مقلوبة

نشر في 15-08-2007
آخر تحديث 15-08-2007 | 00:00
 أحمد عيسى

انهالت علينا هذا الموسم فجأة قرارات مجلس الوزراء «السوبر»، ورغم أن ظاهر هذه القرارات يحمل رغبة صادقة بوضع الكويت في مصاف زميلاتها بالعالم المتقدم، فإن باطنها عكس تخبطاً وعشوائية يبين للمتابع مدى استهتار المؤسسة التنفيذية بآلية اتخاذ القرار.

يعتبر صيف 2007 من أفضل المواسم إنتاجية في تاريخ الكويت السياسي، إذ تمكن مجلس الوزراء من إصدار قرارات «سوبر ديلوكس» حلت كثيرا من قضايانا العالقة، وأثبتت حاجة الحكومة لفُسحة عمل بعيداً عن أجواء التوتر النيابية، حتى وإن ساهمت هي بخلقها!

قرارات مجلس الوزراء «السوبر» انهالت علينا هذا الموسم فجأة، فهو يريد وضع خطة تنموية للدولة تقوم على 165 أولوية قبل أكتوبر المقبل، وسيحل أزمة نقص الكهرباء، وسيعمل على حلحلة القضية الإسكانية، وسيحول الكويت إلى مركز مالي عالمي، وسيطور المطار، ثم سيبني سكة حديد تربط ميناء بوبيان بالدول المجاورة (رغم أن أساساته لم تحفر بعد)، وجميعها قرارات اتخذها مجلس الوزراء هذا الصيف بنصاب تراوح بين نصف وثلاثة أرباع أعضائه.

ورغم أن ظاهر هذه القرارات يحمل رغبة صادقة بوضع الكويت في مصاف زميلاتها بالعالم المتقدم، فان باطنها عكس تخبطاً وعشوائية بيَّن للمتابع مدى استهتار المؤسسة التنفيذية بآلية اتخاذ القرار ومقدار التزامها به، فمقدار الإنجاز لا يقارن أبداً بحجم التصريح.

فمجلس الوزراء رسّخ مفهوماً جديداً في تاريخ التعاطي بين السلطتين عنوانه «اللامبالاة السياسية» بهدف رفع الحرج عن الوزير غير القادر على مواجهة النواب من خلال رفع سقف المسؤولية، فكان أن أصدر قرارات تتعلق بصميم عمل الوزارات، فحول إدارة العلاج بالخارج من وزارة الصحة لتتبع له مباشرة، وألغى المكاتب الإعلامية الخارجية، وهذان القراران كانا بحاجة إلى ضبط من الوزير المعني أكثر منه تدخلاً من مجلس الوزراء بتضامن جميع أعضائه، ما يفتح المجال للتكهن بدستورية هذه القرارات، نظراً الى مخالفتها للمواد الدستورية 58 و101و130، التي تؤكد فحواها مسؤولية الوزير عن أعمال وزارته.

وختاماً، لابد من التأكيد على أن المواطن بانتظار تلمس إنجاز مجلس الوزراء بيديه، فثقته بهذه المؤسسة على المحك، ومتابعته لفحوى البيان الرسمي يومي السبت والأحد تؤكد أن قرارات الحكومة تُطبخ على نار هادئة، تماما كطبق «مقلوبة» شامية، يجمع في طياته الباذنجان على القرنبيط مع الأرز واللحم أو الدجاج، لتوضع على النار، وتقدم بالنهاية أمامه «مقلوبة» ... بالضبط كحال بلاده!

back to top