايشناه في الماضي في بورما، وكوبا، وبيلاروسيا، وبضع دول أخرى إنه يدعى سلام القبور.

إن مجرد حث الحكومة الصينية على ممارسة «أقصى درجات ضبط النفس» في التعامل مع أهل التيبت، كما فعلت الحكومات في مختلف أنحاء العالم، لا يوصف إلا برد الفعل الضعيف على أفضل تقدير. يتعين على المجتمع الدولي، بداية من الأمم المتحدة، إلى الاتحاد الأوروبي، ومنظمة دول جنوب شرق آسيا، وغيرها من المنظمات الدولية، علاوة على دول العالم، كل منها على حدة، أن تستخدم كل السبل الممكنة لتصعيد الضغوط على الحكومة الصينية لإرغامها على:

- السماح لوسائل الإعلام الأجنبية، وبعثات تقصي الحقائق الدولية، بالدخول إلى التيبت والأقاليم المجاورة لها لتمكينها من التحقيق الموضوعي في الأحداث الجارية هناك.

- الإفراج عن هؤلاء الذين لم يرتكبوا ذنباً سوى ممارسة حقوقهم التي تكفلها لهم القوانين والمواثيق الدولية، والتي تضمن عدم تعرضهم للتعذيب أو إدانتهم في محاكمات غير عادلة.

- الدخول في حوار هادف مع ممثلي أهل التيبت.

إذا لم تذعن حكومة الصين لهذه الشروط فلابد من أن تعيد اللجنة الأولمبية الدولية النظر بجدية فيما إذا كان من الحكمة والعقل أن تسمح بانعقاد الألعاب الأولمبية هذا الصيف في بلد تضم أراضيه مقابر للسلام والمسالمين.

* فاسلاف هافيل رئيس جمهورية التشيك الأسبق، آندريه غلوكسمان فيلسوف فرنسي، يوهي ساساكاوا رجل خير ياباني، الحسن بن طلال رئيس منتدى الفكر العربي والرئيس الفخري للمؤتمر العالمي للأديان والسلام، فريدريك ويليم دي كليرك رئيس جمهورية جنوب أفريقيا الأسبق، كارل شوارزنبيرغ وزير خارجية جمهورية التشيك.

«بروجيكت سنديكيت» بالاتفاق مع «الجريدة»

back to top